للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يُعْطِي خَدَمَتُهُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا إنْ صَرَّحَ النَّاذِرُ بِأَنَّهُ قَصَدَهُمْ وَحَيْثُ صَحَّ النَّذْرُ لِلْقَبْرِ عُمِلَ فِي قِسْمَةِ الْمَنْذُورِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْخُدَّامِ وَالْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمْ بِالْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ فِي ذَلِكَ وَقْتَ النَّذْرِ إنْ عَلِمَهَا النَّاذِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الْوَقْفِ مِنْ أَنَّهُ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْعَادَةِ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا فِي الْعَادَةِ الْمَوْجُودِ فِيهَا هَذِهِ الشُّرُوطُ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَكَذَا نَقُولُ هُنَا الْعَادَةُ الْمَذْكُورَةُ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ النَّاذِرِ فَيُعْمَلُ بِجَمِيعِ مَا حَكَمْت بِهِ فَلَوْ اُعْتِيدَ أَنَّ مَنْ خَرَجَ وَسَبَقَ إلَى النَّاذِرِ وَأَخَذَ مِنْهُ فَازَ بِهِ عَمِلَ بِذَلِكَ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ رَحِمَهُ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِهِ نَحْوَ مَا قَدَّمْتُهُ وَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ نَذَرَ بِهِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قَصَدَ النَّاذِرُ خُدَّامَهُ أَوْ جِيرَانَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمِلَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حُمِلَ النَّذْرُ عَلَيْهِ. اهـ. وَلَمْ يُقَيِّدْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمْتُهُ أَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِالْعَادَةِ أَنْ يَعْرِفَهَا النَّاذِرُ حِين النَّذْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِمَا عَلِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْوَقْفِ فَإِنْ عُلِمَ مِنْ حَالِ النَّاذِرِ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ تِلْكَ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ فِي وَقْتٍ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ حَمْلُهُ عَلَى الْعِدَّةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ النَّاذِرَ أَحَاطَ بِهَا وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ بِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِهَا فَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ يُنْظَرُ لِعُرْفِ أَهْلِ بَلَدِ النَّاذِرِ فِي نَذْرِهِمْ لِلْقُبُورِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بَلَدُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ فِي ذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ الْعَادَةُ الَّتِي يَقْصِدُهَا أَغْلَبُ النَّاسِ.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ نَذَرْت لَك بِصَاعٍ مَثَلًا مِنْ أَرْضِي كُلَّ سَنَةٍ مُدَّةَ حَيَاتِك ثُمَّ مَاتَ الْمَنْذُورُ لَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ النَّذْرُ أَوْ يُسَلِّمُهُ لِوَرَثَتِهِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَا يَبْطُلُ النَّذْرُ بِمَوْتِهِ بَلْ يُسَلِّمُهُ لِوَرَثَتِهِ كُلَّ سَنَةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا نَذَرَ لَهُ بِذَلِكَ مِنْ أَرْضِهِ وَصَحَّ النَّذْرُ صَارَ ذَلِكَ حَقًّا لِلْمَنْذُورِ لَهُ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ تِلْكَ الْأَرْضِ فَيَنْتَقِلُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَبَحَثَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْيَمَنِ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ يَعْتَبِرُ الْمَنْذُورُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَيَنْفُذُ فِيهِ إنْ خَرَجَ مِنْهُ وَإِلَّا فَبِالْحِصَّةِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا عَلَّقَهَا بِالْمَوْتِ أَوْ وَقَعَتْ فِي الْمَرَضِ وَأَمَّا التَّصَرُّفُ فِي الصِّحَّةِ فَهُوَ نَافِذٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. اهـ.

وَفِي هَذَا الرَّدِّ نَظَرٌ بَلْ الْوَصِيَّةُ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ وَقَعَتْ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِيهَا إنَّمَا يُوجَدُ بِالْمَوْتِ فَلَا يُقَاسُ مَا نَحْنُ فِيهِ بِهَا وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا لَمَحَهُ ذَلِكَ الْبَاحِثُ أَنَّ النَّاذِرَ عَلَّقَ بِتِلْكَ الْأَرْضِ اسْتِحْقَاقًا فِي صِحَّتِهِ وَاسْتِحْقَاقًا فِي مَرَضِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ فَمَا فِي صِحَّتِهِ أَمْرُهُ وَاضِحٌ وَمَا فِي مَرَضِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ فِي صِحَّتِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهَا بِأَنَّهَا تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ وَقَعَتْ مُعَلَّقَةً بِالْمَوْتِ ابْتِدَاءً وَقَصْدًا وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا وَقَعَ التَّعْلِيقُ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ تَبَعًا وَفِي الْأَثْنَاءِ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ وَالْوَاقِعِ فِي الْأَثْنَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ وَالْوَاقِعِ فِي الِابْتِدَاءِ.

(سُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ يَجُوزُ النَّذْرُ بِدَيْنِ السَّلَمِ أَوْ لَا كَالْحَوَالَةِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ مَشَى جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ عَلَى الْجَوَازِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ وَقُرْبَةٍ وَلَا مُعَاوَضَةَ بِخِلَافِ نَحْوِ بَيْعِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَصِحُّ النَّذْرُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ أَوْ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ كَالْوَصِيَّةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِيهِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا لَفْظُهُ مَا تَقُولُونَ فِيمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي الْوَقْفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خُصِّصَ الصَّرْفُ بِزَمَنٍ كَالْجُمُعَةِ وَرَمَضَانَ مَثَلًا أَنَّهُ يَتْبَعُ تَخْصِيصَهُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْوَقْفِ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّذْرِ أَنَّهُ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ هُنَا الزَّكَاةُ وَهِيَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِهَا لَا تَأْخِيرُهَا عَنْهُ عَلَى مَا فَصَّلُوهُ فِيهَا فَأُلْحِقَ النَّذْرُ بِهَا فِي ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْمَحْكِيِّ فِي السُّؤَالِ وَأَمَّا الْوَقْفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>