للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا قَبَضُوا رُوحَ آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَوْلَادُهُ يَنْظُرُونَ غَسَّلُوهُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَكَفَّنُوهُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ثُمَّ حَفَرُوا لَهُ وَدَفَنُوهُ ثُمَّ أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ فِي مَوْتَاكُمْ وَهَذِهِ سَبِيلُكُمْ.

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ بِمَا لَفْظُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ مُرَّ بِجِنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا إلَخْ هَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ ثَنَاءَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْجَنَّةَ وَإِنْ خَالَفَ الْأَكْثَرَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ بِشَرْطِ كَوْنِ الثَّنَاءِ مِنْ عَدْلٍ خَبِيرٍ صَالِحٍ لِلتَّزْكِيَةِ وَهَذَا الثَّنَاءُ عَلَامَةٌ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ لِلْعَبْدِ بِإِخْبَارِ الصَّادِقِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَنَاءِ الِاثْنَيْنِ كَافٍ كَمَا فِي الْخَبَرِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ هَلْ يَعْلَمُ الْأَمْوَاتُ بِزِيَارَةِ الْأَحْيَاءِ وَبِمَا هُمْ فِيهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِزَمَانٍ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ كَمَا أَفَادَهُ حَدِيثُ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا «مَا مِنْ رَجُلٍ يَزُورُ قَبْرَ أَخِيهِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ إلَّا اسْتَأْنَسَ وَرُدَّ حَتَّى يَقُومَ» وَصَحَّ حَدِيثُ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَّدَ عَلَيْهِ السَّلَامَ» .

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ هَلْ يَعْلَمُ الْأَمْوَاتُ بِأَحْوَالِ الْأَحْيَاءِ وَبِمَا هُمْ فِيهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ لِحَدِيثِ مُسْنَدِ أَحْمَدَ «إنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنْ الْأَمْوَاتِ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ حَتَّى تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتَنَا» وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهَا إنَّمَا تُعْرَضُ عَلَى صَالِحِي الْأَقَارِبِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ «وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِطَاعَتِك» وَفِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ «إنَّ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ إذَا قُبِضَتْ تَلَقَّاهَا أَهْلُ الرَّحْمَةِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ كَمَا يَلْقَوْنَ الْبَشِيرَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ اُنْظُرُوا صَاحِبَكُمْ لِيَسْتَرِيحَ فَإِنَّهُ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ مَا فَعَلَ فُلَانٌ وَفُلَانَةُ هَلْ تَزَوَّجَتْ» الْحَدِيثَ وَفِيهِ «إنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا فَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا وَقَالُوا اللَّهُمَّ هَذَا فَضْلُك وَرَحْمَتُك فَأَتْمِمْ نِعْمَتَك عَلَيْهِ وَأَمِتْهُ عَلَيْهَا وَيُعْرَضُ عَلَيْهِمْ عَمَلُ الْمُسِيءِ فَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُ عَمَلًا صَالِحًا تَرْضَى بِهِ وَيُقَرِّبُهُ إلَيْك» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ حَدِيثَ «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ عَلَى اللَّهِ وَتُعْرَضُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ الْجُمُعَةَ فَيَفْرَحُونَ بِحَسَنَاتِهِمْ وَتَزْدَادُ وُجُوهُهُمْ بَيَاضًا وَإِشْرَاقًا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُؤْذُوا أَمْوَاتَكُمْ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا «لَا تَفْضَحُوا مَوْتَاكُمْ بِسَيِّئَاتِ أَعْمَالِكُمْ فَإِنَّهَا تُعْرَضُ عَلَى أَوْلِيَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ» .

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ هَلْ يَسْمَعُ الْمَيِّتُ كَلَامَ النَّاسِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ لِحَدِيثِ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ «إنَّ الْمَيِّتَ يَعْرِفُ مَنْ يُغَسِّلُهُ وَيَحْمِلُهُ وَيُدْلِيهِ فِي قَبْرِهِ» وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ «الرُّوحُ بِيَدِ مَلَكٍ يَمْشِي بِهِ مَعَ الْجِنَازَةِ يَقُولُ لَهُ أَتَسْمَعُ مَا يُقَالُ لَك فَإِذَا بَلَغَ حُفْرَتَهُ دَفَنَهُ مَعَهُ» .

(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ مَا مَقَرُّ الْأَرْوَاحِ بَعْدَ مَوْتِ أَجْسَادِهَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّمَا نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ أَيْ رُوحُهُ طَائِرٌ أَيْ عَلَى صُورَتِهِ تَعَلَّقَ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ» وَفِي حَدِيثٍ سَنَدُهُ حَسَنٌ «تَكُونُ النَّسَمُ طَيْرًا يُعَلَّقُ بِالشَّجَرِ حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَخَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ فِي جَسَدِهَا» وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ تَسْرَحُ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ تَحْتَ الْعَرْشِ» وَفِي رِوَايَةٍ سَنَدُهَا حَسَنٌ «إنَّ أَرْوَاحَهُمْ فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ عَلَى نَهْرٍ بِبَابِ الْجَنَّةِ يَخْرُجُ إلَيْهِمْ مِنْهَا رِزْقُهُمْ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً» وَلَا تُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّهُمْ مَرَاتِبُ وَصَحَّ حَدِيثُ «أَوْلَادُ الْمُؤْمِنِينَ فِي جَبَلٍ فِي الْجَنَّةِ يَكْفُلُهُمْ إبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ إلَى آبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

وَأَخْرَجَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أُتِيت بِالْمِعْرَاجِ الَّذِي تَعْرُجُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ فَمَا تَرَى الْخَلَائِقُ أَحْسَنَ مِنْ الْمِعْرَاجِ مَا رَأَيْت الْمَيِّتَ حِينَ يَشُقُّ بَصَرُهُ طَامِحًا إلَى السَّمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ عَجَبُهُ بِالْمِعْرَاجِ فَصَعِدْت أَنَا وَجِبْرِيلُ فَاسْتَفْتَحَ بَابَ السَّمَاءِ فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُ رُوحٌ طَيِّبَةٌ وَنَفْسٌ طَيِّبَةٌ اجْعَلُوهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>