للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَوْقُوفًا فَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بِأَنَّ بُطْلَانَ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قُلْت فَمَا الرَّاجِحُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْحَابِ حَتَّى نَعْرِفَ الرَّاجِحَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ قُلْت الرَّاجِحُ مَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِمَا سَبَقَ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِمَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ تَالِيَ قُدُومِهِ.

وَإِنْ قَدِمَ عَمْرٌو فَعَلَيَّ صَوْمُ أَوَّلِ خَمِيسٍ بَعْدَ قُدُومِهِ فَقَدِمَا مَعًا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ صَارَ الْخَمِيسُ مِنْ أَوَّلِ نَذْرَيْهِ لِسَبْقِ وُجُوبِهِ وَقَضَى يَوْمًا لِلنَّذْرِ الثَّانِي لَتَعَذُّرِ صَوْمِهِ وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ عُلِمَ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَلْحَظْ مَا سَنُقَرِّرُهُ مِنْ الْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُمَا صِحَّةُ التَّصَرُّفِ وَكَانَ هَذَا مُسْتَنَدَ إفْتَاءِ الشَّيْخِ الْفَتَى بِصِحَّةِ التَّصَرُّفِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ الْكَمَالُ الرَّدَّادُ.

فَقَالَ حِينَ سُئِلَ عَمَّا لَوْ عَلَّقَ النَّذْرَ عَلَى صِفَةٍ ثُمَّ بَاعَ الْعَيْنَ الْمَنْذُورَ بِهَا قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ إنَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْإِرْشَادِ فِي الْإِيلَاءِ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ وَأَنَّهُ أَفْتَى بِهِ مِرَارًا وَكَذَا شَيْخُهُ التَّقِيُّ الْفَتَى وَأَنَّهُ وُجِدَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ خِلَافُهُ ثُمَّ أَطَالَ الْكَلَامَ لَكِنْ بِمَا فِيهِ أَنْظَارٌ شَتَّى لَا تَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَبَيَّنْتُهَا وَأَفْتَى بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ وَقَاسُوهُ عَلَى الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ قُلْت هَلْ يُمْكِنُ فَرْقٌ بَيْنَ صُورَةِ الْأَصْحَابِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَبَيْنَ صُورَةِ السُّؤَالِ حَتَّى يَتَوَجَّهَ كَلَامُ الْقَائِلِينَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ بِبُطْلَانِ التَّصَرُّفِ وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْأَصْحَابِ قُلْت نَعَمْ.

وَهُوَ أَنَّ صُورَةَ الْأَصْحَابِ إنَّمَا جَرَى فِيهَا هَذَا الْخِلَافُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ الثَّانِيَ لَا يُضَادُّ الْأَوَّلَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ يُوَافِقُهُ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ أَنَّهُ عَتَقَ مِثْلُهُ فَلَمْ يَفُتْ عَلَى الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ شَيْءٌ بِالتَّعْلِيقِ الثَّانِي فَلِذَا صَحَّ وَيُخَالِفُهُ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ أَنَّ الْعِتْقَ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَلِذَا جَرَى فِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ بَسْطُهُ وَأَمَّا صُورَةُ السُّؤَالِ فَالْبَيْعُ وَنَحْوُهُ يُضَادُّ النَّذْرَ وَيُبْطِلُ مَا اسْتَحَقَّهُ الْمَنْذُورُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَكَانَ يَنْبَغِي بُطْلَانُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْحَابِ مِنْ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ الثَّانِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِأَنَّ صُورَةَ السُّؤَالِ أَعْنِي النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِنَحْوِ الشِّفَاءِ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ فِيهِ مُقَابَلَةٌ وَشَوْبُ مُعَاوَضَةٍ لِأَنَّ النَّاذِرَ جَعَلَ الْعِتْقَ مَثَلًا فِي مُقَابَلَةِ الشِّفَاءِ مَثَلًا فَاقْتَضَتْ تِلْكَ الْمُقَابَلَةُ الْعَائِدُ نَفْعُهَا عَلَى النَّاذِرِ الْمُعَلَّقِ غَالِبًا تَأَكُّدَ ثُبُوتِ حَقِّ الْمَنْذُورِ فَلِذَا امْتَنَعَ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُكَاتَبَ لِأَنَّ عِتْقَهُ.

وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ إلَّا أَنَّ فِيهِ مُعَاوَضَةً وَمُقَابَلَةً فَكَمَا امْتَنَعَ التَّصَرُّفَ فِي الْمُكَاتَبِ نَظَرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ وَالْمُقَابَلَةِ فَكَذَا يَمْتَنِعُ فِي الْمَنْذُورِ الْمَذْكُورِ نَظَرًا لِتِلْكَ الشَّائِبَةِ الَّتِي فِيهِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ وَلَا كِتَابَةٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ذَلِكَ التَّأَكُّدُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا مَحْضُ تَبَرُّعٍ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ بِسَبَبِهِ حَتَّى يُمْنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَهَذَا فَرْقٌ وَاضِحٌ كَمَا أَنَّ الْفَرْقَ السَّابِقَ بَيْنَ صُورَتِنَا وَصُورَةِ الْأَصْحَابِ وَاضِحٌ وَبِهِ اتَّضَحَ أَنَّ لِلْقَائِلِينَ بِامْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَجْهًا وَجِيهًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِنَّ تَخْرِيجَ صُورَةِ السُّؤَالِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْأَصْحَابِ السَّابِقَةِ أَوْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لَمْ يَتِمَّ لِمَا عَلِمْت مِنْ وُضُوحِ الْفَرْقَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا فِي الْإِسْعَادِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ أَيْ الْإِرْشَادِ وَمَا جُعِلَ نَذْرًا أَوْ أُضْحِيَّةً مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَّا شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَهَذَا الْمَالُ صَدَقَةٌ لِلَّهِ زَالَ مِلْكُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ وَامْتَنَعَ تَصَرُّفُهُ فِيمَا عَيَّنَهُ لِلصَّدَقَةِ إذَا حَصَلَ هَذَا الشِّفَاءُ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي النَّاذِرِ بَعْدَ إيقَاعِ الْإِقَالَةِ إذَا رَدَّ الْبَائِعُ مِثْلَ ثَمَنِهِ أَمْ لَا؟ بَيِّنُوا ذَلِكَ

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْإِسْعَادِ مِنْ زَوَالِ مِلْكِ الْمَنْذُورِ الْمُعَيَّنِ بِالشِّفَاءِ فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُ النَّاذِرِ فِيهِ بَعْدَ الشِّفَاءِ صَحِيحٌ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الْمَالِ أَوْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ تَعَيَّنَ ذَلِكَ لِلصَّدَقَةِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِلَّهِ وَزَوَالُ مِلْكِهِ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ ذَلِكَ.

بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>