وَسُئِلَ) هَلْ يَتَزَوَّجُ الْأَخْرَسُ بِإِشَارَتِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ وَاحِدٍ تَزَوَّجَ بِهَا لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ وَالنِّكَاحُ مُمْتَنِعٌ بِهَا.
(وَسُئِلَ) عَنْ الْخَرْسَاءِ الَّتِي لَا إشَارَةَ لَهَا مُفْهِمَةٌ هَلْ تُزَوَّجُ كَالْمَجْنُونَةِ؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهَا تُزَوَّجُ مِثْلَ الْمَجْنُونَةِ وَلَهُ وَجْهٌ فَإِنْ قُلْت يُنَازِعُ فِيهِ أَنَّ الْمُزَوِّجَ لِلْمَجْنُونَةِ هُوَ وَلِيُّ الْمَالِ وَالنِّكَاحِ وَالْخَرْسَاءُ لَا وَلِيَّ لَهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا قُلْت عِلَّةُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْمَجْنُونَةِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الشَّفَقَةِ الْحَامِلَةِ عَلَى مُرَاعَاةِ الْحَظّ وَالْمَصْلَحَةِ مَا أَمْكَنَ وَمِنْ ثَمَّ وَلِيَا الْمَالَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا وَأُلْحِقَ بِهِمَا السُّلْطَانُ لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ وَأَمَّا كَوْنُ الْمَجْنُونَةِ مَحْجُورًا عَلَيْهَا فِي الْمَالِ وَالْخَرْسَاءُ غَيْرُ مَحْجُورِ عَلَيْهَا فَلَا دَخْلَ لَهُ فِي جَوَازِ إنْكَاحِ تِلْكَ وَامْتِنَاعِ إنْكَاحِ هَذِهِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَيْنِ فِي بَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ أَلْحَقَا الْأَخْرَسَ الَّذِي لَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ بِالْمَجْنُونِ فِي سَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ وَهُوَ نَصٌّ فِيمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(وَسُئِلَ) بِمَا صُورَته لَوْ عَضَلَ لِعُذْرٍ كَمَالِكِيٍّ لَا يَرَى نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ وَنَحْوِهِ مَنْ يُزَوِّجُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حَيْثُ امْتَنَعَ بَعْدَ سُؤَالِ الْحَاكِمِ لَهُ زَوَّجَ الْحَاكِمُ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَى الْعَضْلِ عَدَمُ غَلَبَةِ الطَّاعَاتِ عَلَى الْمَعَاصِي فَحِينَئِذٍ يُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بِالنِّسْبَةِ إلَى تَزْوِيج الْقَاضِي أَوْ الْأَبْعَدِ بَيْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ بِعُذْرٍ أَمْ لَا وَإِنْ أَفَادَهُ الْعُذْرُ عَدَمَ الْإِثْمِ بِالِامْتِنَاعِ.
(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ غَيْبَةً طَوِيلَةً وَخَافَ الْعَنَتَ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا هَلْ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً وَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَنْكِح أَمَةً فَغَابَ عَنْهَا كَذَلِكَ يَنْكِحُ ثَالِثَةً وَرَابِعَةً أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهَذِهِ قَدْ يُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ لَنَا حُرٌّ يَنْكِحُ أَرْبَعَ إمَاءٍ وَإِذَا جُمِعْنَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَتَفَسَّخ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.
(وَسُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْجَدِّ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِمُوَلِّيَتِهِ فِي النِّكَاحِ أَنْ يَأْتِيَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي بِالْوَاوِ وَهَلْ يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ وَلَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُ الْبَيْعِ بِالنِّكَاحِ فِي ذَلِكَ وَالْفَرْقُ وَعَدَمُ الْفَرْقِ أَوْجُهٌ إذْ وَجْهُ الِاشْتِرَاطِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِرَابِطٍ مِنْ كَلَامِهِ حَتَّى لَا يَحْصُلُ بَيْنهمَا انْفِصَالٌ يَأْتِي فِي الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ لَا يَنْهَضُ هُنَا.
(وَسُئِلَ) بِمَا صُورَتُهُ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ أَنْ يُزَوِّجَهَا إذَا حَلَّتْ فَهَلْ يَصِحُّ الْإِذْنُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَصِحُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ قَبْلَ خَلْعِهَا أَنْ يُعِيدَهَا بَعْدَ الْخَلْعِ مِنْ زَوْجِهَا وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْعِصْمَةَ هُنَا بَاقِيَةٌ فَكَانَ الْمَانِعُ أَعْلَى وَمَا لَوْ أُذِنَ لَهُ أَنْ يُزَوَّجَ أَمَةً أَوْ مَجُوسِيَّةً فَوَجَدَتْ فِيهِ شُرُوطَ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَأَسْلَمَتْ الْمَجُوسِيَّةُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ يُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ لَيْسَتْ قَرَابَةً قَرِيبَةَ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ بِتَزَوُّجِ عَلِيٍّ بِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَجَابَ الشَّمْسُ الْبِرْمَاوِيُّ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ قَرَابَةً قَرِيبَة إذْ هِيَ الَّتِي أَوَّلُ دَرَجَاتِ الْحِلِّ كَبِنْتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ بِخِلَافِ الَّتِي فِي ثَانِي دَرَجَاتِهِ فَإِنَّهَا بَعِيدَةٌ كَفَاطِمَة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَإِنَّهَا بِنْتُ ابْنِ عَمِّ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَرُدُّ عَلَيْهِ تَزْوِيجُ زَيْنَبَ بِأَبِي الْعَاصِي بْنِ الرَّبِيعِ وَهُوَ ابْنُ خَالِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَحْكَامَ لَمْ تَكُنْ حِينَئِذٍ قَدْ اشْتَهَرَتْ بِدَلِيلِ أَنَّ أَبَا الْعَاصِي لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا حِينَئِذٍ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَ قَبْل الْوَطْءِ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَفْسُدَ النِّكَاحُ فَلَا تَرِثُ مِنْهُ وَلَا مَهْرَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَأَنْكَرَتْ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ فَرَّقَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ بَيْنَ تَصْدِيقِ السَّيِّدِ إذَا قَالَ كَاتَبْتُك وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ وَعُرِفَ سَبْقُ مَا ادَّعَاهُ وَعَدَمُ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ إذَا زَوَّجَ بِنْتَه ثُمَّ قَالَ كُنْت مَجْنُونًا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيَّ يَوْمَ صَدَقَهَا وَإِنْ عُهِدَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي النِّكَاحِ تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِهِ وَقَضِيَّة هَذَا الْفَرْقِ تَصْدِيقُ الزَّوْجَةِ فِي صُورَةِ السُّؤَال دُونَ الْوَرَثَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَوَاخِرَ النِّكَاحِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ عَدَمِ مَجِيءِ الْخِلَافِ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَنْكِحَةِ الِاحْتِيَاطُ لَهَا وَعَقْدُهَا بِشُرُوطِهَا وَبِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَغَيْرِهِمْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ وُقُوعَهُ فَاسِدًا كَثِيرٌ اهـ لَكِنَّ فِي الْأَنْوَارِ آخِرُ الدَّعَاوَى عَنْ الْقَاضِي