للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ أَجَابَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُمْ لَمَحَوَا فِيهِ زِيَادَةَ الِاسْتِقْذَارِ.

وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الدَّمَ لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ مَخْصُوصٌ، وَلَا يَخْرُجُ بِالِاخْتِيَارِ غَالِبًا؛ فَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْبَوْلِ. وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ الْبَحْثَ لَا عَلَى إطْلَاقِهِ فَقَالَ:

(لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ يَسِيرِ الْبَوْلِ بِالدَّمِ الْيَسِيرِ فِي الْعَفْوِ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْهَرِمِ وَالشَّيْخَةِ، وَمَنْ اسْتَرْخَى ظَهْرُهُ لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ، أَوْ إحْلِيلُهُ لِعُنَّةٍ أَوْ شَلَلٍ؛ فَإِنَّ تَحَفُّظَهُ مِمَّا يَبْقَى فِي الْمَخْرَجِ عَسِرٌ أَوْ مُتَعَذَّرٌ، وَإِنْ اسْتَبْرَأَ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَمَّنْ تَنَجَّسَ بَعْضُ ثَوْبِهِ وَانْبَهَمَ فَمَسَّ بَعْضَهُ رَطْبٌ لَمْ يَتَنَجَّسْ بِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بَعْضِهِ وَصَلَّى لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، فَمَا الْفَرْقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا ظَنُّ طَهَارَةِ الثَّوْبِ، وَلَمْ يُوجَدْ. وَالنَّجَاسَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَحَقُّقِ مُمَاسَّةِ الْمَحَلِّ النَّجِسِ، وَلَمْ يُوجَدْ، فَاخْتَلَفَ مَأْخَذُهُمَا.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: يَجُوزُ أَكْلُ دُودِ الطَّعَامِ وَرَوْثِ الْجَرَادِ وَنَحْوِهِ مَعَهُ، هَلْ الْعَفْوُ عَنْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَكْلِ فَقَطْ أَوْ مُطْلَقًا حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ غَسْلُ فَمِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، أَوْ إذَا أَكَلَهُ لَيْلًا وَأَصْبَحَ صَائِمًا، وَلَمْ يَغْسِلْ فَمَهُ وَازْدَرَدَ رِيقَهُ، أَوْ مَا الْحُكْمُ فِيهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إنَّ الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ فِي دُودِ نَحْوِ الْخَلِّ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ مَا هُوَ فِيهِ مِمَّا نُشُوءُهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا؛ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ. وَصَرِيحُ هَذَا أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَلَا لِلصَّوْمِ وَلَا لِغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ مِنْ جَوَازِ أَكْلِ رَوْثِ الْجَرَادِ وَنَحْوِهِ مَعَهُ - فَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي صِغَارِ السَّمَكِ، وَأَلْحَقَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ الْجَرَادَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْقَمُولِيِّ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَتَنَجَّسُ الْفَمُ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ لِلصَّلَاةِ وَلَا لِغَيْرِهَا، نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الدُّودِ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَمَّنْ تَنَحْنَحَ؛ لِتَعَذُّرِ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، فَهَلْ يُعْذَرُ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ حُرُوفٌ كَثِيرَةٌ عُرْفًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ؛ كَمَا إذَا غَلَبَهُ الضَّحِكُ وَنَحْوُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَالرَّوْضَةِ؛ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي التَّنَحْنُحِ لِلذِّكْرِ الْوَاجِبِ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حُرُوفٌ كَثِيرَةٌ عُرْفًا؛ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَاهُ فِي التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ لِلْغَلَبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ. نَعَمْ، لَوْ تَعَذَّرَ الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ الْقَوْلِيِّ إلَّا بِتَنَحْنُحٍ كَثِيرٍ - فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ الْغَلَبَةِ بِأَنَّ هَذَا لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ ذَاكَ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - عَنْ الْإِشَارَةِ بِالْعَيْنِ أَوْ الرَّأْسِ وَفِي تَحْرِيكِ الْأَجْفَانِ وَاللِّسَانِ فِي الصَّلَاةِ، هَلْ هِيَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَفِيفَةِ حَتَّى لَا تَبْطُلَ الصَّلَاةُ بِكَثِيرِهَا، أَوْ لَا حَتَّى تَبْطُلَ بِثَلَاثٍ؟ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْعَيْنِ أَوْ الْيَدِ أَوْ الرَّأْسِ قَلِيلٌ، وَهَلْ الْمُرَادُ الْإِشَارَةُ الْوَاحِدَةُ أَوْ أَعَمُّ؟ وَهَلْ الْيَدُ وَالرَّأْسُ وَالْعَيْنُ مِنْ الْأَعْضَاءِ الصِّغَارِ حَتَّى لَا تَبْطُلَ بِكَثِيرٍ مِنْهَا أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: أَمَّا تَحْرِيكُ الرَّأْسِ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً - فَمُبْطِلٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَأَمَّا تَحْرِيكُ الْأَجْفَانِ وَاللِّسَانِ فَقَدْ ذَكَرْت حُكْمَهُمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَتُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمِنْ الْقَلِيلِ إدَامَةُ تَحْرِيكِ الْأَجْفَانِ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ: وَلَا تَبْطُلُ بِإِدَامَةِ تَحْرِيكِ الْأَجْفَانِ فِي الْأَصَحِّ اهـ وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُسْتَقِلَّةٍ بِالْحَرَكَةِ، فَهِيَ كَالْأَصَابِعِ وَيَتَّجِهُ إلْحَاقُ اللِّسَانِ بِهَا فِي ذَلِكَ، انْتَهَتْ. وَوَجْهُ الْإِلْحَاقِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالْحَرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَحَرَّكَ لَا يَتَحَرَّكُ كُلُّهُ بَلْ بَعْضُهُ فَهُمَا كَالْأَصَابِعِ، بِخِلَافِ نَحْوِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّكُ كُلُّهُ، وَبِخِلَافِ الْيَدِ مَثَلًا فَإِنَّهَا كَذَلِكَ؛ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: شَرْطُ عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِتَحْرِيكِ الْأَصَابِعِ أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ كَفُّهُ بِالذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، كَمَا فِي الْكَافِي. وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ تَحْرِيكُهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْبَدَنِ سَاكِنٌ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِسُكُونِ أَكْثَرِ الْبَدَنِ مَعَ اسْتِقْلَالِ الْعُضْوِ الْمُتَحَرِّكِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّ تَحَرُّكَ الْيَدِ وَحْدَهَا الْمُتَوَالِي ثَلَاثًا كَثِيرًا، فَأَبْطَلَ لِمُنَافَاتِهِ لِلصَّلَاةِ؛ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْبَدَنِ سَاكِنًا. وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ مُرَادَ الْأَنْوَارِ بِقَوْلِهِ: الْإِشَارَةُ بِالْيَدِ أَوْ الرَّأْسِ قَلِيلٌ، تَحْرِيكُ أَحَدِهِمَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا غَيْرَ مُتَوَالِيَةٍ؛ أَمَّا الثَّلَاثُ الْمُتَوَالِيَةُ بِأَحَدِهِمَا فَلَا شَكَّ بِالْبُطْلَانِ بِهِ؛ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.

(وَسُئِلَ) - أَدَامَ اللَّهُ النَّفْعَ بِعُلُومِهِ - عَمَّا لَوْ عَرَضَتْ لِلْمُصَلِّي نُخَامَةٌ وَبِإِخْرَاجِهَا يَظْهَرُ حَرْفَانِ، هَلْ يُخْرِجُهَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ يَبْتَلِعُهَا وَإِنْ بَطَلَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>