للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا مَمْلُوكٍ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ نَاقَضَ فِي هَذَيْنِ بِذِكْرِهِ الْحِيلَةَ السَّابِقَةَ أَوَّلَ جَوَابِهِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّ النَّقِيضَيْنِ يَخْتَارُ.

وَقَدْ عَقَدْتُ لِمِلْكِ الْقَرَارِ بَابًا وَذَكَرْتُ فِيهِ حُكْمَ اشْتِرَاطِ رُؤْيَتِهِ وَمَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ لِيَتَبَيَّنَ لَكَ مَا وَقَعَ فِيهِ هَذَا الْمُجِيبُ مِنْ قَبِيحِ الْخَطَإِ وَالْخَطَلِ وَفَاسِدِ التَّهَوُّرِ وَالزَّلَلِ كَيْفَ وَالسُّؤَالُ الَّذِي رُفِعَ إلَيْهِ فِيهِ عَنْ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ يُعَوِّلْ فِي إفْتَائِهِ إلَّا عَلَى مَا قَالَهُ بِحَسَبِ زَعْمِهِ الْفَاسِدِ أَنَّ طَرِيقَ الْبَيْعِ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْقَرَارِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النَّبْعِ وَقَدْ ذَكَر هَذَا طَرِيقًا لِبَيْعِ عُيُونِ مَكَّةَ بِالذَّاتِ لِأَنَّهَا هِيَ مَحَطُّ السُّؤَالِ وَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رَوَيْتُهُ وَقَدْ مَرَّ ثَمَّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فَرَاجِعْهُ وَقَوْلُهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ بَاطِلٌ أَيْضًا إذْ الْجَهْلُ بِالْأَصْلِ لَا يُنَافِي الْحُكْمَ لِوَاضِعِ الْيَدِ بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي الْبَابِ السَّادِسِ.

وَقَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ عَالِمُ الْحِجَازِ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ هَذَا تَحْرِيفٌ لِكَلَامِهِ كَمَا سَبَقَ ثَمَّ مَبْسُوطًا فَرَاجِعْهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَزَ ذَلِكَ فِي مَقَامِ السُّؤَالِ وَالسَّائِلُ لَا يُحْتَجُّ بِكَلَامِهِ سِيَّمَا وَقَدْ رَدَّهُ شَيْخُهُ كَمَا مَرَّ أَيْضًا بَلْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ عَالِمَ الْحِجَازِ هَذَا خَالَفَ الشَّيْخَيْنِ فِي تَصْنِيفٍ أَوْ إفْتَاءٍ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ أَدْرَى بِاَلَّذِي فِيهِ يُقَالُ عَلَيْهِ كَأَنَّكَ تُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى نَفْسِكَ بِجَامِعِ أَنَّكَ مَكِّيٌّ مِثْلُهُ فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا لَقَدْ بَذَلْتَ جَهْدَكَ فِي إظْهَارِ دِرَايَتِكَ لِلنَّاسِ وَكَيْفَ لَا وَجَوَابُكَ هَذَا مَعَ إمْعَانِكَ فِي تَحْرِيرِهِ وَتَنْقِيحِهِ الْأَيَّامَ الْعَدِيدَةَ وَمُرَاجَعَتِكَ لِمَنْ أَمْلَى عَلَيْك أَكْثَرَهُ أَوْ حَرَّرَهُ لَكَ عَلَى مَا قِيلَ مُنْبِئٌ عَنْ تِلْكَ الْأَفْكَارِ الْغَرِيبَةِ وَالْأَنْظَارِ الْعَجِيبَةِ وَاتِّسَاعِ خِرْقِكَ عَلَى رَاقِعِهِ وَشَلَلِ سَاعِدِكَ عَلَى رَافِعِهِ فَجَاءَ سَعْيُهُ هَبَاءً مَنْثُورًا وَحَقَّ نَفْسَهُ {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: ٣٨] تَابَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِكَرَمِهِ وَوَفَّقَنَا لِأَدَاءِ شُكْرِ نِعَمِهِ وَمَنَّ عَلَيْنَا بِالْإِخْلَاصِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَعَصَمَنَا مِنْ الْخَطَإِ وَالْخَطَلِ وَالزَّلَلِ وَبَصَّرَنَا بِعُيُوبِ نُفُوسِنَا الْأَبِيَّةِ وَأَجْزَلَ لَنَا سَوَابِغَ جَوْدَةِ الْمَوَاهِبِ الْعَلِيَّةِ وَخَتَمَ لَنَا أَجْمَعِينَ بِالْحُسْنَى وَبَلَّغَنَا بِفَضْلِهِ الْمَقَامَ الْأَسْنَى وَجَادَ عَلَيْنَا بِرِضَاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاهُ إنَّهُ هُوَ الْجَوَّادُ الْكَرِيمُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْأَتَمَّانِ الْأَكْمَلَانِ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ مَا دَامَ سُؤْدُدُهُ وَعُلَاهُ آمِينَ وَوَافَقَ الْفَرَاغُ مِنْ تَصْنِيفِهِ خَامِسَ شَعْبَانَ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ أَحْسَنَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا فِي عَافِيَةٍ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ أَوْ مِحْنَةٍ إنَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَغَيْرِهِ قَدِيرٌ وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ فَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَإِلَيْهِ مَفْزَعُنَا فِي الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَتُبْ عَلَيْنَا إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَدَامَ النَّفْعَ بِعُلُومِهِ هَلْ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ السُّفُوحُ الَّذِي يَنْزِلُ مِنْهَا السَّيْلُ إلَى الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ وَفِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَحَلَّاتِ الَّتِي يُطْرَحُ فِيهَا الْقُمَامَاتُ وَيُطْعَمُ فِيهَا الدَّوَابُّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا أَمْ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِذِكْرِهِ أَوْ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَإِذَا عَرَفَ الْمُوَثِّقُ أَنَّهُمَا أَرَادَا ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ هَلْ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ الْوَثِيقَةَ بِذَلِكَ أَمْ لَا يَجُوزُ لَهُ كَتْبُ ذَلِكَ إلَّا بِتَعْيِينِهِ فِي الْبَيْعِ أَوْ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ أَوْ بِإِخْبَارِ الْبَائِعِ بِإِرَادَةِ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ دَارَ فُلَانٍ فَاكْتُبْ لِي بِهِ وَثِيقَةً هَلْ يَجُوزُ لَهُ وَهَلْ يَكْفِي إخْبَارُ ثِقَةٍ بِذَلِكَ وَقُلْتُمْ فِي بَعْضِ أَجْوِبَتِكُمْ نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكُمْ وَبِمُصَنَّفَاتِكُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُوَثِّقِ أَنْ يَكْتُبَ إلَّا بِمَا يَشْهَدُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ مُرَاعَاةَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَذَلِكَ قَدْ يَتَعَسَّرُ فَمَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَا يَدْخُلُ فِي نَحْوِ بَيْعِ الْأَرْضِ مَسِيلُ الْمَاءِ وَلَا شِرْبُهَا أَيْ نَصِيبُهَا مِنْ الْقَنَاةِ وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ حَتَّى يَشْرُطَهُ كَأَنْ يَقُولَ بِحُقُوقِهَا هَذَا فِي الْخَارِجِ عَنْهَا أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرُهُ.

وَإِنَّمَا دَخَلَ ذَلِكَ مُطْلَقًا فِيمَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِغَرْسٍ أَوْ زَرْعٍ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ أَمَّا نَصِيبُهَا مِنْ مُبَاحٍ كَالسُّفُوحِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَجَارِي

<<  <  ج: ص:  >  >>