للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صِحَّتِهَا فِي الْآبِقِ قَالُوا لِأَنَّ الْإِبَاقَ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّلَفِ وَهِيَ تَصِحُّ فِي التَّالِفِ فَأُولَى الْآبِقُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ رَدُّ نَحْوِ الْآبِقِ وَالْمَرْهُونِ الْمَقْبُوضِ بِعَيْبٍ لِأَنَّ الرَّدَّ يُرَدُّ عَلَى الْمَرْدُودِ وَلَا مَرْدُودَ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ كَالْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ أَنَّ الْبَائِعَ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ وَأَنْ يَصْبِرَ إلَى فِكَاكِ الرَّهْنِ وَيَأْخُذُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِ فِي الرَّوْضِ فَرْعُ إنَّمَا تُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ وَتُقْبَلُ فِي جَهْلِ كَوْنِهِ أَيْ: الرَّدِّ فَوْرًا مِنْ عَامِّيٍّ يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَيْهِ كَمْ حَدَّ هَذَا الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَمَنْ الْعَامِّيُّ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّذِي يَتَّجِهُ فِي ضَابِطِ الْبُعْدِ وَالْقُرْبِ فِيمَا ذُكِرَ وَفِي نَظَائِرِ ذَلِكَ أَنَّ الْمُدَّعِي الَّذِي جَهِلَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مَتَى كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يَلْزَمُهُ السَّفَرُ مِنْهَا لِلتَّعَلُّمِ لَمْ يُعْذَرْ فِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ وَمَتَى كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ لَا يَلْزَمُهُ السَّفَرُ مِنْهَا لِلتَّعَلُّمِ عُذِرَ وَضَابِطُ لُزُومِ السَّفَرِ لَهُ أَنَّهُ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ وَإِنْ طَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَمَعْنَى قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَطِيعَهُ.

وَيَنْبَغِي ضَبْطُ الِاسْتِطَاعَةِ هُنَا بِالِاسْتِطَاعَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لِلْحَجِّ فَإِنْ قُلْت: يُفَرَّقُ بَيْنهمَا بِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي قُلْت: هِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْحَجِّ وَإِنْ وَجَبَ فَوْرًا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ سَمِعَ فِي مَحِلِّهِ بِإِحْكَامِ الشَّرْعِ فَحِينَئِذٍ يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْته أَمَّا إذَا لَمْ يَسْمَعْ فِيهِ بِذَلِكَ بِأَنْ خَلَّى مَحِلُّهُ الَّذِي هُوَ فِيهِ عَمَّنْ يَعْرِفُ حُكْمَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَهُوَ مَعْذُورٌ سَوَاءٌ أَقَرُبَ مَحِلُّهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَمْ بَعُدَ عَنْهُ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته آخِرَ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ الْكَافِي فِي نَظِيرِ مَسْأَلَتِنَا وَفِي حُكْمِ مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ لَمْ يَسْمَعْ فِيهَا بِإِحْكَامِ الشَّرْعِ أَيْ الْأَحْكَامِ الَّتِي فِيهَا نَوْعُ خَفَاءٍ لَا كُلِّ أَحْكَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالظَّاهِرُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْبُعْدِ هُنَا وَفِي نَظَائِرِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَحِلِّهِ وَمَحِلِّ الْعُلَمَاءِ مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَوْ أَكْثَرُ لَكِنْ عَسُرَ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ لِبَلَدِ الْعُلَمَاءِ لِخَوْفٍ أَوْ عَدَمِ زَادٍ أَوْ ضَيَاعِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِوُجُوبِ الْحَجِّ.

فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَعْذُورًا فِي دَعْوَاه جَهْلَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَظَائِرِهِ وَأَمَّا إذَا انْتَفَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّفَرُ لِتَعَلُّمِ الْمَسَائِلِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْخَفِيَّةِ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ الظَّاهِرَةَ دُونَ الْخَفِيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ فَرَّقُوا هُنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا فَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ جَهْلِ أَصْلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ يَجْهَلُهُ بِخِلَافِ الْعَامِّيِّ فَإِنَّهُ لَا يَجْهَلُهُ لِظُهُورِهِ لِأَكْثَرِ النَّاسِ وَمَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عُدَّ مُفْرِطًا وَمُغْفَلًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَأَمَّا دَعْوَى الْجَهْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ فَيُقْبَلُ حَتَّى مِنْ الْعَامِّيِّ لِأَنَّ أَكْثُرَ الْعَوَامّ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَصْحَابُنَا الْغَالِبُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ ثُبُوتَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَعْلَمُ صِفَتَهُ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مُسَلَّمٌ لَهُ مَا ذَكَرَهُ إذْ لَا غَالِبَ فِي ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ فِي عُرْفِ الْأُصُولِيِّينَ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ فَالْمُقَلِّدُونَ كُلُّهُمْ عَوَامُّ عِنْدَهُمْ وَإِنْ جَلَّتْ مَرَاتِبُهُمْ وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَعْرِفُ الظَّاهِرَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْغَالِبَةِ بَيْنَ النَّاسِ دُونَ الْأَحْكَامِ الْخَفِيَّةِ وَدَقَائِقِهَا وَالْأَحْكَامِ النَّادِرَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ عَلَّقَ شَرِيكَانِ فِي عَبْدٍ عِتْقَ نَصِيبِهِمَا بِمُتَنَاقِضٍ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ فَبَاعَا نَصِيبَهُمَا لِثَالِثٍ عَتَقَ عَلَيْهِ النِّصْفَ إنْ كَانَ بَيْنُهُمَا أَنْصَافًا وَإِلَّا فَأَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ فَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ الْعَبْدِ عَيْبًا هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْأَرْشُ وَإِذَا ثَبَتَ فَعَلَى مَنْ يَرْجِعُ بِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْقِيَاسُ الثُّبُوتُ وَأَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ نَعَمْ لَوْ مَاتَا وَوَرِثَهُمَا وَاحِدٌ وَالثَّمَنُ فِي مِلْكِهِمَا فَالْقِيَاسُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْمُطَالَبَةُ بِالْأَرْشِ وَعَلَى الْوَارِثِ إعْطَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِأَجْنَبِيٍّ هَلْ يُقَالُ إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّمْلِيكِ كَتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى يُشْتَرَطَ قَبُولُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ التَّوْكِيلِ فَيَأْتِي فِي قَبُولِهِ الْخِلَافُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مُقْتَضَى تَصْرِيحِ الْبَغَوِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْعَزْلِ وَوَالِدُ الرُّويَانِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ كَافِرٍ وَالْمَبِيعُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ أَوْ مُحَرِّمٍ وَالْمَبِيعُ صَيْدٌ وَإِنْ خَالَفَهُ وَلَدُهُ وَأَنَّ الشَّارِطَ لَوْ مَاتَ لَمْ يُبْطِلْ خِيَارَ الْأَجْنَبِيِّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ إذْ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>