يَصِيرُهَا جَائِزَةً كَالْجَعَالَةِ فَإِذَا امْتَنَعَتْ الْإِقَالَةُ فِي مَسْأَلَةِ ابْن الصَّلَاحِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُورِثِ لَا لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ خَلِيفَةَ الْمُورِثِ فَكَذَا يَنْبَغِي مَنْعُ الْفَسْخِ فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ الْعَقْدَ لِلْمُوصِي لَا لِلْوَصِيِّ وَأَيْضًا فَالْوَصِيُّ بِمُجَاعَلَةِ غَيْرِهِ جَعَالَةً صَحِيحَةً قَدْ فَعَلَ مَا فُوِّضَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ بِلَا مُوجِبٍ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ لِي الْآنَ فَعَلَيْهِ إذْنُهُ أَوْ مُجَاعَلَتُهُ لِلثَّانِي فَاسِدٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَقَعُ حَجُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ لِلثَّانِي مَا ذُكِرَ غَيْرُ فَسْخٍ لِلْأَوَّلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ لِوَاحِدِ رُدَّ عَبْدِي وَلَك كَذَا ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ لِثَانٍ ثُمَّ لِثَالِثٍ فَرَدُّوهُ وَقَصَدَ كُلٌّ نَفْسَهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ مَا شُرِطَ لَهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَ مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ أَمْ لَا.
فَهَذَا صَرِيحٌ فِي بَقَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى صِحَّتِهِ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ لِلثَّانِي ذَلِكَ وَفِي صِحَّةِ الثَّانِي أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ لِلثَّالِثِ ذَلِكَ فَيَكُونُ صَرِيحًا فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّ قَوْلَهُ لِلثَّانِي جَاعَلْتُكَ أَوْ حُجَّ عَنْ فُلَانٍ بِكَذَا غَيْرُ فَسْخٍ لِلْأَوَّلِ وَيَلْزَمُ مَعَ بَقَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى صِحَّتِهِ بُطْلَانُ الثَّانِي لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إلَّا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَأَيْضًا فَتَوْزِيعُ الْعَمَلِ هُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِمْ فِي الْجَعَالَةِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْجُعْلِ هُوَ الْأَوَّلُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَأَنَّ الثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ وَإِذَا تَنَزَّلْنَا وَفَرَضْنَا أَنَّ الْوَصِيَّ صَرَّحَ بِفَسْخِ الْأَوَّلِ وَقُلْنَا بِجَوَازِ الْفَسْخِ لَهُ وَنُفُوذِهِ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ أَنَّ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ إذَا جَهِلَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى مِنْ مَالِهِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِتَوْرِيطِهِ لَهُ فِي الْعَمَلِ مَعَ عَدَمِ إعْلَامِهِ لَهُ بِالْفَسْخِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْحَجَّ يَقَعُ لِلْعَامِلِ فَالثَّوَابُ لَهُ لِأَنَّ تَقْصِيرَ الْوَصِيِّ أَلْغَى النَّظَرَ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي نَظَائِرَ لِذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَحَاطَ بِأَطْرَافِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ نَوَى بِطَوَافِهِ النَّفَلَ مُلَازَمَةَ غَرِيمٍ لَهُ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي طَوَافِ الْفَرْضِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا صَرَفَ طَوَافَهُ النَّفَلَ أَوْ الْفَرْضَ إلَى مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ بَطَلَ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ فَقْدُ الصَّارِفِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِنِيَّةِ الطَّوَافِ وَلَمْ يَقْصِدْ صَرْفَهُ بَلْ شَرَّكَ مَعَ النِّيَّةِ غَيْرَهَا لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ هَلْ يُتَصَوَّرُ انْعِقَادُ الْحَجِّ فَاسِدًا فِي غَيْرِ الْجِمَاعِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا ثُمَّ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا عَلَى الْمَذْهَبِ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا صُورَتُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ لَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ قَرَنَ لَزِمَهُ دَمَانِ وَخَالَفَهُ السُّبْكِيّ فَمَا الْمُعْتَمَدُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ تَكَرَّرَ الدَّمُ فَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ مَعَ بَسْطِ مَا فِيهِ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَمَّا مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ فَمَبْنِيٌّ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ وَبَيَّنْته فِي حَاشِيَتِي عَلَى إيضَاحِ النَّوَوِيِّ وَبَيَّنْت فِيهَا أَيْضًا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ تَكَرُّرِ الدَّمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَا حَاصِلُهُ مَعَ إيضَاحِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْقَارِنِ كَوْنُهُ رَبِحَ مِيقَاتًا إذْ لَوْ أَحْرَمَ بِكُلِّ نُسُكٍ عَلَى حِدَتِهِ لَاحْتَاجَ إلَى الْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتِهِ وَهُوَ مِيقَاتُ بَلَدِهِ وَالْخُرُوجِ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ أَوْ الْعِلَّةِ تَرَفُّهُهُ بِكَوْنِ الْعَمَلَيْنِ صَارَا عَمَلًا وَاحِدًا وَالْعِلَّةُ فِي وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ كَوْنُهُ رَبِحَ مِيقَاتًا أَيْضًا أَوْ تَرَفَّهَ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ فِيمَا بَيْنَ النُّسُكَيْنِ وَكُلٌّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيِّ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَارَ مُتَمَتِّعًا الْآنَ فَلَزِمَهُ الدَّمُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ.
وَحِينَ أَحْرَمَ بِالنُّسُكَيْنِ مَعًا لَزِمَهُ دَمٌ آخَرُ لِأَنَّهُ رَبِحَ مِيقَاتَ الْعُمْرَةِ الَّتِي قَرَنَهَا بِالْحَجِّ وَتَرَفَّهَ بِانْدِرَاجِ عَمَلِهَا فِي عَمَلِ الْحَجِّ فَوَجَبَ الدَّمَانِ وَلَمْ يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَر لِاخْتِلَافِ الْمُوجِبِ كَمَا عَرَفْته مِمَّا تَقَرَّرَ وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ لَزِمَهُ الدَّمُ أَيْ دَخَلَ سَبَبُ لُزُومِهِ إذْ لَا يُتِمُّ لُزُومُهُ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَعِلَّةُ لُزُومِهِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ رَبِحَ مِيقَاتَ الْحَجِّ أَوْ تَرَفَّهَ بِالْمُحَرَّمَاتِ فِيمَا بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ وَعُمْرَتِهِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَهَكَذَا لَمْ تَكُنْ سَبَبًا فِي رِبْحِ مِيقَاتِ الْحَجِّ وَلَا فِي تَرَفُّهِهِ فَأَيُّ مُوجِبٍ لِلدَّمِ فِيهَا وَمَا أَظُنُّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ بِالتَّكَرُّرِ إلَّا وَهِمَ كَمَا تَبَيَّنَ لَك مِمَّا قَرَّرْته.
(وَسُئِلَ) فَسَحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ عَنْ الْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْحَجِّ فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا