للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَوْ شَكَّ وَنَوَاهُ احْتِيَاطًا نَظِيرَ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي وُضُوءِ الِاحْتِيَاطِ مِنْ صِحَّتِهِ بِفَرْضِ أَنَّ عَلَيْهِ حَدَثًا مَا لَمْ يَتَبَيَّن الْحَالَ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا شَكَّ فِيهِ فَنِيَّةُ الْقَضَاءِ بَاطِلَةٌ فَإِذَا نَوَى بَعْدَ الْفَجْرِ التَّطَوُّعَ مَعَ عِلْمِهِ بِبُطْلَانِ نِيَّتِهِ الْأُولَى صَحَّ لَهُ التَّطَوُّعُ، وَأَمَّا نِيَّتُهُ التَّطَوُّع بَعْد نِيَّةِ الْقَضَاءِ وَظَنُّهُ صِحَّتِهَا فَهُوَ كَالتَّلَاعُبِ مِنْهُ فَلَا يَصِحَّ لَهُ التَّطَوُّعُ، وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِفَسَادِ نِيَّتِهِ التَّطَوُّعَ وَعَدَمِ جَزْمِهِ بِهَا وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ نَوَى آخِرَ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ وَلَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ اعْتِمَادِهَا عَلَى ظَنِّ دُخُولِهِ وَبَانَ أَنَّ الْيَوْمَ مِنْ شَعْبَانَ وَقَعَ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا وَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ هُنَا عَازِمٌ عَلَى صَوْمِ الْغَدِ جَازِمٌ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُتَرَدِّدٌ فِي أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ لَا فَلَمْ يَقَع عَنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِخُصُوصِهِ وَوَقَعَ عَنْ النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَافِيَ لِلنَّفْلِ حَالَ النِّيَّةِ فَتَأَمَّلْهُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ عَنْ حَدِيثٍ أَنَّ أَيَّامَ الْبِيضِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَسَلَّمَ لَمَّا هَبَطَ مِنْ الْجَنَّةِ اسْوَدَّ جِلْدُهُ فَأُمِرَ بِصِيَامِهَا فَفِي الْيَوْم الْأَوَّلِ ابْيَضَّ ثُلْثُ جِلْدِهِ وَفِي الثَّانِي ثُلْثُهُ وَفِي الثَّالِث بَقِيَّتُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَإِنْ خَرَّجَهُ جَمَاعَةٌ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ أَكَلَ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ عَمْدًا وَلَمْ يُفْطِر كَيْف صُورَته؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ النَّهَارُ اسْمٌ لِفَرْخِ الْقَطَا وَوَلَد الْحُبَارَى كَمَا أَنَّ اللَّيْلَ وَلَدُ الْكَرَوَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ صَامَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ أَفْطَرَ ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّهُ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ وَأَنَّ الشَّهْرَ ثَلَاثُونَ. فَهَلْ يَلْزَمهُ قَضَاءُ الْيَوْمِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ أَهْلَ بَلَدِهِ أَوْ الْبَلَدِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ مَطْلَعًا رَأَوْا الْهِلَالَ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ شَعْبَان لَزِمَهُ قَضَاءُ يَوْمٍ عَلَى الْفَوْرِ، وَكَذَا لَوْ أَفْطَرَ يَوْمَ ثَلَاثِينَ رَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِرُؤْيَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَمَنْ قَرُبَ مَطْلَعُهُمْ مِنْ مَطْلَعِهِمْ فَيَلْزَمهُ قَضَاءُ يَوْمٍ لَكِنْ لَا فَوْرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا صُورَته مَا تَقُولُونَ فِيمَا رَجَّحُوهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ هَلْ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الثُّبُوتِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ الْعَامُّ بِهِ،، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ فِي حَقِّ الْآحَادِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ وَلَا الظَّاهِرَةُ كَمَا أَجَابَ بِذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ فَاسِقٌ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ هَلْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُكْمِ بِالْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ فِي حَقِّ الْآحَادِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَمْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ وَلَا يُجْزِئُ إلَّا إنْ ثَبَتَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ عَدْلِ شَهَادَةٍ أَوْ حُكْمِ حَاكِمٍ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ الْبَاطِنَةِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ؟

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: الصَّوَابُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْعَدَالَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلثُّبُوتِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ الْعَامُّ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَاصِّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا اعْتِقَادُ الصِّدْقِ أَوْ ظَنُّهُ عَلَى مَا يَأْتِي فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ مِنْهُ وَيُجْزِئُهُ سَوَاءً حُكِمَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ لَكِنَّ لَهُ أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الْمُنَجِّمِ وَالْحَاسِبِ اعْتِمَادَهُ أَيْ اعْتِمَادَ مَعْرِفَةِ نَفْسِهِ كَالصَّلَاةِ، وَنَقْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ الْجُمْهُورِ خِلَافَ ذَلِكَ ضَعِيفٌ وَيُجْزِئُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَكَذَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا اُعْتُقِدَ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَجْزَأَهُ فَإِنَّهُ قَالَ: ثُمَّ إنَّ اسْتِنَادَ الِاعْتِقَادِ إلَى الْحِسَابِ حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ كَذَلِكَ وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَالسُّبْكِيِّ لَكِنْ صُحِّحَ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا أَنَّ لَهُ أَيْ الْحَاسِب ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ كَذَا قِيلَ.

وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ لَيْسَ نَصَّا فِي تَصْحِيحِ ذَلِكَ، إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ فَإِنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَعْتَرِضهُ لِمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى النِّيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَمَا مَرَّ عَنْهُ (وَمَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِرُؤْيَتِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرهُ عِنْدَ الْقَاضِي (وَظُنَّ صِدْقُهُ) عِبَارَة غَيْرِهِ وَاعْتُقِدَ صِدْقُهُ وَبَيْنَهُمَا تَغَايُر وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ تَعْبِيرُ الْبَغَوِيِّ هُنَا بِقَوْلِهِ: وَلَوْ عَقَدَ بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَنَوَى فَإِنْ سَمِعَ مِنْ ثِقَةٍ إلَخْ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَا مِنْ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الظَّنُّ وَلَا غَلَبَته (لَزِمَهُ صِيَامُهُ) كَمَا قَطَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>