للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَاءِ الَّتِي يَصِلُ مِنْهَا السَّيْلُ إلَى الْأَرْضِ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ حُقُوقِهَا فَيَنْتَقِلُ الِاسْتِحْقَاقُ فِيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا وَأَمَّا نَحْوَ الدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ فِي شَارِعٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَرِيمٌ حَتَّى يَدْخُلَ فِي بَيْعِهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي دَرْبٍ مَسْدُودٍ كَانَ لَهَا حَرِيمٌ فَيَدْخُلُ هُوَ وَمَا فِيهِ فِي بَيْعِهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا وَلَيْسَ لِلْمُوَثِّقِ أَنْ يَكْتُبَ إلَّا مَا تَلَفَّظَا بِهِ أَوْ ذَكَرَا أَنَّهُمَا أَرَادَاهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ يُفْهَمُ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ مِنْهُمَا أَنَّهُمَا أَرَادَا شَيْئًا وَيَكْتُبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَا لَهُ أَنَّهُمَا أَرَادَاهُ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُمَا قَدْ لَا يُرِيدَانِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَفْسِرَ كُلًّا مِنْهُمَا عَنْ لَفْظِهِ وَمُرَادِهِ بِهِ وَيَكْتُبَ أَلْفَاظَهُمَا كَمَا هِيَ حَتَّى إذَا رُفِعَتْ لِحَاكِمٍ قَضَى فِيهَا بِمَذْهَبِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ لَا إشْكَالَ فِيهِ.

وَلَيْسَ فِي مُرَاعَاتِهِ عُسْرٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَعَلَى الْمُوَثِّقِ الِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ مَا أَمْكَنَهُ وَلْيَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى مِثْلِ هَذِهِ فَاشْهَدْ» فَلَا يَجُوزُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ إلَّا بِمَا تَيَقَّنَهُ دُونَ مَا ظَنَّهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَعَ بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَنْ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ دَرَاهِمُ فِي وَقْتِ مَحِلِّهَا فَطَالَبَ مَالِكَهَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعَيْنُ فَقَالَ لَهُ مَا عِنْدِي مَا أُخَلِّصُكَ بِهِ وَلَكِنْ اصْبِرْ عَلَيَّ إلَى حَصَادِ الْحِنْطَةِ يَعْنِي الصَّيْفَ وَهُوَ فِي وَقْتِ الشِّتَاءِ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ لَا بَأْسَ إنِّي أَبْغِي بَيْعَهَا مِنْكَ كُلَّ مُحَلِّقٍ بِرِبْعَتَيْ حَبٍّ إلَى الصَّيْفِ هَلْ يَصِحُّ هَذَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَا يَصِحُّ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ حَقَّهُ مَتَى شَاءَ وَهَلْ إذَا أَيْسَرَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَقَالَ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ خُذْ فَقَالَ مَا آخُذُ إلَّا الْحَبَّ الَّذِي فِي ذِمَّتِكَ فَإِنَّكَ غَرَّرْتَنِي؟

(فَأَجَابَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ وَقْتَ الْبَيْعِ الْمُرَادُ بِهِ الْحَصَادُ مَجْهُولٌ وَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْمُطَالَبَةُ مَتَى شَاءَ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْحَبِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ - عَنْ شَخْصَيْنِ ابْتَاعَا عَيْنًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ. بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا يُحْضِرُ مِنْ الثَّمَنِ نَحْوَ الصَّيْفِ هَلْ يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الضَّمَانِ هَلْ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا مَا يُحْضِرُ مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ يَصِحُّ الضَّمَانُ وَالْبَيْعُ فِيمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيمَا إذَا شَرَطَا فِيهِ أَنَّ كُلًّا يَضْمَنُ الْآخَرَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فِي مَسْأَلَةِ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ دُونَ الْمُشْتَرِي فِي مَسْأَلَةِ النَّجْشِ مَعَ أَنَّ كُلًّا وُجِدَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ فِي الْبَحْثِ وَالتَّفْتِيشِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ الْمُشْتَرِي مُقَصِّرٌ أَكْثَرَ لِسُهُولَةِ الْبَحْثِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ فِي الْبَلَدِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ غَرِيبًا لَا يَعْرِفُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ نِصْفَ زَرْعٍ وَشَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الزَّرْعَ مَرْهُونٌ عِنْدَهُ بِالثَّمَنِ أَعْنِي عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ أَمْ يَفْسُدَانِ وَقَوْلُ الْإِمَامِ الْأَذْرَعِيِّ فِي التَّوَسُّطِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوطُ رَهْنُهُ غَيْرَ الْمَبِيعِ فَلَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَبِيعِ نَفْسِهِ رَهْنًا بِالثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ اهـ فَهَلْ هُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَمْ لَا وَالْمَسْئُولُ مِنْكُمْ حُكْمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ جَوَابُكُمْ عَنْ ذَلِكَ وَإِلَّا حَصَلَ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ وَفِتْنَةٌ وَمَعَ عِلْمِكُمْ أَيْضًا أَنَّ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا فِي الدَّعَاوَى أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ عَيْنًا فَلَهُ أَخْذُهَا إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَإِلَّا وَجَبَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ فَهَلْ يَجُوزُ قَهْرُ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ حَصَلَتْ الْفِتْنَةُ أَوَّلًا.

فَإِنْ قُلْتُمْ لَيْسَ هُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا لِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ قُلْنَا إنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِ جَمِيعِ الزَّرْعِ إلَّا بِتَسْلِيمِ ثَمَنِ النِّصْفِ الْمَبِيعِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ رَهْنُهُ هُوَ النِّصْفَ الْمَبِيعَ بَطَلَ الْبَيْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>