للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُعْلَمُ الرَّدُّ عَلَى التَّاجِ السُّبْكِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَمِمَّا يَرِدُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا أَنَّ الْبَيْعَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ وَهُوَ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ بِطَلَبِ الْغَرِيمِ وَأَيْضًا فَالْقَاضِي نَائِبُ الْغَائِبِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَالنَّائِبُ كَالْمَنُوبِ عَنْهُ وَهُوَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَكَذَا نَائِبُهُ وَأَيْضًا فَكُلُّ مَا وَجَبَ عَلَى الشَّخْصِ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ إذَا امْتَنَعَ أَوْ غَابَ قَامَ الْقَاضِي مَقَامَهُ فِيهِ وَأَيْضًا فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْقَاضِي الْبَيْعُ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ وَامْتَنَعَ وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ إذَا حَضَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَكَذَا فِي غَيْبَتِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ - إذَا اخْتَلَفَ الْحَاكِمُ وَالشَّاهِدَانِ فِي شَاهِدَيْ الْحُكْمِ فَقَالَ الْحَاكِمُ شَهِدْتُمْ عِنْدِي بِكَذَا وَحَكَمْت بِهِ وَقَالَ الشَّاهِدَانِ مَا شَهِدْنَا عِنْدك إلَّا بِكَذَا يَعْنِي بِخِلَافِ مَا حَكَمْت بِهِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ صِحَّةِ الْحُكْمِ أَوْ لَا وَمَا لَوْ وَرَدَ كِتَابٌ عَلَى حَاكِمٍ فِيهِ حَكَمْت عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَان فَأَحْضَرَ شَاهِدَيْ الْحُكْمِ فَقَالَا لَمْ نَشْهَدْ بِهَذَا الْحُكْمِ وَمَا نَشْهَدُ إلَّا بِكَذَا بِخِلَافِ الْحُكْمِ أَوْ أَنْكَرَا أَصْلَ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنْكَرَا الْحُضُورَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ أَوْ قَالَا نَشْهَدُ بِصُورَةِ الْأَمْرِ لَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رُجُوعًا مِنْهُمْ وَيَغْرَمُونَ مَا أُخِذَ بِالْحُكْمِ أَوْ لَا فَيَكُونُ رُجُوعًا وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ وَلَا يَغْرَمُ الْحَاكِمُ أَمْ يَصِحُّ الْحُكْمُ وَإِذَا صَحَّ الْحُكْمُ فَعَلَى مَنْ الْغُرْمُ وَمَا يَكُونُ إذَا لَمْ تَصِحَّ شَهَادَةُ الشُّهُودِ وَكَانَ الْحَاكِمُ مُصِرًّا بِالْحُكْمِ.

وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى مِنْ الْحُكَّامِ أَنَّهُمْ رُبَّمَا يَحْكُمُونَ بِغَيْبَةِ الْخَصْمِ وَالشُّهُودِ عَافَانَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وَرُبَّمَا يُنْكِرُ الشُّهُودُ أَصْلَ الشَّهَادَةِ وَهُمْ كَاذِبُونَ لِأَجْلِ فَسَادِ الزَّمَانِ وَمَا لَوْ أَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُ صَادَقَ الشُّهُودَ الَّذِينَ شَهِدُوا بِخِلَافِ الْحُكْمِ وَأَقَرُّوا بِأَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدَانِ بِخِلَافِ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ إنَّ الْحَاكِمَ مَتَى حَصَرَ مُسْتَنَدَ حُكْمِهِ فِي شَاهِدَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ فَأَنْكَرَا الشَّهَادَةَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمَا بَيِّنَةٌ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَهُ بِهِ كَانَ الْحُكْمُ بِهِ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهِ لِبُطْلَانِ سَبَبِهِ بِإِنْكَارِهِمَا.

هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَى الْقَاضِي جَوْرٌ أَوْ نَحْوُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ لَا تُسْمَعَ عَلَيْهِ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ نَائِبُ الشَّرْعِ فَقَوْلُهُ أَصْدَقُ مِنْ الْبَيِّنَةِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَا قَرَرْته فَغَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ رَأْيٌ لَهُ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا فِي التَّوَسُّطِ وَغَيْرِهِ وَالْكَلَامُ فِي قَاضٍ أَمِينٍ ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَالدِّيَانَةِ مَحْمُودِ السِّيرَةِ كَانَ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَرَدُّدَ عِنْدِي فِي إلْغَاءِ حُكْمِهِ وَفَسَادِ دَعْوَاهُ وَيَأْتِي مَا ذُكِرَ فِيمَا لَوْ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْحُكْمِيِّ أَشْهَدْتُ عَلَى حُكْمِي فُلَانًا وَفُلَانًا فَأَنْكَرَا فَلَا يُعْتَدُّ بِحُكْمِهِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّاهِدَانِ غَيْرُ رُجُوعٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِفَسَادِ الْحُكْمِ سَوَاءٌ أَوَافَقَهُمَا الْمَحْكُومُ لَهُ أَمْ لَا.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ - إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَنَفَذَ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ إشْهَادِ الْحَاكِمِ بِهِ الْأَوَّلِ أَوْ إبْطَالُ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ مَا حَكَمْت بِهَذَا هَلْ يَبْطُلُ التَّنْفِيذُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ إنَّ التَّنْفِيذَ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَمَتَى بَانَ فَسَادُ الْأَوَّلِ بَانَ فَسَادُ التَّنْفِيذِ نَعَمْ قَوْلُ الْحَاكِمِ مَا حَكَمْت بِهَذَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ فِي كِتَابٍ وَجِيئَ بِالْكِتَابِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ عَلَى خِلَافِ مُعْتَقَدِهِ هَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ إنَّهُ يَنْفُذُ وَإِنْ خَالَفَ مُعْتَقَدَهُ كَمَا حَكَى الشَّيْخَانِ تَصْحِيحَهُ عَنْ السَّرَخْسِيّ قَالَا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ لَكِنَّهُمَا حَكَيَا قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُ فَلَا يُنَفِّذُهُ وَلَا يَنْقُضُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَة عَلَى مَا يَعْتَقِدهُ خَطَأً وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا أَشَارَا إلَيْهِ بِقَوْلِهِمَا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ إذْ هِيَ صِيغَةُ تَرْجِيحٍ كَمَا حَقَّقَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مِمَّا لَا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَإِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>