مُدَّةٍ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكٌ مِنْ أَمْلَاكِ السَّاكِنِ الْمَذْكُورِ وَصَدَّقَهُ السَّاكِنُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَزَلْ مُسْتَمِرًّا عَلَى سُكْنَاهُ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ فَادَّعَى بَعْضُ وَرَثَتِهِ أَعْنِي الْمُقِرَّ الْمَذْكُورَ أَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ حَالَ الْإِقْرَارِ مَبِيعَةٌ لِشَخْصٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ عِدَّةٍ وَأَمَانَةٍ فَهَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى مِنْ الْوَارِثِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى الْمُشْتَرِي أَوْ تُسْمَعُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى مِمَّنْ يُسَوِّغُ وَثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ فَهَلْ تُنْزَعُ الدَّارُ مِنْ السَّاكِن أَوْ لَا وَإِذَا اُنْتُزِعَتْ فَعَادَتْ إلَى الْوَارِثِ بِإِقَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوْ لَا وَهَلْ عَوْدُهَا إلَى الْوَارِثِ بِغَيْرِ إقَالَةٍ كَعَوْدِهَا بِهَا أَمْ لَا وَأُجْرَة الْمِثْلِ مُدَّةَ السُّكْنَى بِالدَّارِ الْمَذْكُورَةِ تَلْزَمُ السَّاكِنَ إذَا قُلْتُمْ بِفَسَادِ الْإِقْرَارِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بَيْعُ الْعِدَّةِ الْخَالِي عَنْ الشَّرْطِ الْمُفْسِدِ صَحِيحٌ عِنْدنَا فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الدَّعْوَى بِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ مُتَمَحِّضٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ.
فَإِنْ أَثْبَتَ الشِّرَاء مِنْ الْمَيِّتِ قَبْلَ إقْرَارِهِ انْتَزَعَ الْعَيْنَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ وَيَلْزَمُهُ لِلْمُشْتَرِي أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَهِيَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَحَيْثُ عَادَتْ لِلْوَارِثِ فَإِنْ كَانَ مُصَدِّقًا لِمُوَرِّثِهِ فِي إقْرَارِهِ انْتَزَعَهَا الْمُقَرّ لَهُ مِنْهُ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مُوَرِّثِهِ فَإِنْ كَانَ يَسْلُبُ الْعَوْدَ إلَيْهِ إرْثه كَالْإِقَالَةِ انْتَزَعَهَا مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ أَوَّلًا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ لَمْ يَنْتَزِعْهَا مِنْهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلهمْ لَوْ تَزَوَّجَ بِمَجْهُولَةٍ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ وَلَمْ يَصْدُقهُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ لَهُ ضَيْعَةٌ بِهَا شِرْبٌ مِنْ الْمَاءِ فَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشِّرْبَ فَقَالَ الْبَائِعُ لَمْ أَبِعْهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ لِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا بَذَلْت الْمَالَ الْكَثِيرَ إلَّا لِلضَّيْعَةِ وَشِرْبهَا مَا الْحُكْمُ وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكهَا وَأَبَحْت لَك شُرْبهَا بِكَذَا فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ أَرَدْنَا بِهَذَا اللَّفْظِ الْبَيْعَ فِي الْجَمِيعِ فَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ فِي الْأَرْضِ فَقَطْ وَإِذَا قَالَ بِعْتُكهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَبِعْتُكَ شِرْبَهَا بِخَمْسِينَ أَوْ وَأَبَحْته لَك بِخَمْسِينَ فَقَالَ قَبِلْتُ بِمِائَةٍ مَا الْحُكْمُ وَلَوْ بَاعَ بِكِنَايَةٍ ثُمَّ مَاتَ أَوْ غَابَ وَلَمْ تُعْلَم نِيَّتُهُ مَا حُكْمُهُ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ضَيْعَةً فَأَحْدَثَ فِيهَا عِمَارَةً عَيْنًا وَأَثَرًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ عِمَارَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَأَخْذُ الْعَيْنِ أَمْ لَا وَمَنْ اشْتَرَى ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَرَ وَعَكْسُهُ مِنْ الْمُصَدِّقِ.
(فَأَجَابَ) الْمَنْقُولُ أَنَّ بَيْعَ الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَسِيلُ الْمَاءِ وَلَا شِرْبُهَا بِكَسْرِ الشِّين أَيْ نَصِيبَهَا مِنْ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ حَتَّى يَشْتَرِطَ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ بِعْتُك الْأَرْضَ بِحُقُوقِهَا أَوْ بِشِرْبِهَا قَالَ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّ هَذَا فِي الْخَارِجِ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الْأَرْضِ أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ اهـ وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ هُنَا قَوْلُهُمْ لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزِرَاعَةٍ أَوْ غِرَاسٍ دَخَلَ الشِّرْبُ وَنَحْوه مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَأْجَر لَهَا ثُمَّ لَا تَتِمُّ بِدُونِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ إلَّا بِالشَّرْطِ بِقَيْدِهِ الْمَذْكُور إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَحَيْثُ اتَّفَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ ذِكْرِ الشِّرْبِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ إنْ كَانَ دَاخِلًا فِي الْأَرْضِ مَلَكَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا نَظَرَ لِكَلَامِ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْك الْبَائِعِ وَلَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ وَإِنْ قَالَ إنَّهُ إنَّمَا بَذَلَ الْمَاءَ فِي مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ مَعَهُ لِأَنَّ الْقُصُودَ وَالنِّيَّاتِ لَا تُعْتَبَرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِمَّا الْمَدَارُ فِيهِ عَلَى اللَّفْظِ وَحْدَهُ وَلَا تَأْثِيرَ فِيهِ لِلنِّيَّةِ وَحْدَهَا فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِي الْأَرْض مَعَ شِرْبِهَا وَقَالَ الْبَائِع إنَّمَا بِعْتُك الْأَرْضَ وَحْدَهَا تَحَالُفًا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَيْنِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا يَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا.
ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ نِزَاعُهُمَا فَسَخَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ وَقَوْلُ السَّائِلِ وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكهَا وَأَبَحْت لَك شِرْبَهَا بِكَذَا إلَخْ يَحْتَاجُ الْجَوَابُ عَنْهُ إلَى مُقَدِّمَةِ أَنْ أَبَحْتك إيَّاهُ بِكَذَا هَلْ هُوَ مِنْ كِنَايَاتِ الْبَيْعِ وَفِيهَا خِلَافٌ حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ وَلَيْسَ مِنْهَا أَيْ الْكِنَايَةِ أَبَحْتُك إيَّاهُ بِكَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِبَاحَةِ مَجَّانًا فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهَا اهـ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا سَقَى اللَّهُ عَهْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِلَّا أُشْكِلَ بِانْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ الْمُصَرَّح فِيهِ بِأَنَّهُ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ صَرِيحٌ فِي الْبَيْعِ اهـ وَيُجَاب بِأَنَّ اقْتِرَانَ الْعِوَضِ بِالْهِبَةِ يَمْنَعُ انْصِرَافَهَا لِمَعْنَاهَا مِنْ التَّمَكُّنِ مَجَّانًا وَيَصْرِفُهَا إلَى التَّمْلِيكِ بِعِوَضٍ بِخِلَافِ الْإِبَاحَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute