لَيْسَتْ فِي نِكَاحٍ وَلَا عِدَّةٍ مِنْ الْغَيْرِ.
وَعَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْلٌ بِخِلَافِهِ ثُمَّ إذَا قَلَّدَ الْقَائِلِينَ بِحِلِّ نِكَاحِهَا وَنَكَحَهَا فَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ الَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ نَعَمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا حُرْمَة لِحَمْلِ الزِّنَا وَلَوْ مُنِعَ الْوَطْءُ لِمَنْعِ النِّكَاحِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ مِنْ أَئِمَّتِنَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَدَاوُد رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتَدَلُّوا بِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَلَفْظُهُ «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ أَنْ يُسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا وَرَدَ لِلتَّنْفِيرِ عَنْ وَطْءِ الْمَسْبِيَّةِ الْحَامِلِ لِأَنَّ حَمَلَهَا مُحْتَرَمٌ فَحُرِّمَ الْوَطْءُ لِأَجْلِ احْتِرَامِهِ بِخِلَافِ حَمْلِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ تَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّهِ هُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا تُحُقِّقَ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَاَلَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الرُّويَانِيّ وَأَقَرَّاهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُعْطَى حُكْمُ الْحَمْلِ مِنْ الزِّنَا فِيمَا مَرَّ مِنْ نَحْوِ الْعِدَّةِ وَالنِّكَاحِ لَا فِي رَجْمِ أَمَةٍ أَوْ حَدِّهَا دَرْءًا لِلْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيّ بِأَنَّ الَّذِي فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمُ وَلَدِ الزِّنَا مُطْلَقًا لَكِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِمَا يُوَافِقُ الْأَوَّلَ فَقَالَ لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا حُبْلَى وَلَمْ يَدْعُهُ الْبَائِعُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ زِنًا لِأَنَّ سَفْحَ الْمَاءِ مُتَيَقَّنٌ وَالشُّبْهَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا فَيُحْكَمُ بِالْيَقِينِ دُونَ الشَّكِّ وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَقَعُ الِاسْتِبْرَاء بِوَضْعِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ خَطَبَ وَأُجِيبَ فَأَنْفَقَ ثُمَّ لَمْ يُزَوِّجُوهُ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا أَنْفَقَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُمْ رَجَعَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُهْدِ لَهُمْ إلَّا بِنَاءً عَلَى أَنْ يُزَوِّجُوهُ وَلَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ أَنْأَحْتُأَ بِالْهَمْزَةِ بَدَلَ الْكَافِ مِنْ أَنْكَحْتُك فَهَلْ يَصِحُّ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ فِي بَابِ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ إنْ قُلْنَا لَا يَنْعَقِدُ بِالْعَجَمِيَّةِ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَقِدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ صَحَّ لِإِصَابَةِ الْمَعْنَى.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا صُورَتُهُ لِامْرَأَةٍ أَخَوَانِ أَحَدُهُمَا طِفْلٌ فَأَرَادَ الْبَالِغُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَ كُفْءِ بِرِضَاهَا فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِالْجَوَازِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الصَّغِير لَيْسَ بِوَلِيٍّ حِينَئِذٍ فَلَا أَثَرَ لِوُجُودِهِ وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ.
(وَسُئِلَ) بِمَا صُورَتُهُ وَكَّلَ الْوَلِيُّ وَغَابَ فَهَلْ لِلْقَاضِي التَّزْوِيجُ مَعَ وُجُودِ الْوَكِيلِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَمَا فِي تَحْرِيرِ أَبِي زُرْعَة فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالنِّيَابَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ - هَلْ يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ أَمَةَ الْغَائِبِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِحَالٍ وَإِنَّمَا زَوَّجَ اللَّقِيطَةَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ كَمَا ذَكَرُوهُ وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ فِي مَالِ الْغَائِبِ فِعْلُ الْأَصْلَحِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّزْوِيجَ لَيْسَ أَصْلَحَ وَإِنَّمَا جَازَ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُ أَمَةِ مَحْجُورِهِ لِأَنَّهُ يَلِي نِكَاحَهُ وَمَالَهُ وَالْقَاضِي لَا يَلِي نِكَاحَ الْغَائِبِ وَإِنْ وَلِيَ مَالَهُ عَلَى أَنَّ وِلَايَتَهُ لَيْسَتْ وِلَايَةً مُطْلَقَةً.
(وَسُئِلَ) هَلْ بَيْنَ الْعَدَالَةِ وَالْعِفَّةِ وَالصَّلَاحِ فَرْقٌ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا بِأَنَّ الْعِفَّةَ يُوصَفُ بِهَا نَحْوُ الْعَبْدِ دُونَ الْعَدَالَةِ أَعْنِي الْمُطْلَقَة وَإِلَّا فَكَثِيرًا مَا يُصَرِّحُونَ بِأَنَّهُ عَدْلُ رِوَايَةٍ وَهَذَا الْفَرْقُ لَا أَثَر لَهُ فِي الْأَحْكَام فَالْعِفَّةُ وَالْعَدَالَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الْمُشْتَرَطِ فِيهَا أَحَدُهُمَا سَوَاءٌ وَأَمَّا الصَّلَاحُ فَإِنَّهُ أَخَصُّ إذْ هُوَ الْقِيَامُ بِحُقُوقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحُقُوقِ الْعِبَادِ هَذَا إنْ أُرِيدُ بِالْحُقُوقِ مَا يَشْمَلُ الْمَنْدُوبَةَ أَيْضًا وَإِلَّا سَاوَاهُمَا.
(وَسُئِلَ) هَلْ يَلْزَمُ النِّكَاحُ بِالنَّذْرِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ حَيْثُ نُدِبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي بَاب النَّذْرِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ إذْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ فِي أَسْبَابِهِ إذْ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُهُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ أَشْرَفُ مِمَّنْ يَأْكُل مِنْ الصَّدَقَةِ فَهَلْ أَحَدُهُمَا كُفْءٌ لِلْآخَرِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عُرْفُ أَهْلِ بَلَدِ الزَّوْجَةِ الْمُطَّرِدَةِ إذْ الْأَفْضَلِيَّةُ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ وَالْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ يَنْظُرُونَ لِلْعُرْفِ أَكْثَرَ مِنْ نَظَرِهِمْ لِلْفَضَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ.