بِغَيْرِ رِضَاهُ أَثِمَتْ وَلَا تَكُونُ نَاشِزَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَعَمْ إنْ كَانَ إخْرَاجُهُ لِغَيْرِ الْمُمَيَّزِ يَضُرُّهُ لَزِمَهُ رَفْعُ الْأَمْرِ لِلْقَاضِي فَإِنْ تَعَدَّى وَأَخْرَجَهُ فَكَسَرَهُ، أَوْ قَتَلَهُ جَانٍ آخَرُ أَثِمَ الزَّوْجُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَانِي أَوْ مَالِكِهِ الْمُقَصِّرِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِمَا صُورَتُهُ هَلْ لِلْوَلِيِّ مَثَلًا أَوْ لِلْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَسْتَأْجِر لِلْوَلَدِ امْرَأَةً لِرَضَاعِهِ وَامْرَأَةً أُخْرَى لِحَضَانَتِهِ إذَا رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً لِلْوَلَدِ سَوَاءٌ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُمًّا، أَوْ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ فَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ مَا فِي هَذَا مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ كُلُّ امْرَأَةِ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ صَاحِبَتِهَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْحَاضِنَةُ ذَاتَ لَبَنٍ لِتُرْضِعَهُ مَرَّةً وَتَحْضُنَهُ أُخْرَى أَمْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاضِنَةُ الشَّرْعِيَّةُ غَيْرَ ذَاتِ لَبَنٍ هَلْ تَسْقُط حَضَانَتُهَا أَمْ تَحْضُنُهُ وَيَشْتَرِي لَهُ لَبَنًا وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلِيُّهُ الشَّرْعِيُّ أَمْ تَنْتَقِلُ الْحَضَانَة عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا مِنْ الْحَاضِنَاتِ بَعْدَهَا إذَا كَانَتْ ذَاتَ لَبَنٍ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ الْأُمُّ مَتَى اسْتَحَقَّتْ الْحَضَانَةُ وَكَانَتْ مُرْضِعَةً وَرَضِيَتْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ تَرْضَى بِأَقَلَّ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهَا لِحَضَانَةٍ وَلَا لِرَضَاعٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي السُّؤَالِ الْأَوَّلِ لِاسْتِحْقَاقِهَا لَهُمَا فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُمَا إلَى غَيْرِهَا بِدُونِ رِضَاهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَبُونٍ، أَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ إرْضَاعِهِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ حَاضِنَةٌ جَازَ اسْتِئْجَارُ وَاحِدَةٍ لِلْإِرْضَاعِ وَأُخْرَى لِلْحَضَانَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ثُمَّ أَيْضًا وَلَا عُسْرَ فِي ذَلِكَ لِسُهُولَةِ اجْتِمَاعِ الْمُسْتَأْجَرَتَيْنِ فِي مَحَلِّ وَاحِدٍ وَاَلَّذِي أَفْهَمَهُ كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَنَقَلَهُ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ كَوْنُهَا مُرْضِعَةً لِطِفْلٍ اُحْتِيجَ إلَى إرْضَاعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ أَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْإِرْضَاعِ فَلَا حَضَانَةَ لَهَا لِعُسْرِ اسْتِئْجَارِ مُرْضِعَةٍ تَتْرُك مَنْزِلَهَا وَتَنْتَقِلُ إلَى مَسْكَنِ الْمَرْأَةِ وَنَظَرَ فِيمَنْ لَا لَبَنَ لَهَا بِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ كَالْأَبِ وَبِأَنَّ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا ذَاتَ لَبَنٍ.
وَالْأَوْجَهُ وِفَاقًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقُ مَنْ لَا لَبَنَ لَهَا بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا خِلَافَ فِي اسْتِحْقَاقَهَا وَأَمَّا مَنْ لَهَا لَبَنٌ وَامْتَنَعَتْ مِنْ إرْضَاعِهِ فَلَا حَضَانَةَ لَهَا وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَالْأَكْثَرِينَ
(وَسُئِلَ) عَنْ إعْفَافِ الْأَصْلِ هَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِ الْفَرْعِ وَقُوتِ زَوْجَتِهِ فَقَطْ كَالنَّفَقَةِ أَمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ الْوَجْه أَنَّ الْيَسَارَ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِي لِلْإِرْشَادِ لِأَنَّهُ مِنْ وُجُوهِ حَاجَاتِهِ الْمُهِمَّةِ فَوَجَبَ عَلَى ابْنِهِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْقُدْرَةِ هُنَا بِمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَةِ وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ وَإِمْكَانُ الْفَرْقِ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ ضَرُورِيًّا لِإِمْكَانِ الصَّبْرِ عَنْهُ بِخِلَافِهَا لَا يُؤَثِّر هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ مُؤْنَتَهَا فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ وَمَا شُرُوطُهُ وَمَا كَيْفِيَّةُ لَفْظِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَهَا الْفَسْخُ بِشَرْطِ أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً عَادِلَةً تَشْهَدُ عِنْدَ قَاضٍ بِإِعْسَارِهِ عَنْ أَقَلِّ نَفَقَتِهَا وَعَنْ أَقَلِّ مَسْكَنٍ يَجِبُ لَهَا وَعَنْ أَقَلِّ كِسْوَتِهَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَذْكُرَ الْبَيِّنَةُ إعْسَارَهُ حَالَ شَهَادَتِهَا وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا غَابَ مُعْسِرًا وَلَهَا أَنْ تَعْتَمِدَ فِي الشَّهَادَةِ بِإِعْسَارِهِ فِي الْحَالِ اسْتِصْحَابَ حَالَتِهِ الَّتِي غَابَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَمْكَنَ خِلَافُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَلَا تُصَرِّحُ الْبَيِّنَةُ بِالِاسْتِصْحَابِ فِي شَهَادَتِهَا الْمُوهِمِ لِلتَّرَدُّدِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِيَ رَدَّ الشَّهَادَةِ فَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَسَخَ هُوَ بِأَنْ يَقُولَ فَسَخْتُ نِكَاحَ فُلَانٍ لِفُلَانَةَ، أَوْ أَذِنَ لَهَا حَتَّى تَفْسَخَ هِيَ بِأَنْ تَقُولَ فَسَخْتُ نِكَاحَ فُلَانٍ لِي فَإِنْ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ بِلَا إذْنِ قَاضٍ لَمْ يَنْفُذْ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَلَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ مَالًا فِي الْبَلَدِ لَمْ تَعْلَمْهُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ فَسْخِ الْقَاضِي نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَعْلَمُهُ وَتَقْدِرُ عَلَيْهِ بَانَ بُطْلَانُ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ بَانَ عَدَم وُجُودِ شَرْطِهِ الْمُجَوِّزِ لَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ لَمْ أَجِدْهَا بِكْرًا وَآذَاهَا وَوَالِدَيْهَا بِذَلِكَ فَخَرَجَتْ مِنْ كَثْرَةِ أَذَاهُ مِنْ بَيْتِهِ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً فَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ وَقَالَتْ لَمْ أَخْرُجْ إلَّا لِإِيذَائِهِ فَقَطْ مَا الْحُكْمُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ خَرَجَتْ إلَى الْحَاكِمِ لِتَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ إيذَائِهَا