للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ بِأَنْ يُحْتَمَلَ أَنَّهُ أَرَادَ تَسَاوِيَ الْوَاجِبِ مِنْ كُلٍّ وَتَفَاوَتَهُ وَلَا مُرَجِّحَ فَبَطَلَ لِلْإِيهَامِ وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ مَا حَقِيقَةُ النَّقْدِ وَهَلْ لَفْظُ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَعُمُّ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْمَضْرُوبِ وَقَدْ وَقَعَ لِلشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْمَضْرُوبِ فَهَلْ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ فَسَّرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا النَّقْدَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَفْظَ الْمَضْرُوبَةِ صِفَةٌ مُخَصِّصَةٌ أَوْ مُوَضِّحَةٌ فَلَا مَفْهُومَ لَهَا لَكِنَّ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ يُعَبَّرُ بِالدَّرَاهِمِ عَنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبَةِ يُرْشِدُ إلَى الثَّانِي إنْ جَعَلْنَا التَّعْبِيرَ بِهِ عَنْهُ مَجَازًا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِمْ وَلِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ لَفْظِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إنَّمَا هُوَ الْمَضْرُوبُ نَعَمْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ أَعَمُّ مُطْلَقًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِصِدْقِهِمَا بِغَيْرِ الْمَضْرُوبَةِ فَإِذَا قُيِّدَا بِالْمَضْرُوبَةِ تَرَادَفَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ عَلَى مَا مَرَّ فَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ وَصْفَ النَّقْدِ بِالْمَضْرُوبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَرَضَ وَصْفُ الْحَاوِي وَالْمُحَرَّرِ لَهُ بِهِ وَأَنَّ لَفْظَ النَّقْدِ لَا يَشْمَلُ الْفُلُوسَ وَإِنْ رَاجَتْ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَيْعِ مِنْ شُمُولِهِ لَهَا فَغَيْرُ مُرَادٍ بِدَلِيلِ كَلَامِهِمَا فِي بَابِ الْقَرْضِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّا إذَا غَلَبَ مِنْ جِنْسِ الْعُرُوضِ نَوْعٌ فَهَلْ يَنْصَرِفُ الذِّكْرُ إلَيْهِ عِنْد الْإِطْلَاقِ فِي الْعَقْدِ كَالنَّقْدِ أَوْ يُفَرَّقُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ وَكَذَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَبِيعَ صَاعًا مِنْ الْحِنْطَةِ بِصَاعٍ مِنْهَا أَوْ بِشَعِيرٍ فِي الذِّمَّةِ وَتَكُونَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ الْمَوْجُودَانِ فِي الْبَلَدِ صِنْفًا مَعْرُوفًا أَوْ غَالِبًا فِي الْبَلَدِ لَا يَخْتَلِفُ ثُمَّ يُحْضِرَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَيُسَلِّمَهُ فِي الْمَجْلِسِ اهـ وَبِتَأَمُّلِهِ يُعْرَفُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْبَلَدِ غَيْرُ النَّوْعِ الْمَوْصُوفِ أَوْ تَتَعَدَّدَ الْأَنْوَاعُ وَيَغْلِبَ أَحَدُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي أَنَّ عِبَارَةَ الْمُتَوَلَّى الَّتِي نَقَلَ الرَّافِعِيُّ الْمَسْأَلَةَ عَنْهَا هَلْ تُفْهِمُ ذَلِكَ أَوْ تَقْتَضِي التَّخْصِيصَ وَلَكِنَّ الْحَقَّ الْأَوَّلُ وَقِيَاسُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّعَامُلُ فِي بَلَدٍ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْفُلُوسِ الْعَدَدِيَّةِ أَوْ بِأَنْوَاعٍ وَأَحَدُهَا غَالِبٌ انْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ وَكَذَا فِي الثِّيَابِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَوْ قَالَ بِعْتُكَ هَذَا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَأَطْلَقَ وَكَانَ لَهُمَا عُرْفٌ انْصَرَفَ إلَيْهِ كَالنَّقْدَيْنِ.

(وَسُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَلْ يَجُوزُ التَّعَامُلُ بِالْفُلُوسِ الْعَدَدِيَّةِ نَوْعًا فِي الذِّمَّةِ وَإِذَا تَعَدَّدَتْ أَنْوَاعُهَا فَهَلْ يَأْتِي فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا مَا ذَكَرُوهُ فِي النَّقْدِ وَهَلْ يَكْفِي التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ كَالْخُلْعِ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ؟ وَمَا الْفَرْقُ أَيْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ بَنَاتٌ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي وَعَيَّنَا وَاحِدَةً بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بِالْفُلُوسِ الْعَدَدِيَّةِ عَدَدًا فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعْد أَنْ كَانَ مَنَعَ مِنْهُ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقَصْدَ أَعْدَادُهَا لَا وَزْنُهَا ثُمَّ إذَا تَعَدَّدَتْ أَنْوَاعُهَا إمَّا أَنْ يَغْلِبَ أَحَدُهَا أَوْ تَسْتَوِيَ فَإِنْ اسْتَوَتْ فَتَارَةً تَتَفَاوَتُ قِيمَتُهَا وَتَارَةً لَا، فَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَجِبُ تَعْيِينٌ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ صِحَاحٌ وَمُكَسَّرَةٌ لَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمَا صَحَّ الْعَقْدُ بِدُونِ التَّعْيِينِ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهُمَا.

وَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ بِاللَّفْظِ وَلَا يَكْفِي بِالنِّيَّةِ وَفَارَقَ الْخُلْعَ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْبَيْعِ مِنْ التَّعْلِيقِ وَالصِّحَّةِ بِالْمَجْهُولِ وَالنَّجَسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ النِّكَاحِ الْمَذْكُورَةُ فِي السُّؤَالِ فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِيهَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاسْتَشْكَلَهَا بِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَاعْتَرَضَ قَوْلَهُ الْأَصَحُّ فِيهَا الصِّحَّةُ بِأَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِيهَا الصِّحَّةَ إنَّمَا هِيَ فِيمَا لَوْ كَانَ اسْمُ بِنْتِهِ الْوَاحِدَةِ فَاطِمَةَ وَقَالَ زَوَّجْتُكَ فَاطِمَةَ وَلَمْ يَقُلْ بِنْتِي وَنَوَيَاهَا ثُمَّ قَالَا وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتَانِ فَصَاعِدًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِ الْمَنْكُوحَةِ بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ بِأَنْ يَقُولَ بِنْتِي هَذِهِ أَوْ بِالْوَصْفِ بِأَنْ يَقُولَ بِنْتِي الْكُبْرَى أَوْ الْوُسْطَى وَهُنَّ ثَلَاثٌ قَالَ الْمُكْتَفَوْنَ بِالنِّيَّةِ أَوْ يَنْوِي وَاحِدَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>