للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اشْتِرَاطُ مُرِيدِهِ وَقْتَ الدُّخُولِ فِيهِ التَّحَلُّلَ مِنْهُ بِكُلِّ مَا يَطْرَأُ لَهُ مِنْ عُذْرٍ مُبَاحٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِي بَابِ الْحَجِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُهُمْ فِي الِاعْتِكَافِ صَرِيحٌ فِيهِ وَمِنْ الْعُذْرِ الْمُبَاحِ وُجُودُ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ إنْ شَرَطَهُ بِلَا هَدْيٍ كَانَ تَحَلُّلُهُ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ، وَإِنْ شَرَطَهُ بِهَدْيٍ لَزِمَهُ وَلَا سَبِيلَ إلَى مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ حَيْثُ كَانَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَلَمْ يَنْوِ الْعُودَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ. نَعَمْ شَرْطُ التَّحْرِيمِ أَنْ يَقْصِدَ الْإِحْرَامَ بِالنُّسُكِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَلَوْ قَصَدَ مَكَّةَ لَا لِلنُّسُكِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بَلْ فِي السَّنَةِ بَعْدَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ شَرْطُ لُزُومِ الدَّمِ أَنْ يُحْرِمَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَلَوْ أَحْرَمَ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَلَا دَمَ لِأَنَّ إحْرَامَ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ غَيْرِهَا اهـ وَالتَّحْرِيمُ وَالدَّمُ مُتَلَازِمَانِ غَالِبًا فَإِذَا انْتَفَى أَحَدُهُمَا فَالْأَصْلُ انْتِفَاءُ الْآخَرِ إلَّا لِدَلِيلٍ وَأَيْضًا فَعَدَمُ صَلَاحِيَةِ إحْرَامِ سَنَةٍ لِإِحْرَامِ غَيْرِهَا صَيَّرَهُ كَقَاصِدِ مَكَّةَ لِغَيْرِ نُسُكٍ وَمَنْ قَصَدَهَا لِغَيْرِ نُسُكٍ لَا إثْمَ عَلَيْهِ كَمَا لَا دَمَ عَلَيْهِ لِمَا تَقَرَّرَ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَعْنِي تَعْلِيلَهُمْ بِأَنَّ إحْرَامَ هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ غَيْرِهَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِهِ فِي سَنَةٍ هُوَ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ غَيْرِهَا بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ بِهَا فِي سَنَةٍ يَصْلُحُ لِإِحْرَامِ غَيْرِهَا لِاسْتِوَاءِ الْأَزْمَانِ فِيهَا فَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ لِلْعُمْرَةِ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الدَّمُ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا قَبْلَ الْوُقُوفِ انْصَرَفَ الْحَجُّ إلَى النَّذْرِ لِتَقَدُّمِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ وَأَنَّهُ.

لَوْ أَحْرَمَ أَجِيرٌ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ بِحَجِّ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَذَرَ حَجًّا قَبْلَ الْوُقُوفِ انْصَرَفَ الْحَجُّ إلَى النَّذْرِ أَيْضًا لِتَقَدُّمِ فَرْضِ الشَّخْصِ عَلَى غَيْرِهِ اهـ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى أَنَّ النَّذْرَ الْمَذْكُورَ فِي السُّؤَالِ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ صِحَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهِ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَيَقَعُ الْحَجُّ لِمَنْ جُعِلَ لَهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْ نَذَرَهُ لِلْغَيْرِ وَصَحَّحْنَاهُ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحُوا لِمَا عَلِمْت بِأَنَّ الْوَاجِبَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّطَوُّعِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ النَّذْرَ الْمَذْكُورَ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عَنْ الْغَيْرِ إنَّمَا انْصَرَفَ إلَى الْأَجِيرِ لِتَقَدُّمِ فَرْضِ الشَّخْصِ عَلَى فَرْضِ غَيْرِهِ فَإِذَا نَوَى الْحَجَّ لِنَفْسِهِ ثُمَّ نَذَرَهُ لِلْغَيْرِ لَا يَنْصَرِفُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْجِهَةِ الْمَنْوِيَّةِ إلَّا لِأَقْوَى مِنْهَا كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْلِيلُهُمْ الِانْصِرَافَ فِي الْأَوَّلِ بِتَقَدُّمِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِتَقَدُّمِ فَرْضِ الشَّخْصِ عَلَى فَرْضِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَقُولُوا بِانْصِرَافِهِ إلَّا لِجِهَةٍ أَقْوَى مِنْ الْجِهَةِ الْمَنْوِيَّةِ بِخِلَافِ مَنْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ صَرْفَهُ عَنْهُ بِنَذْرِهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ وُقُوعَهُ لِلْغَيْرِ جِهَةٌ أَضْعَفُ مِنْ وُقُوعِهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ النَّذْرِ بَلْ يَكُونُ لَغْوًا؛ لِأَنَّهُ عَارَضَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ لِنَفْسِهِ وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ بِذَلِكَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْعِلَّةَ الْأُولَى لَا تَقْتَضِي صِحَّةَ النَّذْرِ الْمَذْكُورِ وَوَجْهُهُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ وَقَعَ لَغْوًا لِمُعَارِضَتِهِ لِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَإِذَا وَقَعَ لَغْوًا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَيْءٌ وَاجِبٌ عَلَيْهِ حَتَّى يُقْدِمَ عَلَى التَّطَوُّعِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ هَذَا أَعْنِي عَدَمَ صِحَّةِ هَذَا النَّذْرِ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ الْآنَ مِمَّا تَقَرَّرَ وَلَعَلَّنَا نَزْدَادُ فِي الْمَسْأَلَةِ عِلْمًا أَوْ نَظْفَرُ فِيهَا بِنَقْلٍ بِخُصُوصِهَا يُزِيلُ التَّوَقُّفَ فِيهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَجُّ ثُمَّ افْتَقَرَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأُهْبَةِ أَوْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا أَوْلَادٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ وَجَاءَ لَهُ أَوْلَادٌ هَلْ يُكَلَّفُ عَلَى الْحَجِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِطَاعَةِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ ثُمَّ افْتَقَرَ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّتِهِ فَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَلَوْ مَاشِيًا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ إلَّا إنْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِمْ ذَهَابُهُ وَإِيَابُهُ وَكَذَلِكَ لَا بُدَّ أَنْ يَجِدَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا أَيْضًا لَكِنْ فِي الْإِحْيَاءِ لَوْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ ثُمَّ أَخَّرَهُ حَتَّى أَفْلَسَ لَزِمَهُ كَسْبُ مُؤْنَتِهِ أَوْ سُؤَالُهَا مِنْ زَكَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ لِيَحُجَّ وَإِلَّا مَاتَ عَاصِيًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ أَجِيرُ الْحَجِّ وَالزِّيَارَةِ هَلْ لَهُ أَجْرٌ فِيهِمَا كَغَيْرِ الْأَجِيرِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْحَجِّ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى نَحْوِ الْحَجِّ الْأُجْرَةَ وَلَوْلَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>