للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّذِي قَبْلَ هَذَا فِي تَقْدِيرِ بُطْلَانِ قِسْمَةِ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ وَقَدْ بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ كَانَ بَذْرًا بَعْدُ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَوْا بِتَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ مَثَلًا أَمَّا إذَا رَضُوا بِذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَمَّا الْأَقْرِحَةُ الْأَرَاضِي فَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فَهِيَ كَالدُّورِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَاوِرَةً فَفِي الشَّامِلِ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ جَعَلَهَا كَالْقَرَاحِ الْوَاحِدِ الْمُخْتَلِفِ الْأَجْزَاءِ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ إنَّمَا تَكُونُ كَالْقَرَاحِ الْوَاحِدِ إذَا اتَّحَدَ الشُّرْبُ وَالطَّرِيقُ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَفَرَّقَتْ قَالَ وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَمَا صُورَةُ الِاتِّحَادِ فِي الشُّرْبِ وَالطَّرِيقِ.

هَلْ هُوَ فِي الشُّرْبِ مَا إذَا كَانَتْ الْأَقْرِحَةُ الْمُتَجَاوِرَةُ تَشْرَبُ مِنْ ثُقْبَةٍ وَاحِدَةٍ دُون مَا إذَا تَعَدَّدَتْ لِكُلِّ أَرْضٍ ثُقْبَةٌ تَخُصُّهَا مِنْ النَّهْرِ أَوْ كَيْفَ صُورَة الِاتِّحَادِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْأَقْرِحَةِ أَسْفَلُ مِنْ الْآخَرِ وَبَيْنَهُمَا حَاجِزٌ وَفِيهِ ثُقْبٌ يَمُرُّ الْمَاءُ فِيهَا مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَسْفَلِ بِلَا سَدٍّ وَقَدْ يُسَدُّ بِحَيْثُ لَا يُرْسِلُ إلَى الْأَسْفَلِ إلَّا بَعْدَ رَيِّ الْأَعْلَى فَهَلْ يَجْرِي الْإِجْبَارُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمْ فِي الصُّورَة الْأُولَى فَقَطْ وَهَلْ مَا ثَبَتَ فِيهِ الْإِجْبَارُ بِالْقِسْمَةِ يَثْبُتُ فِي خَلْطَةِ الْجِوَارِ أَمْ الْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ اتِّحَادِ الْأَقْرِحَةِ مِنْ اتِّحَادِ مَشْرَبِهَا وَطَرِيقِهَا بِأَنْ يَكُونَ النَّهْرُ الَّذِي تَشْرَبُ مِنْهُ وَاحِدًا وَتَكُونَ طَرِيقُهَا الَّتِي يَصِلُ فِيهَا مَاءُ النَّهْرِ إلَيْهَا وَاحِدَةً سَوَاءٌ وَصَلَ إلَيْهَا مِنْ ثُقْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ ثُقَب بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ النَّهْرُ أَوْ اتَّحَدَ لَكِنْ اخْتَلَفَتْ طُرُقُهَا إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا إجْبَارَ حِينَئِذٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَنْهَارِ وَبِاخْتِلَافِ الْقُرْبِ إلَيْهِ بِاخْتِلَافِ الطَّرِيقِ مَعَ تَلَاصُقِهَا كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ يَخْتَلِفُ قُرْبُهَا وَبُعْدُهَا مِنْهُ فَامْتَنَعَ الْإِجْبَارُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلَاصَقَتْ وَاتَّحَدَ النَّهْرُ وَاتَّحَدَتْ طَرِيقُهَا إلَيْهِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ حِينَئِذٍ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَعْيَانِهَا فَمِنْ ثَمَّ دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ حِينَئِذٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِيمَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْأَقْرِحَةِ أَسْفَلَ مِنْ الْآخَرِ إلَخْ لِأَنَّ الطَّرِيقَ حِينَئِذٍ إلَى النَّهْرِ لَمْ تَتَّحِدْ بَلْ اخْتَلَفَتْ قُرْبًا وَبُعْدًا وَمِنْ لَازِمِ اخْتِلَافِهَا كَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ بِأَعْيَانِهَا وَمَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ كَذَلِكَ يُمْتَنَعُ الْإِجْبَارُ وَوَاضِحٌ أَنَّ خُلْطَةَ الْجِوَارِ لَا شَرِكَةَ فِيهَا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِيهَا الْقِسْمَةُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِيهَا إجْبَارٌ أَوْ عَدَمُهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا تَتَأَتَّى قِسْمَتُهُ إجْبَارًا وَلَمْ يَرْضَ الشُّرَكَاءُ فِيهِ بِالْمُهَايَأَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرهُ وَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَهَلْ إجَارَتُهُ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ وَلَوْ أَنَّ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ طَلَبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هَلْ يُجَابُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ فِي امْتِنَاعِ الشِّرْكَيْنِ مِنْ الْمُهَايَأَةِ إنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُهُ عَلَيْهِمَا وَتُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرهُ لِأَحَدِهِمَا وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ بِامْتِنَاعِهِمَا صَارَ نَائِبًا عَنْهُمَا شَرْعًا إذْ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِمَا إنَّمَا هُوَ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْحَاكِمِ إذَا زَوَّجَ بِعَضَلِ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْبَتِهِ مَثَلًا وَإِذَا كَانَ نَائِبًا عَنْهُمَا فَكَيْفَ يُؤَجِّرُ أَحَدَهُمَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُتَصَرِّفًا مَعَ مُسْتَنِيبِهِ فِيمَا هُوَ نَائِبٌ فِيهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَأْجِرُ مَالَهُ مِنْ نَائِبِهِ.

بَلْ لَوْ قُلْنَا إنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُمَا وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَانَ الِامْتِنَاعُ وَاضِحًا أَيْضًا لِأَنَّهُ وَلِيٌّ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ مِنْهُ فِي حِصَّتِهِ وَالْوَلِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ مَعَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ وَلِيٌّ عَلَيْهِ فِيهِ فَإِنْ قُلْتَ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ الصِّحَّةِ بِأَنَّ أَحَدِهِمَا إذَا رَضِيَ بِالِاسْتِئْجَارِ صَارَ الْقَاضِي غَيْرَ نَائِبٍ عَنْهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنُوبُ عَنْ مُمْتَنِعٍ وَغَيْر مُوَلًّى عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذَكَرْتُهُ فِي تَوْجِيهِ الِامْتِنَاعِ قُلْتُ هَذَا وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُتَخَيَّلَ إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَاضِحُ الْفَسَادِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُؤَجِّرُهُ عَلَيْهِمَا إلَّا إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا بِالْمُهَايَأَةِ وَإِذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا بِهَا فَوِلَايَةُ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ مُسْتَمِرَّةٌ عَلَيْهِمَا وَإِنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِأَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِأَنَّ رِضَاهُ بِاسْتِئْجَارِهِ غَيْرُ رِضَاهُ بِالْمُهَايَأَةِ فَلَا يَكُونُ رِضَاهُ بِالِاسْتِئْجَارِ مُبْطِلًا لِوِلَايَةِ الْحَاكِمِ وَلَا لِنِيَابَتِهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>