للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْضًا مُسْتَقِلًّا لِأَنَّ هَذَا التَّقَدُّمَ وَالنَّقْلَ فِي عَادَاتِ الْحَيْضِ كَثِيرٌ فَقَوِيَ عَلَى تَقَدُّمِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَصَارَ لِاتِّصَالِهِ بِهَا كَأَنَّهُ هِيَ فَلِذَا حَكَمُوا عَلَى الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ بِأَنَّهَا حَيْضٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ بِخِلَافِ الْمَرْئِيِّ بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ دَمُ فَسَادٍ عَلَى مَا مَرَّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي التَّقَطُّعِ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ دَمَانِ فَدَمُ أَقْرَبِهِمَا إلَى أَوَّلِ الْعَادَةِ وَلَيْسَ مَلْحَظُهُ إلَّا مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ مَا قَرُبَ إلَيْهَا كَانَ إلَى كَوْنِهِ حَيْضًا أَقْرَبَ مِنْ الْأَبْعَدِ عَنْهَا لِكَثْرَةِ تَنَقُّلِهَا فِي الْقُرْبِ وَنُدْرَتِهِ فِي الْبُعْدِ فَإِنْ قُلْت هَذَا الْفَرْقُ ظَاهِرٌ لَكِنْ هَلْ لِكَوْنِ الْخِلَافِ فِي الْأَوَّلِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ. وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهَيْنِ مُدْرَكٌ يُنَاطُ بِهِ قُلْت نَعَمْ لِذَلِكَ مُدْرَكٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فَأَمَّا مُدْرَكُ الْأَصَحِّ فِيهِمَا فَقَدْ تَقَرَّرَ وَأَمَّا مُدْرَكُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْأُولَى فَهُوَ أَنَّ ثَانِيَهَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ الْحَيْضِ كَمَا نَظَرَ إلَيْهِ الْأَصَحُّ وَأُبْقِيَ طُهْرُهَا عَلَى حَالِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ وَثَالِثُهَا عَمِلَ بِقَضِيَّةِ الْإِمْكَانِ وَالْعَادَةِ فَجَعَلَ الْعَشَرَةَ حَيْضًا وَأَبْقَى طُهْرَهَا عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ وَثَالِثُهَا عَمِلَ بِقَضِيَّةِ الْإِمْكَانِ وَالْعَادَةِ فَجَعَلَ الْعَشَرَةَ حَيْضًا وَأَبْقَى الطُّهْرَ عَلَى حَالِهِ لِمَا ذُكِرَ وَالرَّابِعُ قَدَّمَ الْعَادَةَ عَلَى الدَّمِ الْعَائِدِ قَبْلَهَا لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ وَنَظَرَ فِي الطُّهْرِ.

