وَوَرَثَتِهِ صَرْفُ دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ الْمُطَالَبَةَ وَقِيَاسُهُ عَلَى الزَّوْجَةِ الْكَلَامُ فِيهِ أَيْضًا كَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ حَقٌّ ثَابِتٌ لَوْ صُدِّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَجَبَ الدَّفْعُ لِإِيفَاءِ دَيْنِهِ وَتَمَسَّكَ
أَعْنِي ابْنَ الْأُسْتَاذِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَعْرَضَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِصَامُ عِنْد الْمُحَقِّقِينَ قَالَ وَفِي التَّهْذِيبِ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ فَلَا دَعْوَى لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ فَإِنْ مَاتَ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ حِينَئِذٍ قَالَ وَنَقَلَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَالْمُفْلِسِ الِابْتِدَاءُ بِالدَّعْوَى وَنَقَلَ الْأَصْحَابُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْمَنْعَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقَعُ التَّكَاسُلُ مِنْ الْوَارِثِ وَالْمُفْلِسِ.
قَالَ وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الصَّلَاحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِالسَّمَاعِ. اهـ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِنْ أَقَرَّهُ جَمْعٌ فَإِنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ أَوَّلًا يَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَلَا تَمَسُّكَ لَهُ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَبِيهِ وَالْبَغَوِيِّ رَحِمهمْ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهَا مَقَالَاتٌ مُخَالِفَةٌ لِصَرَائِحِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ رَحِمهمَا اللَّهُ تَعَالَى وَغَيْرهمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يُخَاصِمُ وَإِنْ أَعْرَضَ الرَّاهِنُ وَأَنَّ الدَّائِنَ لَا يَدَّعِي وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْحَجْرِ وَإِنْ أَعْرَضَ الْوَارِثُ وَوَقَعَ لِأَبِي زُرْعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ أَفْتَى بِنَحْوِ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الْأُسْتَاذِ فَقَالَ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَلَا يُقَالُ قَدْ قَالُوا بِجَوَازِ الظَّفَرِ مِنْ مَالِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ حُضُورِ الْغَرِيمِ أَمَّا إذَا غَابَ وَثَبَتَ حَقُّ صَاحِبِ الدَّيْنِ فَرَفَعَ غَرِيمَهُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الدَّيْنَ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا تَعَيَّنَ ذَلِكَ طَرِيقًا لِوَفَائِهِ وَالْمُدَّعِي لَا يَأْخُذهُ بِيَدِهِ وَإِنَّمَا الْحَاكِمُ يَقْبِضُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ لِلدَّائِنِ. اهـ. وَهَذَا أَيْضًا فِيهِ نَظَرٌ وَإِطْلَاقُهُمْ
يَرُدَّهُ فَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَى غَرِيمِ الْحَيّ مُطْلَقًا وَكَذَا غَرِيمُ الْمَيِّتِ فِي الدَّيْنِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ثَبَتَ لِزَيْدِ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَادَّعَى زَيْدٌ عَلَى خَالِدٍ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي بِيَدِك لِعَمْرٍو فَأَنْكَرَ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَحْلِفْ إذْ لَوْ وَجَبَتْ يَمِينٌ فَرُبَّمَا نَكَلَ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَحْلِف فَيُؤَدِّي إلَى إثْبَاتِ مِلْكِ الشَّخْصِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ وَلَوْ قَصَدَ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ. اهـ. وَوَجْهُ عَدَمِ مُنَافَاةِ هَذَا لِمَا مَرَّ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَطَلَبِ التَّحْلِيفِ فِي عَيْنِ الْمَيِّتِ أَنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ عَمْرٌو حَيًّا حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا لِيُوَافِق مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي الْعَيْنِ الْمَمْلُوكَةِ لِلْمَيِّتِ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ وَشَيْخِنَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا عَقَّبَا كَلَامَ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا بِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَالسُّبْكِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إمَّا بَيَانًا لِمُرَادِهِ أَوْ تَخْصِيصًا لَهُ بِغَيْرِ صُورَةِ الْمَيِّتِ وَيَلْزَمُ مِنْ سَمَاعِهَا تَحْلِيفُ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنْ قُلْتَ ظَاهِرُ قَوْلِ شُرَيْحٍ إذْ لَوْ وَجَبَتْ يَمِينٌ فَرُبَّمَا نَكَلَ إلَخْ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْحَيِّ قُلْتُ مَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ شُرَيْحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَمَاعُ الدَّعْوَى وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْفِيهِ طَلَبُ التَّحْلِيفِ لَمَّا يَلْزَم عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرَهُ
وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ بِلَازِمٍ بَلْ مَتَى سُمِعَتْ الدَّعْوَى سُمِعَ طَلَبُهُ لِلتَّحْلِيفِ وَفَاءً بِالْقَاعِدَةِ وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْن التَّحْلِيفِ وَرَدِّ الْيَمِينِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَدَّعِي وَيَطْلُبُ التَّحْلِيفَ وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَيْمَانِ الَّتِي لَا تُرَدُّ يَمِينُ التُّهْمَةِ وَالْقَسَامَةِ وَالْيَمِينُ الْمُتَمِّمَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَيَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ وَيَمِينُ الْقَذْفِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْقَاذِفِ وَيَمِينُ الشُّهُودِ وَهِيَ يَمِينُ التَّزْكِيَةِ وَكَانَ هَذَا الَّذِي قَرَّرْتُهُ فِي رَدَّ عِلَّتِهِ وَأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِ سَمَاعُ الدَّعْوَى هُوَ مَنْشَأُ قَوْلِ شَيْخِنَا عَقِبه قُلْتُ فِي عَدَمِ سَمَاعِهَا أَيْ الْبَيِّنَةِ نَظَرٌ. اهـ. وَيُوَجَّهُ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَضِيَّةَ نَفْيِهِ الْحَلِفَ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ سَمَاعُ الدَّعْوَى وَيَلْزَمُ مِنْ سَمَاعِهَا سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ حَيْثُ لَا مُنَاقَضَةَ وَنَحْوهَا مِمَّا لَمْ يُوجَد هُنَا وَكَذَا يَلْزَمُ مِنْ سَمَاعِهَا طَلَبُ التَّحْلِيفِ وَلَكِنَّهُ وَجَّهَ عَدَمَ طَلَبِهِ بِمَا قَدَّمَهُ فَبَقِيَ عَدَمُ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِلَا تَوْجِيهٍ فَاتَّضَحَ التَّنْظِيرُ فِيهِ فَإِنْ قُلْتَ مَا تَقَرَّرَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute