للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذْ الْمُتَّجِهُ كَمَا قَالَهُ التَّاجُ السُّبْكِيّ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَعْطَاهُ مِنْهُ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ تَقْيِيدَ أَصْلِهِ الْمَالَ الَّذِي يَقْضِي مِنْهُ بِقَوْلِهِ إنْ حَضَرَ لَكِنْ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ لِشُمُولِهِ مَا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ رَدُّ تَمَسُّكِ الْإِسْعَادِ بِظَاهِرِ عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ وَظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ عَنْ التَّوْشِيحِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الْغَائِبِ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ لَا بِمَالِهِ وَالْوَجْهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَالِهِ لَا بِهِ إذْ الْمُتَصَرَّفُ فِيهِ هُوَ الْمَالُ فَكَانَ الْمَدَارُ عَلَيْهِ لَا عَلَى مَالِكِهِ وَمَا بَيَّنَهُ مِنْ أَنَّ بَيْعَ بَعْضِ الْقُضَاةِ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ تَوَهُّمًا مِنْ مَسْأَلَةٍ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَأَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْفَتَاوَى فِي حَاضِرٍ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَاضِرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ لَا يُنْظَرُ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ إلَى مَحَلِّ مَالِهِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورَةُ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْته فِيهَا مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَالِهِ لَا بِهِ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فَإِنَّهُ سُئِلَ هَلْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَ الْغَائِبِ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ إذَا كَانَ الْمَالُ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ غَيْرِهِ

فَأَجَابَ يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُثْبَتَ عَلَى الْغَائِبِ بِطَرِيقِهِ وَيُكْتَبَ بِهِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ لِيُخَلِّصَهُ مِنْهُ وَعِبَارَةُ التَّوْشِيحِ الَّتِي أَخَذَ مِنْهَا الْإِسْعَادُ مَا ذَكَرْته عَنْهُ وَرَدَدْته وَذَلِكَ أَيْ الْوَفَاءُ مِنْ مَالِهِ الْغَائِبِ لَا يَتَّجِهُ إذَا كَانَ الْغَائِبُ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ حَدِّ عَمَلِهِ أَمَّا الْخَارِجُ فَمَوْضِعُ نَظَرٍ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ صَرِيحَ نَقْلٍ وَالْأَرْجَحُ فِي نَظَرِي أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ وَلَكِنْ يُنْهِي الْحَالَ إلَى حَاكِمِ بَلَدِ النَّاحِيَةِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي أَوَائِلِ الرُّكْنِ الثَّالِثِ فِي كَيْفِيَّةِ إنْهَاءِ الْحَاكِمِ إلَى الْقَاضِي الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَسِيَاقُ عِبَارَتِهِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّرَفُ الْغَزِّيُّ وَجَعَلَاهُ فِيمَا إذَا كَانَ غَائِبًا فِي مَحِل وِلَايَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَامْتَنَعَ وَكَمَا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِرَجُلٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي وِلَايَتِهِ نَافِذٌ عَلَى مَنْ بِأَقْطَارِ الْأَرْضِ وَفِيمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قِيَاسًا عَلَى تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورِ وَوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ تَزْوِيجَ الْقَاضِي جَرَى فِيهِ خِلَافٌ هَلْ هُوَ بِالْوِلَايَةِ أَوْ بِالنِّيَابَةِ

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَلَا تَقْضِيهَا الْوِلَايَةُ إلَّا حَيْثُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ عَمَلِهِ فَإِنَّهُ لَا عَلَقَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ كَوْنَ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ اقْتَضَى وِلَايَتَهُ عَلَيْهَا وَحَيْثُ اقْتَضَى ذَلِكَ جَازَ لَهُ بَيْعُهَا وَإِنْ كَانَ مَالِكُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ عَمَلِهِ فَمَالِكُهَا نَظِيرُ الزَّوْجِ وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ كَوْنَهُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ وَوَجْهُ كَوْنِهَا نَظِيرَتَهَا أَنَّ الْعَيْنَ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا بِمَا تَصِيرُ بِهِ مِلْكًا لِلْغَيْرِ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا بِتَزْوِيجِهَا بِمَا تَصِيرُ بِهِ مُسْتَحِقَّةً لِلزَّوْجِ فَاتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَمَالِك الْعَيْنِ وَبَانَ أَنَّ الزَّوْجَةَ وَالْعَيْنَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ إطَالَةَ بَعْضِهِمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَيْنِ أَنْ تَكُونَ بِمَحَلِّ عَمَلِهِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ بِمَحَلِّ عَمَلِهِ وَاسْتِدْلَالُهُ بِتَصْرِيحِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَقَارِ الْمَقْضِيِّ بِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ أَوْ فِي غَيْرِهَا قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ قِيلَ يَقْضِي بِبُقْعَةٍ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قُلْنَا هَذِهِ غَفْلَةٌ عَنْ الْقَضَاءِ فَكَمَا أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَيَقْضِي بِبُقْعَةٍ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَعَنْ هَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ بِحَقَائِقِ الْقَضَاءِ قَاضٍ فِي قَرْيَةٍ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي دَائِرَةِ الْآفَاقِ وَيَقْضِي عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ إذَا سَاغَ الْقَضَاءُ عَلَى غَائِبٍ فَالْقَضَاءُ بِالدَّارِ الْغَائِبَةِ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ وَالدَّارُ مَقْضِيٌّ بِهَا. اهـ. لَا يَنْهَضُ لَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَاضٍ يَكْتُبُ وَيُنْهِي كَمَا صَرَّحَا بِهِ فِي قَوْلِهِمَا الْكَاتِبُ وَاَلَّذِي يَكْتُبُ وَيُنْهِي لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمَكْتُوبُ بِهَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ لَيْسَ حُكْمًا بَتًّا وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا يَنْضَمُّ إلَيْهِ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ فِي بَيْعِ عَيْنٍ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ هَذَا تَصَرُّفٌ مِنْهُ مُسْتَقِلٌّ لَيْسَ سَبَبُهُ إلَّا الْوِلَايَةُ

وَهَذِهِ الْعَيْنُ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَا يَتَّجِهُ مَعَ ذَلِكَ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَا مُسَوِّغَ لَهُ وَبِعِبَارَةِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>