إلَى مَا نَظَرَ إلَيْهِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَأَمَّا مُدْرَكُ الْوَجْهِ الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ أَنَّهُ نَظَرَ لِمُجَرَّدِ إمْكَانِ الْحَيْضِ وَلِعَدَمِ اتِّصَالِ الْعَادَةِ بِهِ انْتَفَى الثَّالِثُ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْحَيْضَ عَشَرَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْرِ نَظِيرُ الثَّانِي هَذَا مِنْ بَقَاءِ الطُّهْرِ بِحَالِهِ لِإِمْكَانِهِ ثُمَّ لِأَنَّهُ إذَا حَيَّضَهَا الْخَمْسَةَ الْأَخِيرَةَ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ التَّالِي لَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ طُهْرًا فَلَمْ يَقُلْ بِالتَّنَقُّلِ فِيهِ لِإِمْكَانِ بَقَائِهِ عَلَى أَصْلِهِ إذْ لَا مُعَارِضَ لَهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَأَمَّا هُنَا فَلَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ مَنْ يُحَيِّضُهَا مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّمِ يَرَى أَنَّهَا يَوْمُ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ طَاهِرَةٌ فَانْتَسَخَ الطُّهْرُ الْأَوَّلُ بِكَوْنِ بَعْضِهِ. صَارَ لِهَذَا الْحَيْضِ الطَّارِئِ وَإِذَا زَالَ مِنْهُ لِهَذَا الطَّارِئِ خَمْسَةٌ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا عِشْرُونَ فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجْرِ قَوْلٌ بِأَنَّ حَيْضَهَا خَمْسَةٌ مِنْ الدَّمِ الْعَائِدِ وَطُهْرَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ كَمَا جَرَى نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْأُولَى لِمَا عَلِمْت مِنْ بَقَاءِ الطُّهْرِ، ثُمَّ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فَنَظَرَ الثَّانِي إلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ تَقَدُّمَ الْحَيْضِ يَسْتَلْزِمُ نَقْصَ الطُّهْرِ وَأَمَّا هُنَا فَلَمْ يَبْقَ عَلَى أَصْلِهِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ لَهُ فَلَمْ يَجْرِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْخَمْسَةَ مِنْ الدَّمِ الْعَائِدِ حَيْضٌ خِلَافٌ فِي الطُّهْرِ لِذَلِكَ الْمُعَارِضِ الَّذِي قَدَّمْته فَعُلِمَ أَنَّ الرَّابِعَ وَالثَّانِيَ فِي تِلْكَ لَا يُمْكِنُ جَرَيَانُهُمَا هُنَا وَأَنَّ لِإِجْرَائِهِمْ ثَمَّ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ وَهُنَا وَجْهَيْنِ فَقَطْ مُدْرَكًا ظَاهِرًا عُثِرَ عَلَيْهِ كَمَا قَبِلَهُ الْفِكْرُ الْفَاتِرُ الْقَاصِرُ لَكِنْ بِعَوْنِ الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ الْقَادِرِ وَكَيْفَ لَا وَمُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا بَلْ وَلَا أَشَارُوا لِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْته فِي هَذَا الْمَقَامِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى غَايَةٍ مِنْ فَرْطِ الْخَفَاءِ وَالتَّنَاقُضِ الظَّاهِرِ بِبَادِئِ الرَّأْيِ إلَى أَنْ صَارَ مَضَلَّةً لِلْأَفْهَامِ وَمَزَلَّةً لِلْأَقْدَامِ فَاعْتَنِ بِتَحْرِيرِهِ لِتَسْلَمَ مِنْ وَصْمَةِ الْحَيْرَةِ وَالتَّوَقُّفِ عِنْدَ تَقْرِيرِهِ فَإِنْ قُلْت هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْعَائِدَ حَيْضٌ لِوُقُوعِهِ فِي زَمَنِ الْإِمْكَانِ أَيْضًا وَلَا نَظَرَ إلَى ذَلِكَ الْفَرْقِ

لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ تَعَسُّفٍ وَتَمَحُّلٍ قُلْت نَعَمْ يُمْكِنُ ذَلِكَ بَلْ يُتَّجَهُ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ صَرِيحًا وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمْعٍ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاعْتِمَادِهِ بَلْ أَشَارَ إلَى نَوْعٍ تَبْرَأَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَشَيْخِهِ وَغَيْرِهِمَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ حَكَى مُقَابِلَهُ أَنَّ الْعَائِدَ حَيْضٌ وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالَ فِيهِ كَالرَّافِعِيِّ قُبَيْلَهَا إنَّهُ الْأَصَحُّ وَيَكُونُ النَّوَوِيُّ إنَّمَا تَرَكَ الِاعْتِرَاضَ عَلَى مَا حَكَاهُ فِي تِلْكَ لِلْعِلْمِ بِضَعْفِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ كَالرَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ قِيلَ تِلْكَ انْتَهَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ بِلَفْظِهَا إلَّا بَعْضَ تَغْيِيرٍ بِبَسْطٍ فِي آخِرِهَا.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ رَأَتْ الْخَمْسَ الْمُعْتَادَةَ ثُمَّ نَقَاءً خَمْسَةَ عَشَرَ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ صُورَةُ الْفُورَانِيِّ وَمَنْ مَعَهُ الْمَذْكُورَةُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا صُورَتُهُمْ الْمَذْكُورَةُ فِيهِمَا مَا دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُ الْمَجْمُوعِ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ رَأَتْ أَيْ: مَنْ عَادَتُهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ عِشْرِينَ حُمْرَةً، ثُمَّ خَمْسَةً سَوَادًا ثُمَّ أَطْبَقَتْ الْحُمْرَةُ فَقَالَ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ الْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْ أَوَّلِ الْأَحْمَرِ عَلَى عَادَتِهَا وَأَيَّامُ السَّوَادِ حَيْضٌ آخَرُ وَمَا بَيْنَهُمَا طُهْرٌ قَالُوا وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَجْرَى الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ فِيهَا خِلَافًا اهـ.

الْمَقْصُودُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>