للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَوَّغُ الْإِفْتَاءُ لِمَنْ لَمْ يَفْهَمْ قَوْلَ أَهْلِ مَذْهَبِهِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمُؤَقَّتُ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ الْمَبَادِئِ الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَى أَصَاغِرِ الْمُتَفَقِّهَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَفْهَمْهَا وَإِلَّا لَمْ يَجْعَلْ بَيْعَ الْحِصَّةِ السَّقِيَّةِ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ مِنْ الْبَيْعِ الْمُؤَقَّتِ الَّذِي هُوَ تَأْقِيتُ الْمِلْكِ إلَى زَمَنٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ فَجَعْلُهُ ذَلِكَ مِنْ الْبَيْعِ الْمُؤَقَّتِ مَعَ انْتِفَاءِ تَأْقِيتِ الْمِلْكِ فِيهِ قَطْعًا وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ تَقْدِيرُ الْمَبِيعِ بِزَمَانٍ بِنَاءً عَلَى اسْتِوَاءِ التَّقَادِيرِ وَهُوَ بَقَاءُ السَّاعَةِ عَلَى مَفْهُومِهَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْ قَوْلِهِمَا مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا وَمَا بَعْدَهُ وَعَنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُرَادِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ بَلْ قَطْعِيَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَصَوَّرْ مَعْنَى الْبَيْعِ الْمُؤَقَّتِ وَلَا مَعْنَى اللَّفْظِ الَّذِي سُئِلَ عَنْهُ وَلَيْتَهُ سَتَرَ نَفْسَهُ وَأَبْقَى النَّاسَ عَلَى التَّوَهُّمِ فِيهِ لَكِنْ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ فَضِيحَتَهُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ افْتَضَحَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْفَاضِحَ لِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَفْضَحْهَا غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ السَّاعَةَ قِطْعَةٌ مِنْ الزَّمَانِ وَجُزْءٌ مِنْهُ أَيْضًا مِمَّا يُعْلِمُكَ بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ تَرْكِيبَ الْكَلَامِ وَلَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْقِطْعَةَ غَيْرُ الْجُزْءِ إنْ فَهِمَ قَوْلَهُ أَيْضًا أَوْ عَيَّنَهُ إنْ لَمْ يَفْهَمْ ذَلِكَ فَلْيَخْتَرْ لَهُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّ كِلَاهُمَا شَاهِدٌ عَلَى أَنَّهُ سَالِبَةٌ مُهْمَلَةٌ.

وَقَوْلُهُ وَلَا مَجَازًا بَاطِلٌ وَمَا الَّذِي قَدَّمَهُ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْهُ انْتِفَاءُ الْمَجَازِ وَقَدْ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آل عمران: ٣٨] أَنَّ هُنَا وَإِنْ كَانَ ظَرْفَ مَكَان إلَّا أَنَّهُ أُرِيدَ ظَرْفُ الزَّمَانِ وَفِي الْبَحْرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ أَصْلَ هُنَا أَنْ يَكُونَ إشَارَةً لِلْمَكَانِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لِلزَّمَانِ وَفِي تَفْسِيرِ السَّخَاوَنْدِيِّ أَنَّ هُنَا فِي الْمَكَانِ وَهُنَالِكَ فِي الزَّمَانِ وَهُوَ وَهْمٌ بَلْ الْأَصْلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَكَانِ سَوَاءٌ اتَّصَلَتْ بِهِ اللَّامُ وَالْكَافُ أَوْ الْكَافُ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَتَّصِلَا وَلَمْ يُتَجَوَّزْ بِهَا عَنْ الْمَكَانِ إلَى الزَّمَانِ كَمَا أَنَّ أَصْلَ عِنْدَ أَنْ تَكُونَ لِلْمَكَانِ ثُمَّ يُتَجَوَّزُ بِهَا لِلزَّمَانِ كَمَا تَقُولُ آتِيكَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ اهـ فَإِذَا تُجُوِّزَ بِالْمَكَانِ عَنْ الزَّمَانِ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فَأَوْلَى أَنْ يُتَجَوَّزَ بِالزَّمَانِ عَنْ الْمَكَانِ فِي كَلَامِ الْعَاقِدَيْنِ وَأَيْضًا فَالْآيَةُ لَا قَرِينَةَ فِيهَا لَفْظًا عَلَى ذَلِكَ التَّجَوُّزِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا قَرَائِنُ لَفْظِيَّةٌ قَطْعِيَّةٌ عَلَى التَّجَوُّزِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ أَحَدَ إلَخْ مِنْ تَهَوُّرِهِ وَمُجَازَفَتِهِ وَأَنَّى لَهُ بِهَذَا النَّفْيِ الْعَامِّ الشَّامِلِ لِأَهْلِ زَمَانِهِ وَسَائِرِ الْأَزْمِنَةِ قَبْلَهُ.

وَقَوْلُهُ فَلَوْ جَوَّزْنَا اسْتِعْمَالَ لَفْظِ إلَخْ بِكَلَامِ الْمُبَرْسَمِينَ أَشْبَهُ فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَقْلِهِ وَمَلَكَتِهِ فِي الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ الَّذِي أَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنْ يَدُلَّ النَّاسَ عَلَى أَنَّ لَهُ بِهِ مَعْرِفَةً فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا حَيْثُ أَقَامَ لِلنَّاسِ شَاهِدًا أَيَّ شَاهِدٍ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونُوا فِي أَمْرِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْقِيَاسُ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ مَنْ الَّذِي قَاسَ بَيْعَ جُزْءٍ مِنْ الْقَرَارِ عَلَى بَيْعِ صَاعَيْنِ مِنْ صُبْرَةٍ مَعَ أَنَّ فَرْقَكَ إنَّمَا يَنُمُّ عَلَى بُهْتَانِكَ أَنَّ الْقَرَارَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمِلْكِ إلَخْ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ خَطَأٌ قَبِيحٌ وَمِنْ تِلْكَ الْأَجْوِبَةِ أَيْضًا قَوْلُ بَعْضِهِمْ مَا لَفْظُهُ أَمَّا حُكْمُ بَيْعِ الْمَاءِ وَحْدَهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِمَا وَحُكْمُ بَيْعِ الْمَاءِ مَعَ قَرَارِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ طَوِيلٌ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ لَا حَاجَةَ بِنَا إلَى ذِكْرِهِ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي السُّؤَالِ أَيْ وَهِيَ بَيْعُ الْحِصَّةِ السَّقِيَّةِ الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ إلَخْ فَقَدْ ذَكَرَهَا مُفَصَّلَةً شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْبُلْقِينِيُّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ وَلَيْسَ مِنْ مَقَامِنَا التَّعَقُّبُ عَلَى كَلَامِهِ وَلَا مِنْ الْأَدَبِ الرَّدُّ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْقَرَارِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النَّبْعِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ ظَهِيرَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ حَمْلِ السَّاعَتَيْنِ عَلَى جُزْأَيْنِ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْمَجَازِ فَلَمْ يَتَّضِحْ لِي وَجْهُهُ وَلَعَلَّهُ لِسُوءِ فَهْمِي وَلِقِلَّةِ عِلْمِي وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ قِيَاسِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْمَاءِ عَلَى بَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَقِيَاسٌ خَفِيٌّ وَأَيْنَ بَاطِنُ الصُّبْرَةِ مِنْ مَحَلِّ النَّبْعِ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وَهَذَا مَا تَيَسَّرَ ذِكْرُهُ مَعَ قِصَرِ الْبَاعِ وَعَدَمِ سِعَةِ الِاطِّلَاعِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ اهـ وَهَذَا الْجَوَابُ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْخَبَالِ غَنِيٌّ عَنْ التَّنْفِيرِ لَكِنْ لَا بَأْسَ بِإِشَارَةٍ مَا إلَى بَعْضِ مَا فِيهِ فَقَوْلُهُ فَغَيْرُ وَقَوْلُهُ فَفِيهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ يَنْعَسُ فَتَوَهَّمَ سَبْقَ مَا يَقْتَضِي الْجَوَابَ بِالْفَاءِ وَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ يَنْعَسُ مَا حَكَمَ عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْبَيْعِ فَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>