للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعَيَّنَ عِتْقُهُ لَكِنْ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ إلَّا بِعِتْقِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَا يَنْتَقِلُ بَلْ يَنْفَكُّ عَنْ الْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِيمَا مَرَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَسَاكِينِ وَلِهَذَا لَوْ أُتْلِفَ وَجَبَ تَحْصِيلُ بَدَلِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِتْقِ وَقَدْ تَلِفَ وَمُسْتَحِقُّو مَا ذُكِرَ بَاقُونَ وَلَوْ الْتَزَمَ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ التَّصَدُّقَ بِدَرَاهِمَ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ عَيَّنَ عَنْهَا دَرَاهِمَ لَمْ تَتَعَيَّنْ وَأَلْحَقَ بِهَا كُلَّ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَعْيِينَ كُلٍّ مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ ضَعِيفٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي زَوَالِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَزَمَ أُضْحِيَّةً أَوْ عِتْقًا ثُمَّ عَيَّنَ عَنْ ذَلِكَ شَاةً أَوْ عَبْدًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ عَيَّنَ ابْتِدَاءً هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي الْإِسْعَادِ وَأَمَّا مَا أَرَادَ السَّائِلُ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ عِبَارَتِهِ مَا الَّذِي أَرَادَهُ بِذَلِكَ فَلْيَتَبَيَّنْ مُرَادَهُ حَتَّى يَعْرِفُ فَيُبَيِّنُ حُكْمَهُ فَإِذَا أَرَادَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ إنْ شُفِيَ مَرِيضُهُ فَشُفِيَ ثُمَّ أَرَادَ التَّقَابُلَ فِيهِ هُوَ وَالْبَائِعُ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ قُلْنَا نَعَمْ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِالشِّفَاءِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَبِيعَ أَوْ تَلِفَ فَإِنَّهَا تَجُوزُ بَعْدَ تَلَفِهِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ رَدُّ عَيْنِ الثَّمَنِ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَرَدُّ بَدَلِهِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ رَدُّ بَدَلٍ وَلَا تُقَاسُ الْإِقَالَةُ عَلَى امْتِنَاعِ التَّصَرُّفِ فِيهِ بَعْدَ الشِّفَاءِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَصَرُّفًا فِيهِ بَلْ فِي بَدَلٍ كَمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الشِّفَاءِ تَصِحُّ وَفَائِدَتُهَا رُجُوعُ الْبَائِعِ عَلَيْهِ بِبَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ النَّاذِرَ مَا مَرَّ أَرَادَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الشِّفَاءِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قُلْنَا هَذَا السُّؤَالُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا يَجْرِي فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ

فَيُقَالُ مَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِعَيْنِ مَالٍ إنْ شَفَى اللَّهُ تَعَالَى مَرِيضَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الشِّفَاءِ لِأَنَّهُ إلَى الْآنَ لَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ أَوْ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ النَّذْرِ بِعَيْنِهِ وَاَلَّذِي صَرَّحُوا بِهِ هُوَ الثَّانِي حَيْثُ قَالُوا إنْ تَعَلَّقَ النَّذْرُ بِعَيْنِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُبَيِّنْهُ وَعِبَارَتُهُ عَلَى غَلَاقَتِهَا التَّامَّةِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَخَيَّلَ مِنْهَا غَيْرُ مَا ذَكَرْتُهُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ نَذَرَ مَتَى اسْتَحَقَّ مَبِيعُك أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْك أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا فَهَلْ يَصِحُّ النَّذْرُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْته بِمَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي إنْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحِقًّا فَعَلَى أَنْ أَهَبَك أَلْفًا لَغْوٌ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ بِمَذْهَبٍ مُعْتَبَرٍ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ لِأَنَّ الْهِبَةَ.

وَإِنْ كَانَتْ قُرْبَةً إلَّا أَنَّهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَالْمُبَاحَةِ وَنُظِرَ فِيهِ بِمَا قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَهُ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِالْتِزَامَ فِي هَذِهِ يَصْدُقُ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ وَهُوَ إنْ وَفَّقَنِي اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِفِعْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي نَذْرِ. اللَّجَاجِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَا يَحْتَمِلُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِخُرُوجِ الْمَبِيعِ مُسْتَحِقًّا وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَأْتِي ثَمَّ فَتَفْصِيلُ بَعْضِهِمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِمَّنْ يَقْصِدُ التَّقَرُّبَ بِالْهِبَةِ لَهُ كَالْعَالِمِ وَالصَّالِحِ فَيَلْزَمُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يُرَدُّ بِمَا تَقَرَّرَ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ.

ثُمَّ قُلْت فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ إنَّ كَلَامَهُمْ نَاطِقٌ بِأَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِالْقُدُومِ نَذْرُ شُكْرِهِ عَلَى نِعْمَةِ الْقُدُومِ فَلَوْ كَانَ قُدُومُ فُلَانٍ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ لِلنَّاذِرِ كَأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمْرَدَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ وَرَدَّهُ شَيْخُنَا أَيْ زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ سَهْوٌ مُنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ الْمُلْتَزَمِ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ قُرْبَةَ الْمُلْتَزَمِ لَا الْمُعَلَّقِ بِهِ وَالْمُلْتَزَمُ هُنَا الصَّوْمُ وَهُوَ قُرْبَةٌ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ قُرْبَةً أَمْ لَا. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ السَّهْوُ كَيْفَ وَكَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَدْ نَقَلُوا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرُّوهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ هَلَكَ مَالُ فُلَانٍ أَعْتَقْت عَبْدِي لَمْ يَنْعَقِدْ لِأَنَّهُ حَرَامٌ وَكَمَا إنْ طَلَبَ هَلَاك مَالِ الْغَيْرِ حَرَامٌ كَذَلِكَ طَلَبَ قُدُومَ مَنْ مَرَّ فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ.

وَقَدْ ضَبَطَ الصَّيْمَرِيُّ مَا يَكُونُ النَّذْرُ فِي مُقَابَلَتِهِ بِأَنَّهُ مَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِهِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ كَوْنَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي النَّذْرِ أَمْرًا مُبَاحًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمُبَاحِ أَوْ يَخْتَصُّ بِمُبَاحٍ يُقْصَدُ وَيَنْدُرُ حُصُولُهُ فَالْحَاصِل أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَكُونَ قُرْبَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>