للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْ فِيهَا لِلْعَهْدِ الذِّكْرَى لِسَبْقِ لَفْظِهَا مُقَيَّدًا بِالْمُعْتَبَرَةِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فِي هَذِهِ لِعِلْمِهِ مِنْ أَلْ الْعَهْدِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِهِ لِلرَّوْضِ فَقَالَ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ فَكَأَنَّهُ حُكْمٌ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ اهـ فَتَأَمَّلْ عِبَارَتَهُ هَذِهِ تَجِدْهَا صَرِيحَةً فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْتُهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ غَيْرُ الشَّيْخِ أَيْضًا مِنْ السُّبْكِيّ وَجَمْعٍ آخَرِينَ فَقَالُوا شَرْطُ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ وُجُودُ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِلْزَامُ بِتَرَتُّبِ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ لِذَلِكَ الْعَقْدِ إلَّا إنْ صَحَّتْ صِيغَتُهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ تَعْلَمْ فَسَادَ أَخْذِ ذَلِكَ الْمُفْتِي مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّيْخِ السَّابِقَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ.

فَإِنَّ الْعِبَارَاتِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ جَمِيعَهَا قَدْ تُلِيَتْ عَلَيْكَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْأَئِمَّةِ لَهُ كَلَامٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُهُ وَمَا سَأَذْكُرُهُ وَكُلُّهُ صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى ذَلِكَ الْمُفْتِي وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ ذَلِكَ الْمُفْتِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ مُرَادِفٌ لِلثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ خَرْقٌ لِإِجْمَاعِ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَوَجْهُ اسْتِلْزَامِهِ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ صِحَّةُ الصِّيغَةِ كَانَ هُوَ عَيْنَ الثُّبُوتِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ أَوَائِلَ هَذَا الْبَابِ.

قَالَ الْوَلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْفَرْقُ الرَّابِعُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّادِرُ صَحِيحًا بِاتِّفَاقٍ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي مُوجَبِهِ فَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ بِالصِّحَّةِ وَلَوْ حَكَمَ فِيهِ بِالْمُوجَبِ امْتَنَعَ الْعَمَلُ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ بِالْمُوجَبِ وَلَا بَأْسَ بِهَذَا الْفَرْقِ لَكِنَّ إطْلَاقَهُ فِي الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ بِالْمُوجَبِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ جَاءَ وَقْتَ الْحُكْمِ بِمُوجَبِهِ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوجَبُهُ عِنْد الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ اهـ وَهَذَا الْفَرْقُ هُوَ عَيْنُ قَوْلِ السُّبْكِيّ السَّابِقِ فَإِنْ صَحَّ الصَّادِرُ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِي مُوجَبِهِ لَمْ يَمْنَعْ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ فِيهِ الْعَمَلَ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ بِهَا مِثَالُهُ التَّدْبِيرُ إلَخْ.

قَالَ الْوَلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْفَرْقُ الْخَامِسُ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى كَانَ فِيهَا إلْزَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ كَانَ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ بِالْإِلْزَامِ وَهُوَ الْمُوجَبُ وَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَلَكِنْ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ وَجْهَا صِحَّةٍ وَإِبْطَالٍ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ قُلْتُ لَمْ يَظْهَرْ لِي هَذَا الْفَرْقُ فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِمِائَةٍ فَأَقَرَّ بِهَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ ثَبَتَ إقْرَارُهُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يُسْمَعْ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ بَلْ بِمُوجَبِهِ وَلَا يَظْهَرُ لِهَذَا مَعْنًى فَتَأَمَّلْ وَقَدْ رَجَعَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى مَا ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ اهـ وَهَذَا الْفَرْقُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ السَّابِقِ عَنْهُ فِي فَرْقِهِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقَوْلِ الْوَلِيِّ لَا يَظْهَرُ لِهَذَا مَعْنًى إنْ أَرَادَ أَنَّ مَنْعَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ لَا إلْزَامَ فِيهِ وَالْقَصْدُ إيجَادُ حُكْمٍ فِيهِ إلْزَامٌ فَالْمُرَادُ بِمَنْعِ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ هُنَا مَنْعُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمُقَرَّ لَهُ لَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى فِي الْفَرْقِ فَقَدْ عَلِمْتَ ظُهُورَ مَعْنَاهُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمُقَرَّ لَهُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ فَإِنَّهُ يُفِيدُهُ وَقَوْلُهُ وَقَدْ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ ظَاهِرٌ وَقَدْ مَرَّ عَنْ السُّبْكِيّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالْوَلِيِّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ وَأَنَّ مَا مَرَّ عَنْ ذَلِكَ الْمُفْتِي مُخْتَرَعٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ يُعَضِّدُهُ وَلَا مُسْتَنَدَ يُؤَيِّدُهُ.

قَالَ الْوَلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْفَرْقُ السَّادِسُ أَنَّ تَنْفِيذَ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ يَكُونُ بِالصِّحَّةِ عِنْدَ الْمُوَافِقِ وَكَذَا عِنْدَ الْمُخَالِفِ الَّذِي يُجِيزُ التَّنْفِيذَ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَيَكُونُ بِالْمُوجَبِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ فَقَوْلُ الْقَاضِي حَكَمْتُ بِحُكْمِ فُلَانٍ مُسَاوٍ لِقَوْلِهِ حَكَمْتُ بِمُوجَبِ حُكْمِ فُلَانٍ إذَا أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِلْزَامُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَحْكُومِ فِيهِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الْمُوَافِقِ دُونَ الْمُخَالِفِ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ حُكْمٍ بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْمُخَالِفِ قُلْتُ لَمْ يَتَحَرَّرْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ فَرْقٌ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ اسْتَوَى الْحُكْمَانِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِلْزَامُ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>