للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ ادَّعَى مِلْكًا بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةً أَوْ ادَّعَى اسْتِحْقَاقَ عَيْنٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَقُولَ وَيَلْزَمهُ التَّسْلِيمُ إلَيَّ فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا قَالَ إلَى وَلِيِّي أَوْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْأَدَاءِ اللَّازِمِ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَفْسَخُ الْبَائِعُ بِسَبَبٍ.

وَيَكُونُ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ عَلَى نَحْوِ مُعْسِرٍ أَوْ الْعَيْنُ مَوْجُودَةٌ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَعَنَى اشْتِرَاطَ مَا ذُكِرَ وَهُوَ يَلْزَمهُ التَّسْلِيمُ إلَيَّ مَا لَوْ قَصَدَ بِالدَّعْوَى نَحْوَ الْمُنَازَعَةِ دُونَ تَحْصِيلِ الْحَقِّ فَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ ذِكْرُ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِي وَهُوَ يَمْنَعنِيهَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هِيَ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِيَدِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ أَوْ قَالَ يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيَّ سَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ سَبَبِهِ مِنْ شِرَاءِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ إجَارَةٍ مَثَلًا وَبِهَذَا الَّذِي تَقَرَّرَ مِنْ كَلَامِهِمْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إتْيَانُ نَظِيرِهِ فِي الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ لَا فِي الْإِقْرَارِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا وَكَانَ سَبَبُ الِالْتِبَاسِ فِيهِ مَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ السَّائِلِ مِنْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ لِدَفْعِ الْمُنَازَعَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ ذِكْرٍ وَيَلْزَمهُ التَّسْلِيمُ إلَيَّ كَمَا تَقَرَّرَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ تَحْتَ يَدِك غَصْبٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهَا تَحْتَ يَدِكَ عَارِيَّةٌ أَوْ إجَارَةٌ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَلَمْ يُقِرَّ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا أَوْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا فَمَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيهَا إنْ شَهِدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْمِلْكِ لِمَنْ أَقَامَهَا تَعَارَضَتَا فَيَتَسَاقَطَانِ وَيُعْمَلُ بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ وَإِنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى بِمُجَرَّدِ الْغَصْبِ أَوْ الِاسْتِعَارَةِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ مِنْ الْآخَرِ قُدِّمَتْ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَجُوزُ لِلْمُفْلِسِ الْحَلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ حَكَى الصَّيْدَلَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ الْحَلِفُ أَنَّهُ لَا حَقَّ عَلَيْهِ نَاوِيًا لَا حَقَّ عَلَيْهِ يَلْزَمهُ أَدَاؤُهُ الثَّانِي لَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ الْعَادِلَ لَا يَحْبِسهُ إلَّا بَعْد الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ ذَكَرَهُ فِي الْبَيَانِ وَقَضِيَّتُهُ اتِّفَاقُ الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّ لَهُ الْحَلِفُ نَاوِيًا ذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ جَائِرًا وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّوْرِيَةَ تَنْفَعُ عِنْد الْجَائِرِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ أَيْضًا وَيَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا تَنْفَعُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي شَخْصٍ أَرْسَلَ أَمَانَةً إلَى آخَرَ لِيَصْرِفَهَا عَلَى زَوْجَتِهِ وَمُسْتَوْلَدَتِهِ بِإِخْبَارِ الْأَمِينِ الْمُرْسَلِ مَعَ ذَلِكَ فَأَنْفَقَهَا الْمُرْسَلُ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُخْبِرُ الْمَذْكُورُ وَأَنْفَقَ بَعْد فَرَاغِهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِذَلِكَ حَالَ الْإِنْفَاقِ وَالْإِشْهَادِ بِهِ فَمَاتَ مُرْسِلُ الْأَمَانَةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ثَبَتَ بَعْد وَفَاتِهِ وَأَرَادَ الدَّائِنُ الْمُطَالَبَةَ بِدَيْنِهِ لِمَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْمَالِ الْمُرْسَلِ مِنْ مَدِينِهِ بَعْد الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَى مَنْ يَتَوَجَّهُ طَلَبُهُ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْمُنْفِقِ أَوْ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ وَإِذَا تَوَجَّهَ طَلَبُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَمَا الْحُكْمُ فِي الْإِنْفَاقِ وَالْإِذْنِ فِيهِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُنْفِقِ وَحْدَهُ أَوْ قَوْلُهُ مَعَ الزَّوْجَةِ الْمُنْفَقُ عَلَيْهَا أَوْ قَوْلُ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ أَوْ يَحْتَاج إلَى الْبَيِّنَةِ وَإِذَا عَجَزَ الْمُنْفِقُ عَنْ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِذْنِ لَهُ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ.

وَهَلْ تَعْيِينُهُ بَعْد الْإِنْفَاقِ لِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ الْمَالِ الْمُرْسَلِ مَقْبُولٌ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُنْفِقُ وَالْمُنْفَقُ عَلَيْهِ فِي النَّفَقَةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَادَّعَى الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ التَّبَرُّعَ وَادَّعَى الْمُنْفِقُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ فَمَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْهُمَا وَهَلْ لِلْمُتَبَرِّعِ بِالْإِنْفَاقِ الرُّجُوعُ بِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيّ كَابْنِ الصَّلَاحِ رَحِمهمَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِأَنَّ لِلدَّائِنِ الْمُطَالَبَةَ بِحُقُوقِ الْمَيِّتِ أَيْ بِأَعْيَانِ أَمْوَالِهِ لَا بِدُيُونِهِ وَحِينَئِذٍ فَلِلدَّائِنِ هُنَا مُطَالَبَةُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَثْبَتَ إذْنَ الْمَيِّتِ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ بَدَلَ مَا أَرْسَلَ إلَيْهِ وَلِلدَّائِنِ مُطَالَبَةُ الْوَارِثِ أَيْضًا دُونَ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَلَا يُكْتَفَى فِي دَفْعِ طَلَبِ الدَّائِنِ اتِّفَاقُ هَذَيْنِ وَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ عَلَى إذْنِ الْمَيِّتِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>