رَأَيْتنِي ذَكَرْت فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى مَسْأَلَةَ أَوْصَى لِمَنْ يَزُورُ عَنْهُ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا فَهَلْ يَجُوزُ تَفْوِيضُ ذَلِكَ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ وَهَلْ مِثْلُهُ مَنْ أَوْصَى بِحَجٍّ وَهُوَ آفَاقِيٌّ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْجَوَابُ نَعَمْ يَجُوزُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ لَكِنْ أَطَالَ غَيْرُهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِامْتِنَاعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِغَرَضِ الْمُوصِي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اطَّرَدَ عُرْفُ بَلَدِ الْمُوصِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ أَنَّ الْحَمَامَ الْحَرَمِيَّ هَلْ يَجُوزُ تَطْيِيرُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إذَا عُرِفَ تَنْجِيسُهَا لَهُ بِالذَّرْقِ أَمْ لَا يَجُوزُ وَهَلْ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ بَابِ حِفْظِ الْمَسْجِدِ مِنْ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا لِأَنَّ الْحَمَامَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَمَامَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنَّ صِيَانَةَ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ يُسْعَى إلَى فِعْلِهِ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَ وَهَلْ يَشْهَدُ لِذَلِكَ وُجُوبُ مَنْعِ الصَّبِيَّانِ وَالْبَهَائِمِ إذَا خِيفَ تَنْجِيسُهُمْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ أَنَّ ذَرْقَهُ غَيْرُ مُنَجِّس لَهُ فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنَجِّسٍ لَكِنَّهُ مُقَذِّرٌ لَهُ وَالْقَذَرُ يَجِبُ صَوْنُ الْمَسْجِدِ عَنْهُ أَوْ يُقَالُ يَجُوزُ الدَّفْعُ مِنْ جِهَةِ دَفْعِ الصَّائِلِ مِنْ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ الْحَمَامَ صَائِلٌ بِالتَّنْجِيسِ وَهَلْ هَذَا يُعَدُّ صَائِلًا فَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ جَازَ التَّطْيِيرُ؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَنْفِيرُ الْحَمَامِ الْمَذْكُورِ لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَنْفِيرِ صَيْدِ مَكَّةَ أَيْ كُلِّ الْحَرَمِ وَالْحَمَامُ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَكَلَامُ أَصْحَابِنَا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا حُرْمَةَ ذَلِكَ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِالْمَسْجِدِ وَلَا غَيْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ ذَرْقَهُ فِي أَرْضِ الْمَسْجِدِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَنْفِيرِهِ، وَكَوْنُ صِيَانَةِ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ أَوْ مَنْ هُوَ مِنْ جِنْسِهِ كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالسَّكْرَانِ وَمَا هُوَ تَحْتَ يَدِ الْمُكَلَّفِ كَالْبَهِيمَةِ وَالْحَمَام لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَلَمْ يَجِبْ تَنْفِيرُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بَلْ يَحْرُمُ تَنْفِيرُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ مُجَاوِرٍ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ مَثَلًا وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ وَلَكِنَّهُ مُتَرَجٍّ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ أَوْ يُجَاعِلُهُ لِلْحَجِّ فَلَمَّا تَقَارَبَتْ عَلَيْهِ أَيَّامُ الْحَجِّ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ نَوَى الْإِحْرَامَ مُطْلَقًا وَشَرَطَ التَّحَلُّلَ بِكُلِّ عُذْرٍ يَعْرِضُ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعُذْرُ دِينِيًّا أَوْ دُنْيَوِيًّا أَوْ نَوَى الْإِحْرَامَ بِشَرْطِ التَّحَلُّلِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ أَوْ قَبْلَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كُلِّهَا أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا وَيَتَحَلَّلُ عِنْدَ وُجُودِهِ أَمْ لَا فَإِنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْحَجِّ رُبَّمَا يُفْهِمُ الصِّحَّةَ حَيْثُ قَالُوا وَلَا يَتَحَلَّلُ الْمُحْرِمُ لِمَرَضٍ وَفَقْدِ نَفَقَةٍ وَإِضْلَالِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَعْذَارِ إلَّا إذَا شَرَطَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِذَلِكَ وَكَلَامُهُمْ يُشِيرُ إلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْذَارِ كُلِّهَا حَيْثُ قَالُوا إنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ لَهُ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّوْمِ الْمَنْذُورِ فِيمَا لَوْ نَذَرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ بِعُذْرٍ وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ لَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِشُغْلٍ وَنَحْوِهِ كَجُوعٍ وَتَضْيِيقٍ فِي صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ نَذَرَهُمَا أَوْ قَالَ فِي نَذْرِ الصَّدَقَةِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ الْمَشْرُوطِ أَوْ لَا يَصِحُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْتُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَهَلْ لَهُ سَبِيلٌ إلَى مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ مَعَ إرَادَتِهِ النُّسُكَ بِلَا تَحْرِيمٍ أَمْ لَا فَلَوْ نَوَى الْإِحْرَامَ مُطْلَقًا فَلَمَّا وَجَدَ مَنْ يُجَاعِلُهُ عَلَى حَجِّهِ قَدَّمَ الْحَجَّ هَذِهِ السَّنَةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لِمَنْ جَعَلَ لَهُ كَذَا هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قِيلَ بِالصِّحَّةِ فَهَلْ لَهُ صَرْفُ إحْرَامِهِ الْمُطْلَقِ إلَى مَا شَاءَ مِنْ أَوْجُهِ النُّسُكِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ قَوْلُ الْإِرْشَادِ كَغَيْرِهِ إنَّهُ يَنْصَرِفُ إحْرَامُ الْأَجِيرِ وَالْمُتَطَوِّعِ إلَى حَجٍّ نَذَرَهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا نَذَرَ الْحَجَّ لِنَفْسِهِ أَمْ هُوَ مُطْلَقٌ وَهَلْ قَوْلُهُمْ إنَّهُ يَحْرُمُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ عَلَى مُرِيدِ النُّسُكِ هَلْ ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَهُ فِي سَنَتِهِ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْرُمُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ عَلَى مُرِيدِ الدُّخُولِ بِنُسُكٍ فَلَوْ دَخَلَ بِلَا نُسُكٍ فَلَا تَحْرِيمَ كَمَا ذَكَرُوهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى لُزُومِ الدَّمِ الَّذِي هُوَ فَرْعُ التَّحْرِيمِ؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَصِحُّ الْإِحْرَامُ الْمُطْلَقُ أَوْ الْمُعَيَّنُ وَإِنْ اقْتَرَنَ بِشَرْطِ التَّحَلُّلِ مِنْهُ وَيَصِحُّ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute