النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ هَلْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَوْرًا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ أَمْ لَا يَجِب؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَلْحَظُ وُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ تَقْصِيرهمْ بِعَدَمِ الِاعْتِنَاءِ بَتْرَائِي الْهِلَالِ مَعَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ وُجُودِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِوُجُودِ نَحْوِ غَيْمٍ مَانِعٍ لِنُدْرَتِهِ فِي خُصُوصِ لَيْلَةِ رَمَضَانَ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا هُوَ مَلْحَظُ وُجُوبِ الْفَوْرِيَّةِ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْ اعْتِبَارِهِ فِي إيجَابِهِمْ الْفَوْرِيَّةِ اتَّجَهَ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الشَّكِّ هُنَا هُوَ يَوْمُ ثَلَاثِينَ شَعْبَان سَوَاء تَحَدَّثَ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ التَّحَدُّثَ بِذَلِكَ لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا فِي إيجَابِ الْفَوْرِيَّةِ وَإِنَّمَا مُوجِبُهَا مَا قَرَّرْته وَإِطْلَاقُ يَوْمِ الشَّكِّ عَلَى مَا مَرَّ شَائِعٌ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ اشْتِرَاطُ التَّحَدُّثِ فِي تَسْمِيَتِهِ شَكَّا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ صَوْمُ مَا بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ أَوْ لِتَكُونَ الْحُرْمَةُ بِسَبَبِ كَوْنِهِ بَعْدَ النِّصْفِ وَكَوْنِهِ بَعْدَ الشَّكِّ.
(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ عَنْ الصَّائِمِ إذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِي أُذُنَيْهِ لِغَسْلِ مَا ظَهَرَ مِنْهُمَا عَنْ جَنَابَةٍ أَوْ لِنَحْوِ جُمُعَة فَسَبَقَهُ الْمَاءُ إلَى بَاطِنِهِمَا فَهَلْ يُفْطِرُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ كَمَا ذَكَره بَعْضُهُمْ، وَإِنْ بَالَغَ لِاسْتِيفَاءِ الْغُسْلِ كَمَا لَوْ سَبَقَ الْمَاءُ مَعَ الْمُبَالَغَةِ لِغَسْلِ نَجَاسَةِ الْفَمِ وَإِنَّمَا أَفْطَرَ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْمَضْمَضَةِ لِحُصُولِ السُّنَّةِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ فَالْمُبَالَغَةُ تَقْصِيرٌ وَهُنَا لَا يَحْصُلُ مَطْلُوبُهُ مِنْ غَسْلِ الصِّمَاخِ إلَّا بِالْمُبَالَغَةِ غَالِبًا فَلَا تَقْصِيرَ.
(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ. بِمَا صُورَته رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرَهُ بَعْضُ بُلْدَان مُتَّفِقَةِ الْمَطَالِعِ وَثَبَتَتْ عِنْد قَاضِيهِمْ فَأَرْسَلَ نُوَّابَهُ لِبَقِيَّةِ الْبِلَادِ أَوْ رَأَوْا نَحْوَ الْقَنَادِيلِ الْمَوْقُودَةِ عَلَى الْمَنَابِرِ مِمَّا اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِكَوْنِهِ عَلَامَةً عَلَى دُخُولِ رَمَضَانَ فَهَلْ يَجِبُ الصَّوْمُ أَوْ يَجُوزُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَأَفْتَى شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا وَغَيْره بِالْوُجُوبِ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَأَفْتَى شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ فِيهَا بِالْجَوَازِ وَخَالَفَهُ الْبُرْهَانُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ وَغَيْرُهُ فَأَفْتَوْا فِيهَا بِالْوُجُوبِ وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى عَلَامَةٍ قَدْ يَتَّفِقُ وُجُودهَا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَالثَّانِي عَلَى عَلَامَةٍ اطَّرَدَ وُجُودُهَا فِي أَوَّلِهِ دُونَ غَيْرِهِ.
(وَسُئِلَ) فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ بِمَا صُورَتُهُ التَّقْطِيرُ فِي بَاطِن الْإِحْلِيلِ مُفْطِرٌ وَهُوَ إمَّا مَخْرَجُ الْبَوْلِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ أَوْ مَجْرَاهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِمَّا رَأْسُ الذَّكَرِ كَمَا فِي لُغَاتِ الرَّوْضَةِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ مَا يَبْدُو مِنْهُ عِنْد تَحْرِيكِ طَرَفه يُفْطِر بِوُصُولِ الْعَيْن إلَيْهِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ سِيَّمَا عَلَى الْمُسْتَجْمِرِ فَإِنَّهُ لَا يَكَاد يُحْتَرَزُ مِنْهُ وَأَيْضًا الْغَالِبُ عِنْد الِاسْتِنْجَاءِ انْفِتَاحه وَوُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ فَمَا الْحُكْمُ فِيهِ وَهَلْ هُوَ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيّ فِي حَلْقَةِ الدُّبُرِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَوْلَى تَفَاسِيره الْمَذْكُورَةِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ فَهُوَ مِنْ الْمَثَانَةِ إلَى رَأْسِهِ وَالْمُفْطِرُ إنَّمَا هُوَ وُصُولُ الْعَيْنِ لِبَاطِنِهِ وَذِكْرُ الْبَاطِنِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهُ مَجْرَى الْبَوْلِ يُومِئُ إلَى أَنَّ الْمَجْرَى الْمَذْكُورَ فِي السُّؤَالِ ظَاهِرٌ فَلَا يَضُرّ وُصُولُ شَيْءٍ إلَيْهِ فَهُوَ كَمَا يَبْدُو مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ عِنْد قُعُودِهَا وَكَمَا ذَكَره السُّبْكِيّ فِي حَلْقَةِ الدُّبُرِ عَنْ الْقَاضِي وَمُلَخَّص عِبَارَتِهِ يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ حِفْظُ أُصْبُعِهِ حَالَ الِاسْتِنْجَاء مِنْ مُسَرِّبَتِهِ فَإِنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِيهِ أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ رَأْسِ أُنْمُلَتِهِ بَطُلَ صَوْمُهُ قَالَ السُّبْكِيّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ وَصَلَ لِلْمَكَانِ الْمُجَوَّفِ أَمَّا أَوَّل الْمُسَرِّبَةِ الْمُنْطَبِقِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى جَوْفًا فَلَا فِطْرَ بِالْوُصُولِ إلَيْهِ اهـ وَهُوَ بَيَانٌ لِمُرَادِ الْقَاضِي لَا تَضْعِيفٌ لَهُ وَمَا ذَكَره السَّائِلُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يُسَمَّى جَوْفًا مِمَّا ذَكَره السُّبْكِيّ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ عَبْدٍ لَزِمَهُ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَأَخَّرَهُ بِلَا عُذْرٍ إلَى مَا بَعْدَ رَمَضَان آخَر فَهَلْ تَلْزَمهُ فِدْيَةٌ وَمَا هِيَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا فَدِيَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا فِدْيَةٌ مَالِيَّةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَإِنْ عَتَقَ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْهَرِمِ إذَا عَجَزَ وَقُلْنَا تَلْزَمهُ وَكَانَ مُعْسِرَا فَأَيْسَر أَوْ لَا وَفَارَقَ الْهَرِمَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ كَانَ مُخَاطَبًا بِالْفِدْيَةِ حَالَ إفْطَارِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْأَوْجَه الثَّانِي.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ امْرَأَةٍ صَائِمَةٍ تَبَخَّرَتْ فَدَخَلَ دُخَانُ الْبَخُورِ فَرْجَهَا فَهَلْ تُفْطِرُ سَوَاءً قُلْنَا الْمُنْفَصِلُ عَيْنٌ أَوْ أَثَرٌ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ فَاهُ عَمْدًا حَتَّى دَخَلَ الْغُبَارُ لَمْ يُفْطِر وَدُخَانُ الْبَخُورِ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا صُورَته احْتَوَى صَائِمٌ عَلَى مِجْمَرَةٍ وَفَتَحَ فَاهُ قَصْدًا حَتَّى دَخَلَ الدُّخَانُ إلَى جَوْفِهِ فَهَلْ يُفْطِرُ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَا الْفَرْقُ بَيْن هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَة