للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حِسَابِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِمْ الْقِرَاءَةُ فِي الطَّوَافِ أَفْضَلُ مِنْ الذَّكَرِ غَيْرِ الْمَأْثُورِ وَالْمَأْثُورُ أَفْضَلُ مِنْهَا مَا الْمُرَادُ بِالْمَأْثُورِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُرَادُ بِهِ كَمَا قِيلَ مَا أُثِرَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ لَكِنْ فِي كَوْنِ الْمَأْثُورِ عَنْ صَحَابِيٍّ مَثَلًا أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ لَمَّا كَانَ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ أَلِيقَ مِنْهُ بِالْقِرَاءَةِ وَلِذَا كَرِهَهَا بَعْضُهُمْ فِيهِ مُطْلَقًا قَدَّمُوا الْمَأْثُورَ وَلَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ عَلَيْهَا رِعَايَةً لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَأْثُورَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَصِحَّ سَنَدُهُ أَوْ لَا لِأَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ وَالْمُرْسَلَ وَالْمُنْقَطِعَ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوع.

(وَسُئِلَ) نَفَّعَ اللَّه بِهِ عَمَّنْ نَذَرَ الْحَجّ مَاشِيًا فَرَكِّبْ لَزِمَهُ دَم مَعَ أَنَّهُ فَعَلَ الْأَفْضَل فَمَا وَجْه ذَلِكَ وَمَا الْمُرَاد بِالدَّمِ هُنَا وَلَمْ وَجَبَ مَعَ أَنَّ مُخَالِفَة الْمَنْذُور فِي غَيْر ذَلِكَ تَقْتَضِي الْإِثْم فَقَطْ وَهَلْ يَتَكَرَّر الدَّم بِتَكَرُّرِ الرُّكُوب قِيَاسًا عَلَى اللُّبْس فِي حَقّ الْمُحْرِم أَوْ يُفَرَّق؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّمَا لَزِمَهُ الدَّم وَإِنَّ فَعَلَ الْأَفْضَل لِأَنَّ الْمَشْي فِيهِ مَشَقَّة مَقْصُودَة لِلشَّارِعِ أَيْضًا فَوَجَبَتْ رِعَايَتهَا لِأَنَّ الْأَفْضَل خَلَا عَنْهَا بَلْ وَرَدَ فِي فَضْلهَا مَا اقْتَضَى ذَهَابَ كَثِيرٍ إلَى أَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ وَأَيْضًا فَأَفْضَلِيَّةُ الرُّكُوبِ لَيْسَتْ لِذَاتِهِ بَلْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَسِّي بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى الْحُضُورِ فِي الْأَذْكَارِ وَالْعِبَادَاتِ فَوَجَدَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَقْصُودٍ لَيْسَ فِي الْآخَرِ فَلَمْ يُجَزِّئ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَإِذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ حَقَّ التَّأَمُّلِ ظَهَرَ لَك الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ تُجْزِئهُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ هُنَا اشْتَمَلَ عَلَى مَا فِي الْمَفْضُولِ وَزِيَادَةٍ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ وَالْمُرَادُ بِالدَّمِ هُنَا شَاةٌ.

وَإِنَّمَا وَجَبَ الدَّمُ هُنَا مَعَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ صِفَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنُّسُكِ فَاقْتَضَتْ مُخَالَفَتُهَا لُزُومَ الدَّمِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا رَكِبَ لِغَيْرِ عُذْرٍ تَكَرَّرَ الدَّمُ مُطْلَقًا أَوْ لِعُذْرٍ فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْعُذْرُ لَمْ يَتَكَرَّرْ الدَّمُ بِتَكَرُّرِ الرُّكُوبِ وَإِنْ زَالَ ثُمَّ حَدَثَ عُذْرٌ آخَرُ تَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِ الْعُذْرِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ اللُّبْس بِأَنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ مُمْكِنَةٌ غَالِبًا فَلَا عُذْرَ فِي تَكَرُّرِهِ فَاقْتَضَى تَكَرُّرَ الدَّمَ بِشَرْطِهِ وَأَمَّا اسْتِدَامَةُ الرُّكُوبِ فَغَيْرُ مُمْكِنَةٍ فَنَظَرْنَا لِلْعُذْرِ وَلَمْ نَنْظُرْ إلَيْهَا لِاسْتِحَالَتِهَا غَالِبًا.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ مَا قَوْلُكُمْ فِي حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَحُجَّ وَلَمْ يَحُجَّ مَاتَ إنْ شَاءَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» اهـ فَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ مَوْضُوعٌ وَهَلْ هُوَ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الْبَعِيدِ مِنْهُمْ وَالْقَرِيبِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ أَمْ لَا وَإِذَا كَانَ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَكَانَ الْمَكَانُ بَعِيدًا وَالشَّخْصُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَحْمِلُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَبَقِيَ عَنْ الْحَجِّ إلَى أَنْ مَاتَ فَهَلْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا وَبَقِيَ عَنْ الْحَجِّ إلَى أَنْ مَاتَ فَهَلْ يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِهِ الْحَجَّ وَيَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْحَدِيثُ صَحِيحٌ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قَبِيلِ الرَّأْي فَلَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ عَلَى أَنَّهُ وَرَدَ مَرْفُوعًا مِنْ طُرُقٍ فِي بَعْضِهَا مَقَالٌ وَقَدْ أَخْطَأَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي عَدِّهِ مِنْ الْمَوْضُوعَاتِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ وَعَامٌّ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لَكِنْ بِشَرْطِ الِاسْتِطَاعَةِ وَمِنْ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ الْعَجْزُ عَنْ دَابَّةٍ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ وَكَذَا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا فَإِذَا تَرَكَ الْحَجَّ لِأَجْلِ تِلْكَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي هَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ إذَا جَاعِل رَجُلٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ عَنْ مَيِّتِهِ بِمِائَةٍ مِثْلًا فَفَعَلَ وَجَاعَلَهُ أَيْضًا عَلَى أَنْ يَرُدَّ السَّلَامَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ عِنْدَهُمْ فَاسْتَنَابَ غَيْرَهُ فِي الزِّيَارَةِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ مَا سَمَّى لَهُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ يَسْتَحِقُّ فَهَلْ فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يَشْرِطُوا عَلَيْهِ أَنْ يَزُورَ بِنَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقُوا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا يَسْتَحِقُّ إذَا شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يَزُورَ بِنَفْسِهِ فَهَلْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ تُمْكِنَهُ الزِّيَارَةُ أَوْ لَا تُمْكِنَهُ كَأَنْ تَمْرَضَ أَوْ يُكْمِلَ نَفَقَتَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا جُوعِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>