للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَاءَ الْحَجُّ وَهُوَ بِمَكَّةَ حَجَّ أَوْ أَنَّهُ رُبَّمَا خَطَرَتْ لَهُ الْعُمْرَةُ وَهُوَ بِمَكَّةَ فَيَفْعَلُهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ قَاصِدًا الْحَرَمَ بِمَا وَضَعَ لَهُ مِنْ النُّسُكِ وَإِنَّمَا هُوَ قَاصِدُهُ لِأَمْرٍ آخَرَ وَاحْتِمَالُ وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدُ لَا نَظَرَ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصْدَهُ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ لِنُسُكٍ حَاضِرٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ فَإِنَّهُ قَاصِدُهُ لِمَا وُضِعَ لَهُ فَلَزِمَهُ تَعْظِيمُهُ بِهِ أَوْ بِنَظِيرِهِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الَّذِي وَجَبَ الْإِحْرَامُ لِأَجْلِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ فِيهِ فَتَدَبَّرْ جَمِيعَ مَا ذَكَرْته لَك فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَلَقَدْ زَلَّ فِيهِ نَظَرُ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَجْمُوعِ الَّتِي ذَكَرْتهَا فَأَفْتَى بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا إذَا أَوْصَى بِحَجَّةٍ مِنْ بَلَدِهِ وَجَاوَزَ وَارِثُهُ الْمِيقَاتَ وَاسْتَأْجَرَ عَنْهُ مِنْ مَكَّةَ فَهَلْ الدَّمُ وَالْمَحْطُوطُ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْوَارِثَ لَمَّا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّ شَرَطَ الْإِحْرَامَ مِنْهَا أَوْ مِنْ دُونَ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ الشَّرْطِيِّ أَوْ الشَّرْعِيِّ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ إلَّا أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالدَّمُ عَلَى الْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَالدَّمُ وَالْحَطُّ عَلَى الْأَجِيرِ لِتَقْصِيرِهِ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ كَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمِيقَاتِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ لَا الْمُبَاشِرِ وَقَالَ آخَرُونَ الْعِبْرَةُ بِمِيقَاتِ الْمُبَاشِرِ كَمَكَّةَ لِلْمَكِّيِّ فَعَلَيْهِ لَا دَمَ وَلَا حَطَّ مُطْلَقًا إلَّا إنْ عَيَّنَ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ أَنَّهُ يُحْرِمُ عَنْهُ مِنْ مَوْضِعِ مُعَيَّنٍ قَبْلَ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ اتِّفَاقًا وَمَتَى خَالَفَهُ الْأَجِيرُ لَزِمَهُ الدَّمُ وَالْحَطُّ إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الدَّمُ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَارِثُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالدَّمُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا مَاتَ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَحَجَّ عَنْهُ وَارِثُهُ هَلْ يَقَعُ عَنْهُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَقَعُ لَهُ كَمَا حَرَّرْته مَعَ اسْتِيعَابِ مَا فِيهِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي حَاشِيَةِ إيضَاحِ النَّوَوِيِّ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَحْضُ نُسُكٍ نَفْلٍ حَتَّى يُقَالَ بِامْتِنَاعِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يُوصِ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ حَجَّ إذَا وَقَعَ يَقَعُ فَرْضًا إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ حَجٌّ وَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ فَلَمَّا أَنْ كَانَ هَذَا يَقَعُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ خَرَجَ عَنْ مُشَابَهَتِهِ النَّفَلَ نَظَرًا لِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ تَوْسِيعًا لِتَحْصِيلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِعَظْمِ نَفْعِهَا وَإِنْ لَمْ يُشَابِهْهُ مِنْ حَيْثِيَّةِ عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْوَارِثِ وَإِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ تَرِكَةً.

(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك حَجَّةً عَنْ فُلَانٍ بِنَفْسِك هَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا عَنْ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ صِحَّةِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ فَتَكُونُ إجَارَةَ عَيْنٍ وَقَوْلُ الْإِمَامِ يَبْطُلُ ضَعِيفٌ وَإِنْ تَبِعَاهُ فِي الْإِجَارَةِ وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجَّ قُرْبَةٌ عَظِيمَةٌ يَتَعَيَّنُ الِاحْتِيَاطُ فِي أَدَائِهَا مَا أَمْكَنَ وَأَغْرَاضُ النَّاسِ فِي عَيْنِ مَنْ يُحَصِّلُ هَذِهِ الْقُرْبَةَ مُتَفَاوِتَةٌ تَفَاوُتًا كَثِيرًا وَحِينَئِذٍ فَلَمَّا عَقَبَ إلْزَامَ ذِمَّتِهِ بِقَوْلِهِ لِتَحُجَّ بِنَفْسِك عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْإِجَارَةِ الذِّمِّيَّةِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا أَرَادَ تَعَلُّقَهُ بِعَيْنِهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَإِنْ وُجِدَتْ الْعَدَالَةُ فِي الْكُلِّ وَبَقِيَ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ مُهِمٌّ بَسَطْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَقُلْتُمْ يَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ هَلْ يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةُ التَّحَلُّلِ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْصَرِ أَمْ لَا يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَهَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلٌ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ ثَمَّ نَقْلٌ عَنْ أَحَدٍ فِيهَا فَبَيَّنُوهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ عِبَارَةُ شَرْحِي لِلْعُبَابِ كَغَيْرِهِ وَيَتَحَلَّلُ مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ وَقَضَيْته أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِنِيَّةِ الْعُمْرَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ انْتَهَتْ وَوَجْهُهُ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ عُمْرَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا حَقَقْته فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا وَأَنَّ لِذَلِكَ وَجْهًا وَاضِحًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ لِمَ قُلْتُمْ بِسُقُوطِ الدَّمِ عَنْ الْقَارِنِ بِعَوْدِهِ إلَى الْمِيقَاتِ قِيَاسًا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مَعَ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَمْ يَرْبَحْ أَحَدَ الْعَمَلَيْنِ وَالْقَارِنُ رَبِحَهُ فَكَانَ الْقِيَاسُ لُزُومُ الدَّمِ لَهُ مَا لَمْ يَعُدْ لِلْمِيقَاتِ وَيُكَرِّرُ الْأَعْمَالَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَرْبَحْ شَيْئًا فَيَكُونُ نَظِيرَ الْمُتَمَتِّعِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَمْ يَقْتَصِرُوا فِي إيجَابِ الدَّمِ عَلَى الْقَارِنِ بِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ فَقَطْ حَتَّى يَرُدَّ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا ضَمُّوا إلَى ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالَ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ذَبَحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>