الْإِمَامَ وَمِنْ ثَمَرَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ النَّفَقَةِ إلَيْهِ فَلَوْ قَالَ كُلٌّ مَعِي كَفَى وَلَوْ أَعْطَاهُ نَفَقَةً، أَوْ كِسْوَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُمَلِّكَهَا لِغَيْرِهِ وَمُؤْنَة خَادِمِ الْقَرِيبِ كَمُؤْنَتِهِ فِيمَا ذُكِرَ نَعَمْ لَوْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ مُدَّةً لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ عِوَضً عَنْ الْخِدْمَةِ وَالْخِدْمَةُ قَدْ اُسْتُوْفِيَتْ فَوَجَبَ مُقَابِلُهَا بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهَا مَحْضُ مُوَاسَاةٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَهَذَا الْفَرَعُ مِنْ النَّوَادِرِ لِأَنَّ التَّابِعَ فِيهِ زَادَ عَلَى الْمَتْبُوعِ وَعَلَى الْأُمِّ إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ
وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ وَلَا يَقْوَى غَالِبًا إلَّا بِهِ وَهُوَ اللَّبَنُ النَّازِلُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ وَالْأَوْجَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ إرْضَاعِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ إنْ وَجَدَ غَيْرَهَا وَلَهَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِنْ أَبِيهِ وَلَوْ لِلِبَإٍ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةُ نَعَمْ إنْ وَجَدَ مُتَبَرِّعَةً، أَوْ مَنْ تَرْضَى بِأَقَلَّ مِنْهَا جَازَ لَهُ نَزْعُهُ مِنْهَا وَهَذِهِ الْأُجْرَةُ تَجِبُ فِي مَالِ الطِّفْلِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَعَلَى الْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ ثُمَّ الْأُمِّ كَالنَّفَقَةِ وَلَا تُزَادُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِلْإِرْضَاعِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَعَلَى الْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ ثُمَّ الْأُمِّ كَالنَّفَقَةِ وَلَا تَزْدَادُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ لِلْإِرْضَاعِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ وَإِنْ أَخَذَتْ الْأُجْرَةَ نَعَمْ عِنْدَ أَخْذِهَا تَسْقُط نَفَقَتُهَا إنْ نَقَصَ الِاسْتِمْتَاعُ بِإِرْضَاعِهَا وَإِلَّا فَلَا وَمُؤْنَة الْحَضَانَةِ فِي مَالِ نَحْوِ الطِّفْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى الْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ ثُمَّ الْأُمِّ كَالنَّفَقَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَسْبَابِ الْكِفَايَةِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْهُ الْجَوَابُ عَنْ تَرْدِيدَاتِ السَّائِلِ فِي السُّؤَالِ الْأَوَّلِ بِأَطْرَافِهِ وَلْنُصَرِّحْ بِحُكْمِ كُلٍّ أَيْضًا زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ فَنَقُول مَا اقْتَرَضَتْهُ الْأُمُّ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لَا يَضِيعُ عَلَيْهَا مَجَّانًا بَلْ إنْ كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ حَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُقْتَرَضِ فَهُوَ فِي مَالِ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ فَهُوَ فِي مَالِ الْأَبِ فَإِنْ أَعْسَرَ، أَوْ مَاتَ فَفِي مَالِ الْجَدِّ فَإِنْ أَعْسَرَ، أَوْ مَاتَ فَعَلَى الْأُمِّ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ غَائِبٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْأَبُ قَرْضًا فَإِذَا وَصَلَ مَالُهُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ وَبِأَنَّهُ لَوْ قَصَدَ بِالْإِنْفَاقِ الرُّجُوعَ رَجَعَ سَوَاءٌ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، أَوْ بِلَا إذْنٍ فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ قُدُومِهِ سَقَطَ عَنْ الْوَلَدِ مَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ دُونَ مَا أَنْفَقَ قَبْلَهُ بَلْ يَبْقَى عَلَيْهِ يَرْجِعُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ وَكَذَا حَكَمَ مَنْ يَسْتَغْنِي بِكَسْبِهِ وَصُورَةُ الْإِذْنِ مِنْ الْقَاضِي فِي الِاقْتِرَاضِ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَذِنْتُ لَكِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِكِ مِنْ مَالِكِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، أَوْ فِي الِاقْتِرَاضِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ الْمُقْتَرَضِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِذَا أَرَادَتْ تَقْتَرِضُ قَالَتْ لِمَنْ يُرِيدُ إقْرَاضَهَا أَقْرِضْنِي كَذَا لِأُنْفِقَهُ عَلَى وَلَدِي أَوْ اقْتَرَضْت كَذَا، أَوْ تَنْوِي ذَلِكَ فَلَا يُحْتَاجُ لِقَوْلِهَا فِي ذِمَّتِي بَلْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَا يَصِيرُ فِي ذِمَّتِهَا إلَّا إنْ بَانَ أَنَّ الْإِنْفَاقَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا لِفَقْدِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَا لِقَوْلِهَا فِي ذِمَّةِ الْوَلَدِ
وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّ نِيَّتَهَا كَوْنُ الِاقْتِرَاضِ لَهُ كَافٍ إذْ هِيَ حِينَئِذٍ نَائِبَةٌ عَنْ الْقَاضِي فِي الِاقْتِرَاضِ لِلْوَلَدِ، وَالْوَلِيُّ إذَا اقْتَرَضَ لِمُوَلِّيهِ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّصْرِيحِ بِاسْمِهِ بَلْ يَكْفِي نِيَّتُهُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ السَّائِلِ فَهَذَا يُشْكِلُ إلَخْ وَاَلَّذِي تَسْتَحِقُّهُ الْحَاضِنَةُ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَةُ الْمَحْضُونِ هُوَ أُجْرَةُ إرْضَاعِهَا إنْ كَانَ رَضِيعًا وَإِلَّا فَأُجْرَةُ خِدْمَتِهَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ زَمَنُ الْحَضَانَةِ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهَا أَوْ الْبُلُوغُ مَعَ صَلَاحِ الدُّنْيَا قَالُوا وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِلْحَضَّانَةِ حِفْظُ الطِّفْلِ وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَتَطْهِيرِهِ وَتَدْهِينِهِ وَتَكْحِيلِهِ وَإِضْجَاعِهِ فِي نَحْوِ مَهْدٍ وَرَبْطِهِ وَتَحْرِيكِهِ لِلنَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ اسْمِ الْحَضَانَةِ عُرْفًا لِذَلِكَ وَلَا تَسْتَتْبِعُ الْحَضَانَةُ الْإِرْضَاعَ فِي الْإِجَارَةِ وَعَكْسِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لِلْأُمِّ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُنْفِقٍ غَيْرُهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ شَيْئًا لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمَحْضُونِ لَازِمَة لَهَا حِينَئِذٍ وَنَقَلَ الْأَزْرَقُ فِي نَفَائِسِهِ عَنْ الْإِمَامِ الْعَامِرِيِّ أَنَّ الْقَاضِي لَوْ قَالَ لِلْأُمِّ أَرْضِعِي الطِّفْلَ وَاحْضُنِيهِ وَلَك الرُّجُوعُ عَلَى الْأَبِ رَجَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إجَارَةٍ وَنَقَلَ فِيهَا خِلَافًا بَيْنَ بَعْضِ فُقَهَاءِ الْيَمَنِ فِيمَا إذَا حَضَنَتْ مَنْ لَهَا حَقُّ الْحَضَانَةِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ وَمَضَى زَمَنٌ وَلَمْ تُطَالِبُ بِهَا وَلَا رَفَعَتْ أَمَرَهَا لِحَاكِمٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ تَسْقُطُ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَسْقُطُ وَصَوَّبَهُ الْأَزْرَقُ قَالَ وَاخْتَارَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْوَجْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْته أَوَّلًا أَنَّ السُّقُوطَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا وَتَيَسَّرَتْ مُطَالَبَتُهُ فَتَرَكْتُهُمَا وَإِنْ عَدِمَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَائِبًا وَتَعَذَّرَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي ثُمَّ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute