للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّ الْمُخْتَلِفَ الْجِنْسِ هُوَ الْمَقْسُومُ مِنْ غَيْرِ تَبَعٍ لِشَيْءٍ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الْأَشْجَارِ الْمُنْفَرِدَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ نَوْعِهَا وَإِمْكَانِ تَسْوِيَتِهَا عَدَدًا وَقِيمَةً فَلَا تَلْتَبِسُ عَلَيْكَ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ بِالْأُخْرَى كَمَا وَقَعَ فِيهِ أَبُو شُكَيْل إنْ صَحَّ مَا نُقِلَ عَنْهُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرِّبَوِيَّاتِ كَالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ هَلْ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا كَيْلًا مَعَ اتِّحَادِ نَوْعِهِ وَاخْتِلَافِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَلَوْ اقْتَسَمَاهُ بِدُونِ كَيْلٍ بَلْ بِامْتِحَانٍ بِالْيَدِ أَوْ دُونِهِ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ الْكَيْلِ وَهَلْ يَقْدَحُ فِي الصِّحَّةِ اخْتِلَافُ حَبَّاتِهِ كُبْرًا وَصِغَرًا أَوْ اخْتِلَافُهُ رُطَبًا وَبَلَحًا أَوْ لَا وَكَذَلِكَ قِسْمَةُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ بِكَيْلٍ أَوْ دُونِهِ وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِأَنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّا حَيْثُ جَعَلْنَا الْقِسْمَةَ بَيْعًا فَاقْتَسَمَا رِبَوِيَّا وَجَبَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَعَكْسُهُ وَلَا قِسْمَةُ رُطَبٍ وَعِنَبٍ وَمَا عَقَدَتْ النَّارُ أَجْزَاءَهُ وَلَا قِسْمَةُ ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ خَرْصًا وَحَيْثُ جَعَلْنَاهَا إفْرَازًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ جَازَ كُلُّ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَفُوتُ إمْكَانُ الْقِسْمَةِ فَقَطْ نَعَمْ الثِّمَارُ عَلَى الشَّجَرِ غَيْر الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا خَرْصًا وَكَذَلِكَ سَائِرُ الزُّرُوعِ.

وَأَمَّا التَّمْرُ وَالْعِنَبُ فَيَجُوزُ قِسْمَتُهَا خَرْصًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيّ قَوْلَ جَمْعٍ لَا يَجُوزُ خَرْصُهَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ قَالَ لِأَنَّ الْخَرْصَ ظَنٌّ لَا يُعْلَمُ بِهِ نَصِيبُ وَاحِدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَفِي الزَّكَاةِ جَوَّزَ لِلْحَاجَةِ مَعَ كَوْنِ شَرِكَةِ الْمَسَاكِينَ لَيْسَتْ بِشَرِكَةٍ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ حَقِّهِمْ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ خَرْصِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُحَقَّقِ شَرْعًا فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَالْعَرَايَا فَكَذَا هُنَا لِأَنَّ قِسْمَةَ الْإِفْرَازِ فِيهَا أَنْوَاعٌ مِنْ الْمُسَامَحَةِ يُجْعَلُ هَذَا مِنْهَا وَصَرَّحَ الشَّيْخَانِ أَيْضًا بِأَنَّهُمَا لَوْ أَرَادَ قِسْمَةَ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ مَعَ مَا فِيهَا وَقَدْ اشْتَدَّ الْحَبُّ أَوْ كَانَ بَذْرًا بَعْدُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ فَصِيلًا جَازَ أَوْ قِسْمَةَ مَا فِيهَا وَحْدَهَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُجْعَلَ الْقِسْمَةُ هُنَا إفْرَازً أَوْ بَيْعًا أَمَّا فِي الزَّرْعِ وَحْدَهُ فَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَأَمَّا فِي الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ وَهُوَ بَذْرٌ أَوْ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ فَلِأَنَّهَا عَلَى الْإِفْرَازِ قِسْمَةُ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ وَعَلَى الْبَيْعِ بَيْعُ طَعَامٍ وَأَرْضٍ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِسْمَةُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ تَصِحُّ قِسْمَةُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ كَيْلًا وَوَزْنًا مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَاخْتِلَافِهِ وَلَوْ رُطَبًا وَبَلَحًا وَمَعَ اخْتِلَافِ الْحَبَّاتِ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ تَعْدِيلُ السَّهْمِ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الزَّرْعِ وَمِنْ ثَمَّ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَنْ الْكَيْلِ مَثَلًا الِامْتِحَانُ بِالْيَدِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّهُمَا مِثْلِيَّانِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْقَصَبِ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَبَعًا لِلنَّصِّ أَنَّهُمَا مُتَقَوَّمَانِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ لَكِنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ يَحْمِلُ النَّصَّ الْقَائِلَ بِوُجُوبِ قِيمَتِهَا عَلَى مَا إذَا فُقِدَ الْمِثْلُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا مُتَقَوَّمَانِ تَكُونُ قِسْمَتُهُمَا قَسْمَةَ تَعْدِيلٍ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ شُرُوطِهَا السَّابِقَةِ فِي الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا.

(وَسُئِلَ) فِي قِسْمَةِ اللَّحْمِ نِيئًا وَمَشْوِيًّا بِدُونِ نَزْعِ الْعِظَامِ وَدُونَ وَزْنِ اللَّحْمِ كَمَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ أَوْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَمَا طَرِيقُ الصِّحَّةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَلَوْ ضَحَّى جَمَاعَةٌ بِبَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ وَقُلْتُمْ إنَّ لَهُمْ قِسْمَةَ اللَّحْمِ فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَتَّصِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْكَبِدِ وَالْقَلْبِ وَالْكَرِشِ وَالشَّحْمِ وَاللَّحْمِ وَهِيَ أَجْنَاسٌ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِهَا وَغَيْرُهُ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّ اللَّحْمَ النِّيءَ مِثْلِيٌّ فَتَكُونُ قِسْمَةَ إفْرَازٍ وَحِينَئِذٍ فَتَصِحُّ بِشَرْطِ نَزْعِ عَظْمِهِ الَّذِي يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ لَمَا مَرَّ فِي الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ شَرْطَ قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ تَعْدِيلُ السِّهَامِ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا يَتَيَسَّرُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ اللَّحْمِ إلَّا بِوَزْنِهِ فَلَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ جُزَافًا لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ وَهُوَ بَيْعٌ وَبَيْعُ الرِّبَوِيِّ الَّذِي دَخَلَ النَّارَ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لَا يَجُوزُ وَإِذَا ضَحَّى جَمْعٌ بِبَدَنَةٍ.

فَلَا بُدَّ مِنْ قِسْمَةِ كُلٍّ مِنْ أَجْزَائِهَا كَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ عَلَى حِدَتِهِ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا تَعْدِيلًا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الرِّبَوِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْتُهُ فِي الْجَوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>