للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَابِعٌ فَهُوَ كَأَسَاسِ الْجِدَارِ وَمَغْرِسِ الْأَشْجَارِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قُلْتُ لَوْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكَانَ فِيهَا شَاهِدٌ أَيُّ شَاهِدٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا نَزْحَ مَائِهَا حَتَّى يُرَى مَحَلُّ النَّابِعِ مِنْهَا مَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِرُؤْيَتِهِ لِأَنَّهَا تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ كِبَرِهِ وَصِغَرِهِ وَغَزَارَةِ مَائِهِ وَقِلَّتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يَشْتَرِطُوا رُؤْيَتَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ وَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا رُؤْيَتَهُ مَعَ سُهُولَتِهَا بَعْضَ السُّهُولَةِ بِنَزْحِ مَاءِ الْبِئْرِ وَسَدِّ مَنْبَعِهَا وَمَعَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِعَيْنِ الْمَبِيعِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَشْتَرِطُوا فِي صُورَتِنَا رُؤْيَةَ مَحَلِّ النَّابِعِ وَمَا تَحْتَ الْأَرْضِ مِنْ الْمَجْرَى لِتَعَذُّرِ رُؤْيَتِهِمَا لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِمَا أَعْظَمُ مِنْهَا فِي الْبِئْرِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُمَا إلَّا بِتَغْيِيرِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ لِاشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ.

الرَّابِعُ قَوْلُهُمْ لَا بُدَّ فِي الْحَمَّامِ مِنْ رُؤْيَةِ بَالُوعَتِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ بَالُوعَةَ الدَّارِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِرُؤْيَةِ الْبَالُوعَةِ حَفْرَ التُّرَابِ عَنْهَا حَتَّى يُرَى أَصْلُهَا وَطَيُّهَا الْمُسْتَتِرُ بِالْأَرْضِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ رُؤْيَةُ فَمِهَا الظَّاهِرِ فَقَطْ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يُشْتَرَطُ حَفْرُ الْأَرْضِ حَتَّى يُرَى مَا تَحْتَهَا بَلْ الشَّرْطُ رُؤْيَةُ مَا ظَهَرَ مِمَّا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِرُؤْيَتِهِ الْخَامِسُ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ رُؤْيَةِ الْوَجْهَيْنِ فِي الثَّوْبِ مَحَلُّهُ فِي الصَّفِيقِ وَغَيْرِ الْمَخِيطِ أَمَّا الْمَخِيطُ بِوَجْهَيْنِ مِنْ الْجُوخِ وَالصُّوفِ النَّفِيسِ وَنَحْوِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي رُؤْيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَجْهَيْنِ دُونَ الْمُسْتَتِر مِنْهُمَا كَمَا فِي كُبَابِ الْغَزْلِ وَنَحْوِهَا اهـ وَكَانَ وَجْهُ بَحْثِهِ هَذَا أَنَّ فِي فَتْقِ الْمُسْتَتِرِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمُنْضَمَّيْنِ نَوْعَ مَشَقَّةٍ فَإِذَا سَامَحَ الْأَذْرَعِيُّ فِي رُؤْيَةِ ذَيْنِكَ الْوَجْهَيْنِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ ظَاهِرٌ فِي اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهِمَا حَتَّى فِي صُورَتِهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُشْتَرَطَ رُؤْيَةُ الْمُسْتَتِرِ فِي صُورَتِنَا لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهَا أَعْظَمُ عَلَى أَنَّ لَنَا أَنَّ نَقِيسَ صُورَتنَا عَلَى مَا قَالُوهُ فِي كُبَابِ الْغَزْلِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا الْأَذْرَعِيُّ بَحْثَهُ الْمَذْكُورَ.

وَنَقُولُ وَجْهُ اكْتِفَائِهِمْ بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِ الْكُبَابِ مَشَقَّةُ نَقْضِهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ ظَاهِرَهَا يَدُلُّ عَلَى بَاطِنهَا لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِذَا اكْتَفَى بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِهَا لِمَشَقَّةِ نَقْضِهَا فَكَذَا يَكْتَفِي فِي صُورَتِنَا بِرُؤْيَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْمَجْرَى دُونَ مَا اسْتَتَرَ فَإِنْ قُلْتَ يُنَافِي مَا ذَكَرْتَ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ إنَّ رُؤْيَةَ الْجِدَارِ الْمَسْتُورِ بِالطِّينِ وَنَحْوِهِ لَا تَكْفِي إذْ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ مُتَسَاقِطًا وَالْقِيمَةُ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ قُلْتُ هَذَا الْبَحْثُ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إذَا مَنَعَ نَحْوُ الطِّينِ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا هُوَ مَبْنِيٌّ بِهِ هَلْ هُوَ حَجَرٌ أَوْ آجُرٌّ أَوْ لَبِنٌ أَوْ خَشَبٌ أَوْ قَصَبٌ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ أَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ مِنْ حَجَرٍ مَثَلًا بِأَنْ يُرَى بَعْضُهُ وَرَآهُ قَائِمًا مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ أَوْ مَائِلًا وَرَضِيَ بِهِ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ إزَالَةِ ذَلِكَ السَّاتِرِ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ لَا تَخْتَلِفُ بِوُجُودِهِ وَعَدَمِهِ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ إذْ قَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ مُتَسَاقِطًا وَالْقِيمَةُ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْقِيمَةَ.

وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِهِ إلَّا أَنَّ رُؤْيَةَ الْجِدَارِ مَسْتُورًا أَوْ مَائِلًا يُعْلَمُ بِهَا مَا فِيهِ مِنْ الْخَلَلِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِإِزَالَةِ سُتْرَتِهِ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ مَا هُوَ مَبْنِيٌّ بِهِ وَرَآهُ مُسْتَوِيًا أَوْ مَائِلًا لَمْ يَفِدْهُ إزَالَةُ سُتْرَتِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا قَبْلَ الْإِزَالَةِ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِهَا السَّادِسُ قَوْلُ الْكَافِي ضَابِطُ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ أَنْ يَرَى مِنْ الْمَبِيعِ مَا يَخْتَلِفُ مُعْظَمُ الْمَالِيَّةِ بِاخْتِلَافِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ تُعْتَبَرُ الرُّؤْيَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ فَالْعُرْفُ مُطَّرِدٌ فِي صُورَتِنَا بِأَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ فِيهَا غَيْرَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَلَا يَتَشَوَّفُونَ قَطُّ إلَى رُؤْيَةِ الْمَنْبَعِ وَلَا إلَى رُؤْيَةِ مَا اسْتَتَرَ مِنْ الْمَجْرَى لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ أَوْ تَعَسُّرِهِ كَمَا مَرَّ.

السَّابِعُ قَوْلُهُمْ فِي إجَارَةِ الْحَمَّامِ وَالْبَيْعِ مِثْلُهَا فِي اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ وَجْهَيْ الدَّسْتِ الَّذِي يُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ إنْ أَمْكَنَ رُؤْيَتُهُمَا وَإِلَّا كَفَى مَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي صُورَتِنَا أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ لَا يُشْتَرَطُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِسَلْبِ الْإِمْكَانِ فِي عِبَارَتِهِمْ اسْتِحَالَةَ ذَلِكَ بَلْ لُحُوقَ الْمَشَقَّةِ فِيهِ لَوْ اشْتَرَطْنَا رُؤْيَةَ وَجْهَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ غَالِبًا إلَّا بِهَدْمِ بَعْضِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى الدَّسْتِ وَفِي هَدْمِهِ مَشَقَّةٌ وَتَغْيِيرٌ لِعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرِ وَكَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَةُ الْمَبِيعِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَّا بِهَدْمِ بَعْضِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>