فَانْظُرْ كَيْفَ خَصَّ الْمَطْرُوق بِالصُّورَةِ الثَّانِيَة إلَخْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عِبَارَتَهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَا قَبْلُ قُلْت فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَة بَلْ عِبَارَتُهُ تَقْضِي بِإِطْلَاقِهَا أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْمَطْرُوق مُطْلَقًا وَعَلَى التَّنَزُّل فَهُوَ حَاكٍ لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتُهَا صَرِيحَةٌ فِي الْإِطْلَاق فَلَا نَظَرَ لِعِبَارَتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعْلِيل أَنَّ فِي تَفْوِيتِ الْجَمَاعَة عَلَيْهِ إلَخْ قَدْ مَرَّ الْجَوَابُ عَنْهُ.
(سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ مَسْبُوقٍ رَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَشَكَّ فِي رُكُوعِهِ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاء هَلْ يَنْوِي فِيهِ الِاقْتِدَاء كَالْمُوَافِقِ أَوْ لَا حَتَّى يَعُودَ إلَى الْقِيَامِ وَإِذَا عَلَّقَ الْمَأْمُوم إبْطَالَ الْمُتَابَعَةِ بِشَيْءٍ هَلْ تَبْطُلُ بِهِ الْمُتَابَعَةُ أَوْ لَا حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّق عَلَيْهِ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَد كَمَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَغَيْرِهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاء صَارَ كَالْمُنْفَرَدِ فَإِنْ تَابَعَهُ بَعْدَ أَنْ انْتَظَرَهُ كَثِيرًا لِذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَفَرَّقْت ثَمَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا أَثَّرَ لِكَوْنِهِ فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ فِي صَلَاةٍ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ لِكَثْرَةِ عُرُوض مِثْلِ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يُغْتَفَرْ قَلِيلُهُ لَشَقَّ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ.
وَإِنْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاء هُوَ فِي الْحَقِيقَة فِي صَلَاةٍ فَهُوَ كَالْمُنْفَرِدِ. فَلَا فَرْقَ وَلَا بُدَّ مِنْ مُبْطِلٍ وَهُوَ مَا مَرَّ مِنْ الْمُتَابَعَةِ مَعَ الِانْتِظَارِ الْكَثِيرِ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ بِالشَّكِّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاء يَصِيرُ مُنْفَرِدًا فَإِذَا كَانَ مَسْبُوقًا وَعَرَضَ لَهُ ذَلِكَ فِي رُكُوعِهِ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُتِمّ الْفَاتِحَة لَزِمَهُ بِمُجَرَّدِ عُرُوضِهِ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الْقِيَامِ وَإِكْمَالِ الْفَاتِحَة؛ لِأَنَّ الْفَاتِحَة لَا تَسْقُطُ إلَّا عَنْ مَسْبُوقٍ مُتَحَقِّقٍ نِيَّة الْقُدْوَةِ لِيَتَحَمَّل عَنْهُ الْإِمَامُ حِينَئِذٍ وَأَمَّا مَعَ الشَّكِّ فَلَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ بِالشَّكِّ صَارَ مُنْفَرِدًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا ذَكَرَ الْعُبَابُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْرِنْ نِيَّةَ الِاقْتِدَاء بِالْإِحْرَامِ صَارَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ نَوَى مُفَارَقَتَهُ فَوَاضِحٌ.
وَإِنْ تَابَعَهُ بِلَا تَجْدِيدِ نِيَّةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ انْتَظَرَهُ كَثِيرًا عُرْفًا وَإِلَّا فَلَا قُلْت فِي شَرْحِ ذَلِكَ تَقْيِيدًا لَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُعْتَمَد وَالذَّخَائِرِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُخِلَّ تَرْتِيبَ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَيَقْرَأَ حَالَ قِيَامِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ بِحُكْمِ الِانْفِرَادِ فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَتَحَمَّلهُ الْإِمَامُ بَطَلَتْ قَطْعًا اهـ.
وَهُوَ وَاضِحٌ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا ذَكَرْته فِي مَسْأَلَتنَا أَنَّ الْمَسْبُوق بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاء وَهُوَ فِي الرُّكُوعِ يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لِلْقِيَامِ وَإِتْمَامِ الْفَاتِحَة ثُمَّ بَعْدَ إتْمَامِهَا إنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ لَزِمَهُ مُوَافَقَته وَإِلَّا اسْتَمَرَّ عَلَى حُكْمِ الِانْفِرَادِ. وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاء يَصِيرُ مُنْفَرِدًا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ نِيَّةَ قَطْعِهَا عَلَى شَيْءٍ يُحْتَمَلُ وُجُودُهُ وَلَوْ نَادِرًا بَطَلَتْ نِيَّةُ اقْتِدَائِهِ وَصَارَ مُنْفَرِدًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ التَّعْلِيق يُنَافِي الْجَزْمَ فَهُوَ بَعْدَهُ كَالشَّاكِّ بِجَامِعِ فَوَاتِ الْجَزْمِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا لِفَوَاتِ الْجَزْمِ الْمُشْتَرَطِ فِي النِّيَّات فَكَذَلِكَ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيق الْمَذْكُور يَصِيرُ مُنْفَرِدًا لِفَوَاتِ الْجَزْمِ الْمَذْكُور وَقَدْ ذَكَرُوا فِي تَعْلِيقِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا ذَكَرْته.
(وَسُئِلَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ جَمَاعَةٍ هَلْ تَتَقَيَّدُ بِمَرَّةٍ كَمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ أَوْ لَا كَمَا فِي التَّعَقُّبَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَهَا مَرَّةً ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً ثَالِثَةً فَاَلَّذِي يَظْهَرُ الِاسْتِحْبَابُ كَالثَّانِيَةِ وَهَكَذَا أَبَدًا اهـ.
فَإِنْ قُلْتُمْ تَتَقَيَّدُ بِمَرَّةٍ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَهَلْ يُحْكَمُ عَلَى مَنْ زَادَ عَلَى مَرَّةٍ بِالْكَرَاهَةِ أَوْ الْبُطْلَانِ وَالتَّحْرِيمِ وَظَاهِرُ بَعْضِ الْأَحَادِيث الَّتِي رَأَيْنَاهَا مُطْلَقَةٌ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِمَرَّةٍ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَكْرَارٍ وَلَا عَلَى مَرَّةٍ وَالْحُكْمُ الْمُرَتَّب عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِب يُشْعِرُ بِعِلِّيَّتِهِ فَيَتَكَرَّر الْحُكْمُ بِتَكَرُّرِ عِلَّتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمَا وَجْهُ الْمَنْعِ مِنْ الزِّيَادَة وَمَا وَجْهُ التَّقْيِيد بِالْمَرَّةِ وَهَلْ وَرَدَ شَيْءٌ بِالتَّقْيِيدِ. أَوْ بِالْمَنْعِ مِنْ الزِّيَادَة أَوْ لَا أَلَيْسَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ» كَقَوْلِهِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ. وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا»
إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى التَّكْرَار هُنَا وَالتَّقْيِيدِ ثَمَّ بِالْمَرَّةِ وَقَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعْلِيلًا وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاق ذَلِكَ لِلْوَقْتِ اهـ فَلَوْ اسْتَغْرَقَهُ مُتَجَرِّدٌ لِلْعِبَادَةِ بَعْدَ أَدَاءِ جَمِيعِ نَوَافِلِ الْوَقْتِ آدَابِهَا بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ وَهَلْ يُمْنَعُ فَاعِلُهُ أَوْ لَا مَعَ أَنَّ