للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيَّنَ وَلَيْسَتْ أَلْ فِي الْحِصَّةِ هُنَا لِوُقُوعِهَا عَلَى مُعَيَّنٍ مِثْلِهَا فِي اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا صِفَةٌ لِقَدْرِهَا أَوْ لِسَاعَتَيْنِ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ لِأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ لَيْسَ وَصْفًا لِقَدْرٍ وَلَا لِسَاعَةٍ لِأَنَّهُمَا بِزَعْمِهِ لَمْ يُذْكَرَا إلَّا لِبَيَانِ أَنَّ الْمَبِيعَ مُقَدَّرٌ بِزَمَنٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ وَصْفُهُمَا بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِسَاعَتَيْنِ أَوْ لِقَدْرٍ إذْ لَا يُتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ إلَّا حِينَئِذٍ.

بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ صِفَةً لِجَمِيعِ أَوْ لِلْحِصَّةِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِاشْتَرَى الْمَذْكُورُ لَا بِمَحْذُوفٍ وَحِينَئِذٍ ظَهَرَ لَكَ تَنَاقُضُ كَلَامِهِ لِأَنَّ مِنْ قَرَارٌ إذَا كَانَ وَصْفًا لِقَدْرٍ أَوْ لِسَاعَةٍ وَكَانَتْ مِنْ فِيهِ لِلْبَيَانِ لَزِمَهُ أَنَّ الْقَدْرَ أَوْ السَّاعَتَيْنِ هُوَ عَيْنُ الْقَرَارِ وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ ثُمَّ كَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مِنْ الْبَيَانِيَّةَ لَا يَكُونُ ظَرْفُهَا إلَّا مُسْتَقِرًّا وَمِنْ التَّبْعِيضِيَّةَ لَا يَكُونُ ظَرْفُهَا إلَّا لَغْوًا وَهُوَ بَاطِلٌ وَادِّعَاءُ ذَلِكَ أَوْ كِتَابَةُ مَا يُفْهِمُهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى الْجَهْلِ وَالتَّهَوُّرِ فِيهِ إذْ مِنْ الشَّائِعِ الذَّائِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا فَفِي الرَّضِيِّ وَمِثَالُ التَّبْعِيضِ أَخَذْتُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْمَفْعُولُ الصَّرِيحُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَخَذْتُ مِنْ الدَّرَاهِمِ شَيْئًا.

وَإِذَا لَمْ تَذْكُرْ الْمَفْعُولَ الصَّرِيحَ أَوْ ذَكَرْتَهُ مُعَرَّفًا نَحْوَ أَخَذْتُ مِنْ الدَّرَاهِمِ هَذَا فَمِنْ مُتَعَلِّقٌ بِأَخَذْتُ لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ يُقَامُ مُقَامَ الْمَفْعُولِ نَحْوَ أَخَذْتُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمُ مَأْخُوذٌ مِنْهَا وَلَوْ ذَكَرْتَهُ بَعْدَ الْمَفْعُولِ الْمُنَكَّرِ نَحْوَ أَخَذْتُ شَيْئًا مِنْ الدَّرَاهِمِ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْجَارُّ مُتَعَلِّقًا بِالْفِعْلِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً لِ (شَيْئًا) فَيَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ أَيْ شَيْئًا كَائِنًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَيَجُوزُ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى النَّكِرَةِ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ قَالَ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] أَوْ صِفَةً نَحْوَ أَخَذْتُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْ مِنْ الدَّرَاهِم شَيْئًا اهـ وَكَلَامُهُ هَذَا صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ ظَرْفَ التَّبْعِيضِيَّةِ يَصِحُّ أَنْ يَكُون لَغْوًا وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَأَمْعِنْ النَّظَرَ فِيهِ لِيَظْهَرَ لَكَ مَا ارْتَكَبَهُ هَذَا الْمُجِيبُ مِنْ الْقَبَائِحِ وَالْمُجَازَفَاتِ سِيَّمَا فِي عِلْمِهِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ إلَّا فِيهِ وَلَقَدْ وَقَعَ لِلْقَاضِي أَفْضَلِ الدِّينِ الْخُونَجِيِّ الْعَلَامَةِ فِي الْمَنْطِقِ الْمُتَمَيِّزِ فِيهِ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ بِنَظِيرِهِ فِي بَقِيَّةِ الْعُلُومِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَنْطِقَهُ فِي حَدِّ التَّرِكَةِ فَزَيَّفَهُ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ طَرْدًا وَعَكْسًا ثُمَّ قَالَ:

وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ صِنَاعَاتٍ جَدَلِيَّةً لَكِنْ حَمَلَنَا عَلَى ذِكْرِهَا أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَعْمِل فِي الْفِقْهِ صِنَاعَتَهُ فَأَحْبَبْنَا مُعَارَضَتَهُ أَيْ بِنَفْسِ صِنَاعَتِهِ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ التَّمَيُّزِ فِي الْفِقْهِ عَلَى وَجْهِ التَّمَيُّزِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْعُلُومِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّمَيُّزِ فِي بَعْضِهَا التَّمَيُّزُ فِي الْفِقْهِ بَلْ وَلَا التَّأَهُّلُ لِفَهْمِ ظَوَاهِرِهِ فَضْلًا عَنْ حَقَائِقِهِ فَافْهَمْ ذَلِكَ وَلَا يَعْزُبْ عَنْكَ قَوْلُ الْفَارُوقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَصَصِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ الْكَلَامُ لَكِ يَا جَارَةُ فَاسْمَعِي وَعِي وَقَوْلُهُ لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ عَرَضٌ غَيْرُ قَارٍّ جُزْءًا مِنْ الْقَرَارِ الَّذِي هُوَ جِسْمٌ قَارٌّ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ تَعَجُّبًا مِنْ قَبِيحِ خَطَئِهِ وَزَلَلِهِ {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦] لِأَنَّهُ إذَا فُرِضَ احْتِمَالُ أَنْ يُرَادَ بِالسَّاعَتَيْنِ جُزْءَانِ مِنْ الْقَرَارِ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا فِيهِ جَعْلُ الزَّمَانِ جُزْءًا مِنْ الْجِسْمِ لِأَنَّا إذَا اسْتَعْمَلْنَا السَّاعَتَيْنِ مُرَادًا بِهِمَا الْجُزْءُ لَمْ يَدُلَّا حِينَئِذٍ عَلَى الزَّمَانِ مَعَ مُلَاحَظَةِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ فَرْضَهُ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ مَعَهُ أَنَّ هُنَا زَمَانًا جُعِلَ جُزْءًا مِنْ مَكَان وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ هَذَا التَّمْوِيهَ الَّذِي رَاجَ لَهُ أَوْ رَاجَ عَلَيْهِ لَمَّا قِيلَ إنَّهُ مِنْ أَكْثَرِ جَوَابِهِ هَذَا يَرُوجُ عَلَى غَيْرِهِ حَاشَا وَكَلَّا.

وَقَوْلُهُ إذْ السَّقِيَّةُ هِيَ الْمَاءُ بَاطِلٌ صُرَاحٌ وَإِنَّمَا هِيَ لُغَةُ اسْمٍ لِنَبْتٍ فَإِنْ أُخِذَتْ مِنْ حَيْثُ مَدْلُولُهَا لَفْظًا كَانَتْ فَعَيْلَةً بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ أَيْ سَاقِيَةٍ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ صَرِيحَةً فِي مُدَّعَانَا إذْ السَّاقِيَّةُ لُغَةً النَّهْرُ الصَّغِيرُ وَهُوَ اسْمٌ لِمَحَلِّ الْمَاءِ فَهِيَ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي دَلِيلٌ ظَاهِرٌ فِي مُدَّعَانَا وَعَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ لَا دَلَالَةَ فِيهَا لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهَا حِينَئِذٍ فِي الْمَاءِ أَوْ فِي مَحَلِّهِ مَجَازٌ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بِقَرِينَةٍ وَمَا قُلْنَاهُ عَلَيْهِ قَرَائِنُ لَفْظِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ أُولَئِكَ فَإِنْ قَالَ السَّقِيَّةُ عُرْفًا اسْمٌ لِلْمَاءِ قُلْنَا عَادَ النِّزَاعُ السَّابِقُ فِي السَّاعَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلَالَةٌ أَيْضًا لِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ لَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فَبَطَلَ قَوْلُهُ بَلْ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ لِكَوْنِ الْقَرَارِ غَيْرَ مَرْئِيٍّ بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>