للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَفْظُهُ اتَّفَقَا عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي إلَّا لَمْ أُوَفِّك الثَّمَنَ فَعَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ نَذْرًا ثُمَّ أَبَى الشِّرَاءَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَا تَلْزَمُهُ الْمِائَةُ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّذْرَ لَمْ يَنْعَقِدْ لِأَنَّهُ نَذَرَ إنْ لَمْ يُوَفِّ الثَّمَنَ وَبِامْتِنَاعِهِ عَنْ الشِّرَاءِ لَمْ يُوجَدْ الثَّمَنُ بَلْ صَارَ غَيْرَ مُمْكِنِ الْوُجُودِ وَبِهِ فَارَقَ قَوْلَهُ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ إنَّ كَلِمَتَهُ فَعَلَيَّ كَذَا لِأَنَّهُ مُمْكِنُ الْوُجُودِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُنْعَقِدٌ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مُمْكِنٌ وَلَوْ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ نَذْرُ لَجَاجٍ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَالْكَفَّارَةِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ نَذَرَ لِمُقْرِضِهِ بِكَذَا إلَّا اعْتَاضَ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَنْعَقِدُ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ اللَّجَاجَ وَالتَّبَرُّرَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نَظِيرِهِ فَإِنْ كَانَ الِاعْتِيَاضُ مَرْغُوبًا لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّفْقِ فَنَذْرُ تَبَرُّرٍ وَإِلَّا فَلَجَاجٌ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا لَفْظُهُ نَذَرَ لِاثْنَيْنِ مِنْ غَلَّةِ أَرْضِهِ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ لِوَارِثِهِ أَمْ لِصَاحِبِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ لِمَا يَأْتِي فِي الْجَوَابِ عَنْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَالَ لِآخَرَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ نَذَرْت لَك إلَخْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالْوَقْفِ عَلَى اثْنَيْنِ ثُمَّ عَلَى ثَالِثٍ بِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَقْتَضِي الِانْتِقَالَ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ النَّذْرِ وَأَيْضًا فَثَمَّ شَرْطٌ فِي الِانْتِقَالِ لِمَنْ بَعْدَهُمَا مَوْتُهُمَا فَانْتَقَلَتْ حِصَّةُ الْمَيِّتِ لِصَاحِبِهِ الْمَوْجُودِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يُمْلَكُ الْمَنْذُورَ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ قَهْرًا فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَهَلْ لِلْمَنْذُورِ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَلْ يَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ كَمَا سَتَحْمِلُهُ هَذِهِ الدَّابَّةُ وَبِالْمَرْهُونِ وَإِذَا نَذَرَ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مَنْ يُطَالِبُ النَّاذِرَ أَوْ الْمَنْذُورَ لَهُ وَهَلْ يَبْرَأُ النَّاذِرُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمَنْذُورِ لَهُ.؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ نَذْرَ تَبَرُّرٍ مَلَكَهُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ أَوْ نَذْرَ مُجَازَاةٍ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا يُمْلَكُ قَهْرًا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرَّوْضَةِ لَوْ نَذَرَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَقْبَلْ بَطَلَ وَمُرَادُهُ بِلَمْ يَقْبَلْ أَنَّهُ رَدَّ لَا أَنَّهُ سَكَتَ لِأَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الرَّدِّ لَا خُصُوصُ الْقَبُولِ لِلْمُسَامَحَةِ فِي النَّذْرِ كَالْوَصِيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ بِالْمَجْهُولِ وَبِغَيْرِ مَا يَمْلِكُهُ إنْ عَلَّقَهُ بِمِلْكِهِ كَإِنْ مَلَكْت هَذَا فَعَلَيَّ عِتْقٌ بِخِلَافِ عَلَيَّ عِتْقُ هَذَا وَهُوَ مِلْكُ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَغْوٌ وَمِثْلُهُ الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكِتَابَةِ.

وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ فِي الْوَصَايَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ إنْ مَلَكْتُ هَذَا فَقَدْ أَوْصَيْتُ بِهِ لِفُلَانٍ وَلَهُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِيمَا قَبِلَهُ أَيْ لَمْ يَرُدَّهُ كَمَا مَرَّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَعْيَانِ وَالدُّيُونِ إذْ هِبَةُ الدَّيْنِ وَبَيْعُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ جَائِزَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الرَّوْضَةِ بِشُرُوطِهِ الْمُقَرَّرَةِ فِي مَحَلِّهِ فَكَذَا نَذْرُهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ النَّذْرَ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَيَصِحُّ النَّذْرُ بِالْمَعْدُومِ كَالْوَصِيَّةِ كَمَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ مُعَاصِرِي مَشَايِخِنَا وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ آخَرِينَ لَا يَصِحُّ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأَوَّلِينَ إنَّهُ وَجَدَ الصِّحَّةَ مُصَرَّحًا بِهَا فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَيَصِحُّ أَيْضًا بِالْمَرْهُونِ لَكِنْ إنْ عَلَّقَهُ بِالْفِكَاكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَنْذُورُ الْعِتْقَ تَأَتَّى، فِيهِ تَفْصِيلُ عِتْقِ الْمَرْهُونِ وَمَتَى حَكَمْنَا بِمِلْكِ الْمَنْذُورِ لَهُ كَانَ هُوَ الْمُطَالَبَ بِهِ سَوَاءٌ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَا يَتَوَلَّى قَبْضَ الدَّيْنِ إلَّا النَّاذِرُ مُطْلَقًا بَعِيدٌ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا لَفْظُهُ مَا حَاصِلُ أَحْكَامِ النَّذْرِ لِقُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ وَلِلْمَسَاجِدِ وَلِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ وَمَا حَاصِلُ مَا يَجِبُ فِي قِسْمَةِ ذَلِكَ النَّذْرِ هَلْ هُوَ عَلَى سُكَّانِ مَشْهَدِ الْمَنْذُورِ لَهُ مَعَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمْ وَمَنْ سَبَقَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ النَّذْرَ يَفُوزُ بِهِ أَوْ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْبَاقُونَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ النَّذْرُ لِلْوَلِيِّ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ غَالِبًا التَّصَدُّقُ عَنْهُ لِخُدَّامِ قَبْرِهِ وَأَقَارِبِهِ وَفُقَرَائِهِ فَإِنْ قَصَدَ النَّاذِرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ وَإِنْ قَصَدَ التَّقَرُّبَ لِذَاتِ الْمَيِّتِ كَمَا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُ الْجَهَلَةِ لَمْ يَصِحَّ وَعَلَى هَذَا الْأَخِيرِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ أَبِي الْحَسَنِ الْأَزْرَقِ عَدَمَ صِحَّةِ النَّذْرِ لِلْمَيِّتِ وَفِي الْعَزِيزِ فِي النَّذْرِ لِقَبْرِ جُرْجَانَ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذُكِرَ وَحَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِإِيهَامِهِ صِحَّةَ النَّذْرِ لِلْقَبْرِ مُطْلَقًا لَكِنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ كَمَا فِي الْخَادِمِ أَنَّ الْعُرْفَ اقْتَضَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ جِيرَانِ مَشْهَدِهِ أَوْ خَدَمَتِهِ.

وَالنَّذْرُ لِلْمَسْجِدِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ يَمْلِكُ وَحِينَئِذٍ يُصْرَفُ لِمَصَالِحِهِ كَالْوَقْفِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>