تَرِكَتِهِ كَذَا أَوْ وَلَك كَذَا أَوْ أَطْلَقَ وَنَحْوَ ذَلِكَ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ وَلَا شَيْءَ حِينَئِذٍ عَلَى الْوَصِيِّ، وَإِنْ قَالَ وَلَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ عِنْدِي كَذَا فَإِنَّهَا تَصِحُّ إنْ كَانَ الْحَجُّ عَلَى الْمَيِّتِ فَرْضًا وَيَلْزَمُ الْوَصِيَّ مِنْ مَالِهِ مَا عَيَّنَهُ وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَيَعُودُ مَا عَيَّنَهُ لِلْوَرَثَةِ نَعَمْ لَوْ قَالَ فِي صُورَةٍ وَلَك عِنْدِي كَذَا إنَّمَا أَرَدْت مُعَيَّنَ الْمُوصَى وَعَبَّرْت بِعِنْدِي لِأَنَّهُ تَحْتَ يَدَيَّ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصْدُقُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي عَلَيَّ عَلَى احْتِمَالِ لِي وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ شُمُولَ عِنْدِي لِلْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهَا أَظْهَرُ مِنْ شُمُولِ عَلَيَّ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُهُ إلَّا بِتَأْوِيلٍ كَعَلَيَّ حِفْظُهَا بِخِلَافِ عِنْدِي فَإِنَّهَا تَشْمَلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ حَتَّى فِي عَلَيَّ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لَأَنْ يُرِيدَ بِهِ عَلَيَّ دَفْعُهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِأَجْلِ كَوْنِي وَصِيًّا عَلَيْهَا وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ وَيَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ أَنْ لَا يَسْتَأْجِرَ أَوْ يُجَاعِلَ إلَّا عَدْلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّف عَنْ الْغَيْرِ وَكُلُّ مُتَصَرِّفٍ عَنْ الْغَيْرِ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ وَغَيْرُ الثِّقَةِ لَا يُوثَقُ مِنْهُ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ، وَإِنْ شُوهِدَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى النِّيَّةِ وَهِيَ أَمْرٌ قَلْبِيٌّ لَا اطِّلَاعَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا.
وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ أَوْ جُوعِلَ لِأَدَاءِ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ كَنَفْلِ حَجٍّ أَوْصَى بِهِ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْصَى بِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فِي الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ بِالْوَصِيَّةِ صَارَ وَاجِبَ الْأَدَاءِ وَمَا وَجَبَ أَدَاؤُهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِفِعْلِ الْفَاسِقِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَمِينٍ وَمُشَاهَدَةُ أَفْعَالِهِ لَا تَمْنَعُ خِيَانَتَهُ لِارْتِبَاطِهَا بِالنِّيَّةِ وَلَا مَطْلَعَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا كَمَا تَقَرَّرَ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَالَةِ هُنَا الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ دُونَ الْبَاطِنَةِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَ الْمُوصَى الْحَاجَّ عَنْهُ وَكَانَ فَاسِقًا فَإِنْ كَانَ مَعَ عِلْمِهِ بِفِسْقِهِ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِئْجَارُهُ وَيَصِحُّ حَجُّهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ جَهْلِهِ بِحَالِهِ أَوْ شَكَكْنَا هَلْ عَلِمَ فِسْقَهُ أَوْ لَا اُحْتُمِلَ أَنْ يُقَالَ يُسْتَأْجَرُ أَيْضًا نَظَرًا لِلتَّعْيِينِ وَيُحْتَمَل أَنْ يُقَالَ لَا يَسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الِاحْتِيَاطِ وَمَا كَانَ مُخَالِفًا لِلِاحْتِيَاطِ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ إلَّا إنْ نَصَّ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ صَرِيحًا لِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ مَجَال، وَأَمَّا أَرْبَابُ الْمُلَازِمِ الْمَذْكُورُونَ فِي السُّؤَالِ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِمْ الْمُسْتَأْجِرُونَ كَانَ فِيهِمْ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّ الْوَصِيَّ إنْ اسْتَأْجَرَ بَعْضَهُمْ إجَارَةً عَيَّنَ كَأَنْ قَالَ لَهُ اسْتَأْجَرْتُك وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك عَيْنَك لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مُطْلَقًا فَإِنْ اسْتَنَابَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ قَامَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَلِنَائِبِهِ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَنْ مَيِّتٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَجَّانًا وَعَلَى مُسْتَنِيبِهِ رَدُّ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِنَفْسِهِ قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ إجَارَةَ ذِمَّةٍ جَازَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَلَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ دُونَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ هُوَ بِهِ. وَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَكْلُ الزَّائِدِ نَعَمْ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَسْتَأْجِرَ إلَّا عَدْلًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِمْ أَنَّهُمْ وُكَلَاءُ الْأَوْصِيَاءِ فِي الِاسْتِئْجَارِ لَزِمَهُمْ أَنْ يَسْتَأْجِرُوا بِجَمِيعِ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ وَأَنْ لَا يَسْتَأْجِرُوا إلَّا عَدْلًا وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَمَتَى أَخَذُوا مِنْهُ شَيْئًا فَسَقُوا وَكَانُوا مِنْ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَوَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ - أَصْلَحَهُ اللَّهُ - إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنْ يُعَزِّرَهُمْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ الشَّدِيدَ الزَّاجِرَ لَهُمْ وَلِأَمْثَالِهِمْ عَنْ هَذِهِ الْقَبَائِحِ الشَّنِيعَةِ وَأَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ تَعَاطِي ذَلِكَ وَحَيْثُ عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَحْوَالِهِمْ هَذِهِ الْقَبِيحَةِ وَوَكَّلَهُمْ أَوْ اسْتَأْجَرَهُمْ مَعَ ذَلِكَ فَسَقَ أَيْضًا وَانْعَزَلَ وَعُزِّرَ أَيْضًا التَّعْزِيرَ الشَّدِيد وَكَذَلِكَ الْفَقِيهُ الْعَاقِدُ بَيْنَهُمَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَعَانَهُمْ عَلَى الْمُنْكَرِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) أَعَادَ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِهِ عَمَّا إذَا حَجَّ الصَّبِيُّ مَعَ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْأُمِّ وَأَوْقَفَهُ الْمَوَاقِفَ وَمَا قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِهِ مِنْ الْعِبَادَةِ هَلْ يَسْقُطُ أَمْ لَا بُدَّ إذَا بَلَغَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَتَى لَمْ يَبْلُغْ الصَّبِيُّ قَبْلَ مُفَارَقَةِ مَوْقِفِ عَرَفَةَ لَمْ يُجْزِهِ حَجُّهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ إنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُ الِاسْتِطَاعَةِ وَاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ أَوْصَى آفَاقِيّ بِحَجَّةٍ هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَنْهُ غَيْرَ آفَاقِيّ كَحَاضِرٍ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِر عَنْ الْآفَاقِيِّ غَيْرُ الْآفَاقِيِّ وَعَكْسُهُ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute