للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَا سُقُوطَ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْإِرْضَاعِ شِرَاءُ لَبَنٍ لِلطِّفْلِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِإِرْضَاعِهِ فَأَرْضَعَتْ مَعَهُ آخَرَ

فَإِنْ نَقَصَ مَا هُوَ مُسْتَحَقُّ عَلَيْهَا بِالْإِجَارَةِ ثَبَتَ الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُمْ لَوْ عَقَدَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْإِرْضَاعِ وَالْحَضَانَةِ فَانْقَطَعَ اللَّبَنُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَحْدَهُ وَسَقَطَ قِسْطُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ أَنَّ عَلَى الْمُرْضِعَةِ الْغِذَاءَ بِمَا يُدِرُّ لَبَنَهَا وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُطَالِبَهَا بِأَكْلِ مَا يُدِرُّهُ فَأَفْهَمَتْ عِبَارَاتُهُمْ هَذِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ إرْضَاعِهَا شِرَاؤُهَا لَبَنًا وَسَقْيُهُ إيَّاهُ وَإِنْ قَرَضَ الِاغْتِذَاءَ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ السَّقْيَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِرْضَاعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ بَلْ رُبَّمَا أَوْجَبَ سَقْيُ اللَّبَنِ الْمُشْتَرَى لِلْوَلَدِ ضَرَرًا ظَاهِرًا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إرْضَاعٍ وَالْإِجَارَة لِلْإِرْضَاعِ وَحْدَهُ صَحِيحَة كَمَا مَرَّ وَتُقَدَّرُ بِالزَّمَانِ فَقَطْ لِأَنَّ تَقْدِيرَ اللَّبَنِ وَمَا يَسْتَوْفِيهِ الصَّبِيُّ كُلَّ مَرَّةٍ وَضَبْطُ الْمَرَّاتِ إنَّمَا يَتَأَتَّى بِالزَّمَنِ لَا غَيْرُ وَتَجِبُ رُؤْيَة الصَّبِيِّ وَتَعْيِينُ مَوْضِعِ الْإِرْضَاعِ أَهُوَ بَيْتُهُ أَمْ بَيْتُهَا لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ وَكَذَا صَرَّحُوا بِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ السَّائِلِ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ إلَخْ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْإِرْضَاعِ أَنْ تُضِيفَ إلَى لَبَنِهَا الَّذِي تُرْضِعُ بِهِ الْوَلَدَ سَمْنًا وَلَا غَيْرَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ بَلْ لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا وَلِلْحَاكِمِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ فِيمَا فَرَضَهُ لِلْوَلَدِ وَأَنْ يَنْقُصَ عَنْهُ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ مِمَّا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا نَقْضًا لِتَقْدِيرِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ فَإِذَا بَانَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي خِلَافِهَا انْتَهَى الْحُكْمُ الْأَوَّلُ لِانْتِهَائِهَا بِمَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي مِنْ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي غَيْرِهَا وَمَرَّ أَنَّ نَفَقَة الْقَرِيبِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ وَأَنَّهَا الْكِفَايَةُ فَلِلْمُنْفِقِ حِينَئِذٍ بَذْلُهَا عَلَى أَيِّ كَيْفِيَّةٍ شَاءَ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ وَكِيلُهُ وَكَذَا الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَالْحَاكِمُ فَإِنْ شَاءَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِ حَاضِنَتِهِ، أَوْ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ وَلِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ حُكْمُ مُخَالِفِ الْحُكْمِ لَهُ بِمَا قَرَّرْنَاهُ نَعَمْ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَالْأُنْثَى الْمُمَيِّزَةُ إذَا اخْتَارَتْ الْأُمَّ فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ يَكُونُونَ عِنْدَ الْأُمِّ لَيْلًا وَنَهَارًا لِاسْتِوَاءِ الزَّمَانِ فِي حَقِّهِمْ فَيَزُورُهُمْ الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ

وَلَا يَطْلُبُ إحْضَارَهُمْ عِنْدَهُ وَيَتَفَقَّدُ حَالَهُمْ وَيُلَاحِظُهُمْ بِتَحَمُّلِ مُؤْنَتِهِمْ وَتَأْدِيبِ الْأُنْثَى وَتَعْلِيمِهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا طَلُقَتْ مَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ وَهِيَ فِي مَنْزِلِهَا فَلَهَا إرْضَاعُهُ فِي الْحَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَأَرْضَعَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَقَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ عِنْدِي أَنَّهَا كَاَلَّتِي فِي صُلْبِ النِّكَاحِ غَلَّطَهُ الْإِمَامُ فِيهِ وَحُكْمُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا قُلْنَا تَسْتَحِقّ السُّكْنَى حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ اخْتَارَ أُمَّهُ فَعَلَى أَبِيهِ مُؤْنَةُ كَفَالَتِهِ كَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ وَهِيَ أَقَلُّ غَالِبًا؟ قَالَ الْإِمَامُ وَإِنَّمَا تَجِبُ مُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهَا بِنَفْسِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ الَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ أُجْرَتِهَا وَأَنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى تَوَلِّيهَا بِنَفْسِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ احْتَاجَ الْوَلَدُ إلَى خِدْمَةٍ فِي الْحَضَانَةِ، أَوْ الْكَفَالَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأُولَى إلَى التَّمْيِيزِ وَالثَّانِيَةَ مِنْهُ إلَى الْبُلُوغِ أَيْ وَقَالَ غَيْرُهُ تُسَمَّى حَضَانَةً أَيْضًا وَمِثْلُهُ مِمَّنْ يَخْدُمُ قَامَ الْأَبُ بِاسْتِئْجَارِ خَادِمٍ أَوْ ابْتِيَاعِهِ عَلَى حَسَبِ عَادَةِ أَمْثَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْأُمَّ مَعَ اسْتِحْقَاقِهَا حَضَانَتُهُ أَنْ تَقُومَ بِخِدْمَتِهِ إذَا كَانَ مِثْلُهَا لَا يَخْدِمُ سَوَاءُ فِي ذَلِكَ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ اهـ.

وَمَا أَفْهَمُهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ الْمُعْتَادَةَ لِلْخِدْمَةِ تَلْزَمُهَا الْخِدْمَةُ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ غَيْرُ مُرَادٌ بَلْ هِيَ عَلَى الْأَبِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُ أَوَّلًا لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ كِفَايَتِهِ فَإِنْ وَجَبَ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْأُمّ لَزِمَهَا الْخِدْمَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ اعْتَادَتْهَا أَمْ لَا وَمِنْ شُرُوطِ الْحَضَانَةِ عَدَالَةُ الْحَاضِنَةِ الْعَدَالَةَ الظَّاهِرَةَ فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقَةٍ وَصَغِيرَةٍ وَسَفِيهَةٍ وَمُغَفَّلَةٍ فَإِنْ وَقَعَ تَنَازُعٌ فِي ثُبُوتِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْوَلَدِ لَمْ يُنْزَعْ مِمَّنْ تَسَلَّمَهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَإِنْ تَنَازَعَا فِي ثُبُوتِهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنْ أَثْبَتَ فِي حَاضِنَةِ بِنْتِهِ نَحْوَ فِسْقٍ انْتَزَعَهَا مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ لَهُ مَنْع مَنْ يَدْخُلُ عَلَى بِنْتِهِ مِمَّنْ يَخْشَى مِنْهُ الرِّيبَةَ

وَيَجُوزُ لِلزَّوْجِ مَنْعُ وَلَدِ الزَّوْجَةِ مِنْ الدُّخُول إلَيْهَا إلَّا كَانَتْ سَاكِنَةً بِمَحَلٍّ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ دُونَ مَا إذَا كَانَتْ سَاكِنَةٌ بِمِلْكِهَا إنْ تَبَرَّعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى فِيهِ وَسَوَاءٌ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى كَانَ الزَّوْجُ الْمَانِعُ غَائِبًا أَمْ حَاضِرًا فَإِنْ أَدْخَلَتْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>