للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ هَذَا حَاصِلُ مَا قَرَّرُوهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ وَهَذَا كَمَا تَرَى سِيَّمَا مَا قَدَّمْتُهُ عَنْ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ ظَاهِرٌ فِيمَا قُلْنَاهُ فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْقَبُولِ فِيهِ هُنَا وَثَمَّ مَصْلَحَةُ إمْضَاءِ الْعَقْدِ وَالْمُسَامَحَةِ هُنَا وَثَمَّ مُزِيلَةٌ لِلضَّرَرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يُوجِبُ الْقَوْلَ فِي تِلْكَ بِمَا قَالُوا فِي هَذِهِ لِاتِّحَادِهَا مَعَهَا وَلَا نَظَرَ لِلْمِنَّةِ لِمَا مَرَّ وَلَا إلَى أَنَّ مِنْ شَأْنِ الثِّمَارِ أَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَلْ يَعُمُّ سَائِرَ الْمِثْلِيَّاتِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَلَا إلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ النَّعْلِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ احْتِمَالَ الْغَزَالِيِّ الْمَبْنِيَّ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ.

الْأَمْرُ السَّادِسُ قَوْلُهُمْ يَتَخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِانْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزِّرَاعَةِ وَلَهَا مَاءٌ مُعْتَادٌ لِلْعَيْبِ إلَّا أَنْ أَبْدَلَهُ الْمُؤَجِّرُ بِمَاءٍ آخَرَ وَوَقْتُ الزِّرَاعَةِ بَاقٍ وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِزَوَالِ مُوجِبِهِ.

فَتَأَمَّلْ كَيْف جَعَلُوا سُوقَ الْمَاءِ إلَيْهَا مِنْ مَكَان آخَرَ مُوجِبًا لِإِزَالَةِ سَبَبِ الْخِيَارِ مِنْ التَّضَرُّرِ بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ فَكَذَا الْمُسَامَحَةُ هُنَا مُوجِبَةٌ لِإِزَالَةِ سَبَبِ الْخِيَارِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ.

الْأَمْرُ السَّابِعُ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ لِلْقَصَّارِ خُذْ أُجْرَتَك وَدَعْنَا نَكُونُ شُرَكَاءَ صَاحِبِ الثَّوْبِ أُجْبِرَ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي أَخْذِ أُجْرَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالُوا لِلْبَائِعِ لَا تَفْسَخْ وَنُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ. لِاحْتِمَالِ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِهِ بِظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يُزَاحِمُهُ وَمِمَّا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ أَنَّ الْفَرْقَ الصَّحِيحَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ مَا ذَكَرْتُهُ لَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ إجْبَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ تَحَمُّلُهُ لِمِنَّتِهِمْ لِأَنَّ هَذَا يَرُدُّهُ قَوْلُهُمْ بِالْإِجْبَارِ فِي الْأَوْلَى مَعَ أَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ مِنَّتِهِمْ فَالْوَجْهُ فِي الْفَرْقِ هُوَ خَشْيَةُ لُحُوقِ الضَّرَرِ وَعَدَمِهَا ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْته حَيْثُ قَالَ فِي تَوَسُّطِهِ وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِالْمِنَّةِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ.

إذْ قَدْ تَكُونُ الْمِنَّةُ لَهُ بِأَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ تُسَاوِي ضِعْفَ ثَمَنِهَا فَيَكُونُ الْحَظُّ لَهُمْ اهـ فَإِنْ قُلْت: جَمِيعَ مَا ذَكَرْتُهُ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرُوهُ فِي أَنَّ الْإِعْرَاضَ أَوْ الْهِبَةَ يَكُونُ مُسْقِطًا إنَّمَا هُوَ فِي أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ وَتَتَّصِلُ بِهِ فَلِذَا تَسَامَحُوا فِيهَا وَجَعَلُوا الْمُسَامَحَةَ بِهَا مُسْقِطَةً لِلْخِيَارِ وَمَسْأَلَةُ السُّؤَالِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ قُلْتُ: مُجَرَّدُ التَّعَلُّقِ وَالِاتِّصَالِ بِالْمَبِيعِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي إسْقَاطِ الْخِيَارِ بِالْمُسَامَحَةِ. كَمَا عَلِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ وَإِنَّمَا الَّذِي عَلَّلُوا بِهِ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ تَارَةً وَزَوَالُ الضَّرَرِ تَارَةً أُخْرَى وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ لِاطِّرَادِهَا بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهَا تَقْتَضِي سُقُوطَ الْخِيَارِ بِقَوْلِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي:

خُذْ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَأَمْسِكْهُ وَقَدْ صَرَّحُوا بِخِلَافِهِ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْعِلَّةَ الصَّحِيحَةَ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاءُ الضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُفَهُ شَيْءٌ آخَرَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الضَّرَرَ فِي مَسْأَلَتِنَا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ تَعَلُّقٌ بَلْ بَيْنَهُمَا تَعَلُّقٌ تَامٌّ مِنْ حَيْثُ اشْتَمَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا لَفْظًا وَكَذَا حُكْمًا أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَنَ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْإِجَازَةِ فَلَمْ يَقْطَعُوا النَّظَرَ عَمَّا فَسَدَ فِيهِ الْبَيْعُ بَلْ جَعَلُوهُ مَنْظُورًا إلَيْهِ بَلْ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ التَّعَلُّقِ أَقْوَى مِنْ النَّظَرِ إلَى نَحْوِ الثِّمَارِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَاخْتَلَطَ الْمَبِيعُ بِهَا فَإِنْ قُلْت: قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي بِالْمُسَامَحَةِ.

وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ بَاعَهُ أَرْضًا. أَوْ صُبْرَةً عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ فَخَرَجَتْ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً صَحَّ الْبَيْعُ لِلْإِشَارَةِ وَخُيِّرَ مَنْ عَلَيْهِ الضَّرَرُ وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُشْتَرِي فِي النَّقْصِ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْبَائِعِ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ لَا تَفْسَخْ وَأَنَا أَقْنَعُ بِالْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ شَائِعًا وَلَك الزِّيَادَةُ وَلَا بِقَوْلِهِ لَا تَفْسَخْ وَأَنَا أُعْطِيكَ ثَمَنَ الزَّائِدِ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي بِحَطِّ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ النَّقْصِ قُلْت: لَا تَأْيِيدَ فِي هَذَا لِعُمُومِ سُقُوطِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي بِالْمُسَامَحَةِ. بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ فِيهِ تَأْيِيدٌ لِسُقُوطِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الْبَائِعِ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي أَقْنَعُ بِالْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ شَائِعًا وَلَك الزِّيَادَةُ لِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ الْمُشْتَرِي شَائِعًا يَجُرُّ ضَرَرَ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ وَلَا بِقَوْلِهِ أَعْطَيْتُك ثَمَنَ الزَّائِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْزَامِهِ تَمْلِيكِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ أَيْ: وَهَذَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ فَعُلِمَ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ إجْبَارِ الْبَائِعِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي فِي الصُّورَتَيْنِ هُوَ لُحُوقُ الضَّرَرِ بِهِ لَوْ أَجْبَرْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>