للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا كَمَا يُصَرِّحُ بِالْأَوَّلِ كَلَامُ النَّوَوِيِّ وَكَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرُّوهُ أَنَّهُ يُفَارِقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْ: إنْ خُشِيَ التَّخَلُّف عَنْهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ فَحِينَئِذٍ الْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِقِرَاءَتِهَا إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ بِهِمَا فَحِينَئِذٍ تَلْزَمُهُ مُفَارَقَته بِالنِّيَّةِ كَمَا مَرَّ هَذَا حَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا قَالَهُ السَّائِلُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوَّلًا كَالْمُشْتَغِلِ بِسُنَّةٍ إلَخْ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُوَافِقِ فَحَيْثُ رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَقْرَأْ لَزِمَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ كُلِّهَا فَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ أَوْ جُلُوسِهِ وَإِلَّا وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ. وَأَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنْ كَانَ الْمُنْتَظِرُ السَّكْتَةَ مَسْبُوقًا تَخَلَّفَ لِقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا أَدْرَكَ فَإِنْ فَرَغَ مِنْهُ وَأَدْرَكَ الرُّكُوعَ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ حَتَّى يَهْوِيَ الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ فَحِينَئِذٍ يُفَارِقُهُ كَمَا مَرَّ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِي إنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ مَفْرُوضٌ فِي الْمُوَافِقِ بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَة أَنَّ الزَّرْكَشِيّ يَقُولُ بِسُقُوطِهَا عَنْ الْمُوَافِقِ وَإِذَا قَالَ بِسُقُوطِهَا عَنْ الْمُوَافِقِ فَالْمَسْبُوقُ أَوْلَى.

(وَسُئِلَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ مُدَافَعَةِ الْحَدَثِ إذَا خِيفَ مَعَهَا فَوَاتُ الصَّلَاةِ الْمَسْنُونَةِ كَالرَّوَاتِبِ أَوْ فَوْتُ الْجَمَاعَة مَا الَّذِي يُقَدِّمُهُ وَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إذَا رَجَا قَضَاءَهَا أَوْ لَا. وَبَيْنَ مَوْضِعٍ يَقِلُّ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ مَتَى خَافَ مِنْ الْمُدَافَعَةِ ضَرَرًا شَدِيدًا فَهِيَ عُذْرٌ فِي إخْرَاجِ النَّافِلَةِ بَلْ وَالْفَرِيضَةُ عَنْ وَقْتِهَا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُهَا وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ لَكِنَّهُ خَشِيَ مِنْ حَبْسِ نَحْوِ رِيحٍ دَافَعَهُ ضَرَرًا قُدِّمَ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ خَشْيَةً مِنْ الضَّرَرِ الَّذِي يَلْحَقُهُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا فَالْأَوْلَى لَهُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَ الْجَمَاعَة خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ مَعَ مُدَافَعَةِ الْحَدَثِ وَإِذَا قُدِّمَ تَفْرِيغُ النَّفْسِ عَلَى الْجَمَاعَة مَعَ كَوْنِهَا فَرْضًا فَأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى النَّافِلَةِ وَإِنْ خَشِيَ خُرُوجَ وَقْتِهَا سَوَاءٌ أَرَجَا قَضَاءَهَا أَمْ لَا سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقِلُّ فِيهِ الْمَاءُ أَمْ لَا.

(وَسُئِلَ أَعَادَ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَتِهِ بِمَا صُورَتُهُ. نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاء أَنَّ الْأَجْذَمَ وَالْأَبْرَصَ يُمْنَعَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ الْجُمُعَةِ وَمِنْ اخْتِلَاطِهِمَا بِالنَّاسِ فَهَلْ الْمَنْعُ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ وَهَلْ يَكُونُ مَا ذُكِرَ عُذْرًا لَهُمَا مُسْقِطًا عَنْهُمَا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى الْمَسْجِدِ وَالِاخْتِلَاطِ بِالنَّاسِ أَمْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَبَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِعَدَمِ تَكَرُّرِهِمَا دُونَ الْجُمُعَةِ وَهَلْ حَجُّ التَّطَوُّعِ كَالْفَرْضِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ قَالَ الْقَاضِي قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاء يَنْبَغِي إذَا عُرِفَ أَحَدٌ بِالْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ أَنَّهُ يُجْتَنَبُ لِيُحْتَرَز مِنْهُ وَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ مَنْعُهُ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ وَيَأْمُرُهُ بِلُزُومِ بَيْتِهِ وَيَرْزُقُهُ إنْ كَانَ فَقِيرًا. فَإِنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ الَّذِي مَنَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْعُلَمَاءُ بَعْدَهُ مِنْ الِاخْتِلَاطِ بِالنَّاسِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ.

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ صَحِيحٌ مُتَعَيَّنٌ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ غَيْرِهِ خِلَافٌ اهـ.

وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ سَبَبَ الْمَنْعِ فِي نَحْوِ الْمَجْذُومِ خَشْيَةَ ضَرَرِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمَنْعُ وَاجِبًا فِيهِ وَفِي الْعَائِنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ بِالْأَوْلَى حَيْثُ أَوْجَبُوا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ عَلَى الْمُحْتَسِبِ الْأَمْرَ بِنَحْوِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَمَنْع الْخَوَنَةِ مِنْ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِح الْعَامَّة وَأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْمَنْع عَلَى الِاخْتِلَاطِ بِالنَّاسِ فَلَا مَنْعَ مِنْ دُخُولِ مَسْجِدٍ وَحُضُورِ جُمُعَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ لَا اخْتِلَاطَ فِيهِ بِهِمْ وَحِينَئِذٍ ظَهَرَ عَدَمُ عَدِّ ذَلِكَ عُذْرًا فِي نَدْبٍ أَوْ وُجُوبِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَلَوْ كِفَايَةً لِإِمْكَانِ فِعْلِهِمَا مَعَ عَدَمِ الِاخْتِلَاطِ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا مَعَ ذَلِكَ يُجَابُ بِأَنَّ وُجُوبَ النُّسُكِ آكَدُ مِنْ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدِّ ذَلِكَ عُذْرًا فِيهَا فَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ مَا اعْتَمَدْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَنَّ خَبَثَ الرِّيحِ عُذْرٌ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِطْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ اجْتَمَعُوا لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِمَقْبَرَةٍ فَمَرُّوا بِآيَةِ سَجْدَةٍ وَفِيهِمْ كَثِيرٌ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ بَلْ مِنْ أَهْلِهِ. فَلَمْ يَسْجُدُوا ظَنًّا أَنَّ كَرَاهَةَ نَحْوِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ رَفَعَتْ عَنْهُمْ الْخِطَابَ بِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ فَهَلْ الْأَمْرُ كَمَا ظَنُّوهُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوهُ فَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاء أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَنَحْوِهَا مَا لَمْ يُخَفْ خُرُوجُ الْوَقْتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>