للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا بِطَرِيقِهِ وَلَوْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ حِينَئِذٍ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْحَبْسِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَمِمَّا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْحُكْمَ بِتَنْفِيذِ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ يَكُونُ بِالصِّحَّةِ.

وَلَوْ مِنْ مُخَالِفٍ يُجِيزُ التَّنْفِيذَ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَا بِالْمُوجَبِ إلَّا مِنْ مُوَافِقٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ إلْزَامٌ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْمُخَالِفِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُبْتَدِئًا الْحُكْمَ فِيهِ وَلَا يَبْتَدِئُ الْحُكْمَ بِمَا يَرَى غَيْرُهُ أَصْوَبَ مِنْهُ وَوَقَعَ فِي الْأُمِّ نَصَّانِ أَنَّ مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ لَا يَرَاهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يُنْقَضُ نَصَّ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ أَوْ لَا وَنَصَّ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالثَّانِي عَلَى الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ وَيَجْتَمِعَانِ فِي أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا وَلَا قِيَاسًا جَلِيًّا وَإِنَّمَا اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ النَّقْضِ لِتَضَمُّنِ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ إمَّا عَامًّا عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ أَوْ خَاصًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ نَعَمْ إنْ وَقَعَ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ غَيْرَ مُسْتَوْفٍ لِشُرُوطِ الْحُكْمِ بِهِ جَازَ لِمَنْ لَا يَرَاهُ نَقْضُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ ذَلِكَ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ امْتَنَعَ نَقْضُهُ وَهَذَا تَحْقِيقٌ يَتَعَيَّنُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَمِنْهَا جَوَازُ نَقْلِهِمَا وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا لَيْسَ هَذَا مَحَلَّ بَسْطِهِ.

وَمِنْهَا لَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجَبِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ وَهُوَ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِذَلِكَ أَوْ بِصِحَّةِ إخْرَاجِهَا كَانَا سَوَاءً فَيَمْتَنِعُ عَلَى السَّاعِي الْمُخَالِفِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَالِكَ بِإِخْرَاجِ غَيْرِ الْقِيمَةِ أَوْ شَافِعِيٌّ لِوَارِثِ نَازَعَهُ وَصِيٌّ فِي الصَّوْمِ وَطَلَبَ إخْرَاجَ طَعَامٍ بَدَلَهُ عَنْ مَيْتٍ بِصِحَّةِ صَوْمِهِ أَوْ بِمُوجَبِهِ امْتَنَعَ عَلَى الْوَصِيِّ إخْرَاجُ الطَّعَامِ وَمُطَالَبَةُ الْوَارِثِ أَوْ حَنْبَلِيٌّ لِمَنْ فَسَخَ حَجَّهُ إلَى الْعُمْرَةِ بِشَرْطِهِ فَلَمْ تُمَكِّنْهُ الزَّوْجَةُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ الْفَسْخِ أَوْ بِمُوجَبِهِ فَيَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ وَلَا يَقَعُ الْحُكْمُ بِأَحَدِهِمَا فِي نَحْوِ طَهَارَةٍ اسْتِقْلَالًا بَلْ تَبَعًا كَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِطُهْرٍ مَا فَإِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ بِمُوجَبِ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُعَلَّقِ تَضَمَّنَ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِعَدَالَةِ مَنْ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ مَعَ مَسِّ فَرْجٍ أَوْ عَدَمِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَثَلًا كَانَ مُتَضَمِّنًا لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ وُضُوئِهِ أَوْ صَلَاتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ إقَامَةَ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمُعَلَّقِ بِقَضِيَّةِ تَعْلِيقِهِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَة فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِإِلْزَامِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا مُطْلَقًا وَجَمِيعُ الْأَمْلَاكِ يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ وَيَحْكُمُ إذَا اعْتَقَدَ مِلْكًا بِصِحَّةِ مِلْكِهِ.

وَيَحْكُمُ بِمُوجَبِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مُعْتَقَدِهِ فَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْحُكْمَانِ وَالْمُعَامَلَاتُ كَالْبَيْعِ بِأَنْوَاعِهِ يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ يَتَضَمَّنُ أَشْيَاءَ لَا يَتَضَمَّنُهَا الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ كَالْإِلْزَامِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ لَا يُثْبِتُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ لِغَيْرِهِ نَقْضَهُ وَكَإِلْزَامٍ بِالْإِقْبَاضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُوجِبُهُ عَقْدُ الْبَيْعِ وَعَلَى هَذَا لَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِمُوجَبِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا عَلَى قَصْدِ الْإِلْزَامِ بِالْإِقْبَاضِ إلَّا إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا حَبْسَ لِلْبَائِعِ وَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمُوجَبِ فِيمَا ذُكِرَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ لَا مُطْلَقًا لِئَلَّا يَكُونَ مُلْزَمًا بِمَا لَا يَلْزَمُ وَالْحُكَّامُ يَتَسَاهَلُونَ فِي ذَلِكَ وَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجَبِ بَيْعٍ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْهُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ بَلْ بِالْمِلْكِ إنْ وَقَعَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْفَاسِدَ عِنْدَهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ هُنَا اسْتِقْلَالًا بِالْمِلْكِ أَوْ بِمُوجَبِ مَا جَرَى لَا بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَا بِصِحَّةِ الْقَبْضِ وَجَمِيعُ الْفُسُوخِ يَدْخُلُهَا الْحُكْمَانِ وَكُلُّ يَمِينٍ وَإِلْزَامٍ فِيمَا لَمْ يَقَعْ لَا يُحْكَمُ فِيهِ بِالصِّحَّةِ بَلْ بِمُوجَبِهَا وَهُوَ الْإِلْزَامُ.

وَإِذَا حُكِمَ بِمُوجَبِ الْقَرْضِ وَمِنْ عَقِيدَتِهِ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ وَمُنِعَ رُجُوعُ الْمُقْرَضِ فِي عَيْنِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ امْتَنَعَ أَوْ بِصِحَّتِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ لِأَنَّ صِحَّتَهُ لَا تُنَافِي الرُّجُوعَ فِيهِ أَوْ بِمُوجَبِ الرَّهْنِ أَوْ الْإِلْزَامِ بِمُقْتَضَاهُ امْتَنَعَ عَلَى الْمُخَالِفِ الْحُكْمُ بِشَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ الَّتِي لَا يَقُولُ بِهَا ذَلِكَ الْحَاكِمُ أَوْ بِصِحَّتِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْمُخَالِفِ ذَلِكَ وَلَا يَدْخُلُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ حَجْرُ صِبَا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهَا إلَّا مَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِالْفَسَادِ وَالْحَجْرُ حُكْمُ الشَّرْعِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ فَلَوْ دَبَّرَ أَوْ أَوْصَى فَحَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِهِ امْتَنَعَ عَلَى غَيْرِهِ الْحُكْمُ بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَلَوْ حَكَمَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ تَدْبِيرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>