للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ الْكِتَابُ إلَّا وَقَدْ جَهَّزَ الصِّنْفَ الَّذِي ظَهَرَ أَنَّهُ نَهَاهُ عَنْ الْحُضُورِ بِهِ مَعَ الْعَرَبِ وَأَكْرَى عَلَيْهِ مَعَهُمْ وَتَفَرَّقُوهُ وَظَهَرُوا بِهِ إلَى ظَاهِرِ الْمَدِينَةِ الَّتِي وَرَدَ إلَيْهَا كِتَابُ الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ لَمَّا عَسُرَ عَلَيْهِ عَوْدُ الصِّنْفِ الْمَذْكُورِ وَفَوَاتُ الْكِرَاءِ عَلَى الصِّنْفِ الْمَذْكُورِ بَرًّا وَبَحْرًا إلَى بَعْضِ التُّجَّارِ وَعَرَّفَهُمْ بِوُرُودِ الْكِتَابِ عَلَيْهِ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ الْحُضُورِ بِالصِّنْفِ الْفُلَانِيِّ.

وَقَالَ لَا أَقْدِرُ عَلَى عَوْدِ ذَلِكَ وَأَخْشَى أَنْ يَفُوتَ الْكِرَاءُ عَلَى مُوَكِّلِي عِنْدَ الْجَمَّالَةِ وَصَاحِبِ الْمَرْكَبِ وَتَوَكَّلْت عَلَى اللَّهِ وَأَرْسَلَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الصِّنْفَ الْمَذْكُورَ نَحْوُ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ حِمْلًا فَحَصَلَ عَلَى الصِّنْفِ الْمَذْكُورِ أَمْرُ اللَّهِ وَفَاتَ مِنْهُ نَحْوُ الثُّلُثَيْنِ وَسَلِمَ الثُّلُثُ فَهَلْ إذَا عَجَزَ الْوَكِيلُ عَنْ إعَادَة الصِّنْفِ الْمَذْكُورِ إلَى مَحَلِّهِ لِعُذْرٍ وَاضِحٍ هُوَ فِي أَوَانِ خُرُوجِ الْعِمَارَةِ الْخَنْكَارِيِّةِ وَالْبَاشَا وَالْعَسَاكِر وَتَضْيِيقِهِمْ فِي الدَّوَابِّ وَالتَّضْيِيق عَلَى أَرْبَابِهَا وَجَاءَ لَهُمْ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ مَا فَاتَ أَمْ لَا وَإِذَا وَجَدَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِذَلِكَ تُقْبَلُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا عَجَزَ الْوَكِيلُ عَنْ تَخْلِيص الْأَحْمَالِ الْمَذْكُورَةِ مِمَّنْ أَعْطَاهَا لَهُ لِيَحْمِلَهَا إلَى مُوَكِّلِهِ وَكَانَ مُوَكِّلُهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي حَمْلِهَا إلَيْهِ فَتَلِفَ بَعْضُهَا أَوْ كُلُّهَا فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْ الْوَكِيلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ أَثْبَتَ الْعَجْزَ الْمَذْكُورَ أَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِوُصُولِ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ إلَيْهِ حِينَئِذٍ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ لَا يُعْمَلُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا إنْ ثَبَتَ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ خَطُّ مُوَكِّلِهِ أَوْ أَمَرَ بِهِ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِكِتَابَتِهِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَلْفَاظُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْته أَوْ لَا مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَا صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْته فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَالْمُصَالَحَةِ بِمَا يَرَى الْوَكِيلُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَجُوزُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَقَدْ قَالُوا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْخُصُومَاتِ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ وَالْحُدُودِ الَّتِي لِلْآدَمِيِّ وَسَائِر الْحُقُوقِ قَالُوا وَلَوْ قَالَ لَهُ بِعْ بِمَا شِئْت صَحَّ وَكَانَ إذْنًا فِي بَيْعِهِ بِالْعَرْضِ فَكَذَا قَوْله صَالَحَ بِمَا تَرَى يَصِحُّ أَيْضًا وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا ثَبَتَ مِنْهَا لِلْمُوَكِّلِ بَعْدَ الْوَكَالَةِ كَمَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِ ثَمَرِ شَجَرَتِهِ الَّذِي يَحْدُثُ وَفَارَقَ بُطْلَانَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ وَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي أَمْلَاكِهِ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ مِلْكٌ بِإِرْثٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأُولَى الْحَقُّ فِيهَا مَوْجُودٌ لَكِنْ لَمْ يَثْبُت حَالًا وَفِي الثَّانِيَةِ مَالِكٌ لِأَصْلِ الثَّمَرَةِ بِخِلَافِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ تَوْكِيلٌ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَا مَلَكَ أَصْلَهُ وَلَا هُوَ مَوْجُودٌ حَالَ الْوَكَالَةِ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِصِحَّةِ تَوْكِيلِهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ الْآنَ وَمَا سَيَمْلِكُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ شَرْطَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُوَكِّلُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حِينَ التَّوْكِيلِ أَوْ يَذْكُرَهُ تَبَعًا لِذَلِكَ أَوْ يَمْلِكُ أَصْلَهُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ الْمُوَكِّلِ إذَا طَلَبَ مِنْ وَكِيلِهِ بَيَانًا لِتَصَرُّفَاتِهِ فِيمَا وَكَّلَ فِيهِ هَلْ يَلْزَمُهُ الْبَيَانُ وَهَلْ تُعْتَبَرُ دَفَاتِرُهُ وَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ زِيَادَةً عَلَى مَصْرُوفِ كُتُبِهِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَطْلَقَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ كُلَّ أَمِينٍ طُلِبَ مِنْهُ الْبَيَانُ وَالْحِسَابُ لَزِمَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِي الْخَطِّ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِمَا يَقَعُ فِي الْجَوَابِ وَالدَّعْوَى وَإِذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ صَرَفَ كَذَا عَنْ كَذَا ثُمَّ ادَّعَى زِيَادَةً لَمْ يُقْبَلْ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي بَعْض الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ حَيْثُ ذَكَرَ عُذْرًا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ لِتَحْلِيفِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ أَوْ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِلْمُوَكِّلِ وَإِذَا كَانَ لَهُ فِي ذِمَّةِ وَكِيلِهِ أَلْفٌ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْهُ فِي كَذَا مِنْ طَعَامٍ فَأَسْلَمَهُ هَلْ يَصِحُّ أَيْضًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِجَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ مِنْ مَالِ الْوَكِيلِ وَيَرْجِع بِمَا أَدَّاهُ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي التَّوْكِيلِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ بَاعَهُ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَوْ النِّصَابَ كُلَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأُولَى وَلَا فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ فِي الثَّانِيَةِ.

فَلَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فَأَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فِي إخْرَاجِ قَدْرِ الزَّكَاةِ صَحَّ وَجَرَى التَّقَاصُّ فَلَوْ قَالَ لَهُ اُدْعُنِي مِنْ دَيْنِي الَّذِي عَلَيْك لَمْ يَقَعْ عَنْ الْآذِن فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ قَابِضًا لِمَا فِي ذِمَّتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>