للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُفَرَّق بَيْنه وَبَيْن تَغْرِيمِ الشَّاهِدِ إذَا رَجَعَ بِأَنَّ الشَّاهِدَ أَلْجَأَ الْحَاكِمَ شَرْعًا إلَى الْحُكْمِ الْمُقْتَضِي لِتَغْرِيمِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّاعِي فَإِنَّهُ لَمْ يُلْجِئْ السُّلْطَانَ لِذَلِكَ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو بِأَنَّهُ ثَمَّ أَحَلَّ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ دَارِهِ بِإِثْبَاتِهَا لِلْأَوَّلِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ نَاقَضَهَا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَاسَبَ أَنْ يَغْرَمَ لِتَحَقُّقِ حَيْلُولَتِهِ بَيْنَ عَمْرٍو وَبَيْنَ حَقِّهِ وَهُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ حَيْلُولَةٌ وَلَا إلْجَاءٌ شَرْعِيّ فَلَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَتْلَفَ وَلَدَ بَهِيمَةٍ فَنَقَصَ لَبَنُهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْص؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى بَعْضهمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمهُ فَتُقَوَّمُ لَبُونًا تَحْلُب كُلَّ يَوْم كَذَا وَتُقَوَّمُ نَاقِصَة عَمَّا كَانَ وَهُوَ كَذَا فَمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ غُرْمُهُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ غَصَبَ طَعَامًا وَأَضَافَ بِهِ الْمَالِكُ بَرِئَ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ قَدَّمَهُ لَهُ عَلَى حَالِهِ أَوْ بَعْدَ تَغَيُّرِهِ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ فَلَا كَلَامَ فِي الْبَرَاءَة أَوْ بَعْد أَنْ نَقَصَتْ وَلَمْ يَسِرْ لِلتَّلَفِ ضَمِنَ نَقْصَهَا وَبَرِئَ مِنْ الْبَاقِي أَمَّا إذَا قَدَّمَهُ وَقَدْ صَارَ سَارِيًا لِلتَّلَفِ فَلَا يَبْرَأُ بِأَكْلِ الْمَالِك حِينَئِذٍ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حِينَئِذٍ حُكْمُ التَّالِفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالضَّمَان قَدْ صَارَ مُسْتَقِرًّا فِي ذِمَّةِ الْغَاصِب قَبْل الْأَكْلِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ وَأَيْضًا فَإِنْ قُلْنَا بِبَقَائِهِ عِنْدَ صَيْرُورَتِهِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَلَا كَلَامَ أَوْ بِانْتِقَالِهِ إلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ فَقَدْ حَمَلَهُ عَلَيْهِ ضِيَافَتُهُ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ مَا اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الضَّمَانِ.

(وَسُئِلَ) بِمَا لَفْظُهُ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِ بِإِجَارَةِ أَرَاضِيهِمْ بِنَوْعٍ مِنْ الْحُبُوبِ فَغَصَبَ شَخْصٌ أَرْضًا مِنْهَا فَهَلْ تَلْزَمهُ الْأُجْرَةُ حَبًّا أَوْ نَقْدًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُحَقَّق عِنْد جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ فِي نَظِيرِهِ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى عَادَة الْبَلَد فِيمَا تَقُومُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ وَقَدْ يُؤَيِّدهُ قَوْلهمْ لَوْ غَلَبَ مِنْ جِنْس الْعُرُوضِ نَوْعٌ كَالطَّعَامِ انْصَرَفَ الذِّكْرُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ كَالنَّقْدِ فَإِلْحَاقُهُ بِالنَّقْدِ فِي ذَلِكَ يُومِئُ إلَى إلْحَاقِهِ بِهِ فِي غَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَكَلَ مِنْ يَد آخَرَ طَعَامًا وَكَانَ فِي الْأَصْلِ مَغْصُوبًا وَلَمْ يَعْلَم فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَقَلَ الْغَزِّيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّ الْمَأْكُولَ مِنْهُ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ لَمْ يُؤَاخِذْ بِهِ الْآكِلُ وَإِلَّا أُوخِذَ بِهِ ثُمَّ قَالَ الْغَزِّيُّ وَأَظُنُّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ أَيْ بَلْ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْعِلْمِ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى الْمُطَالَبَةِ بِمَا يُتْلِفهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا الْمُطَالَبَة هُنَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ فَلَيْسَتْ مُطَالَبَتُهُ بِفِعْلٍ حَرَامٍ بَلْ بِإِتْلَافِ مَاله وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ غَصَبَ عَيْنًا مِثْلِيَّةً وَأَتْلَفَهَا وَقُلْتُمْ يَضْمَنُ مِثْلَهَا وَإِنْ أَعْوَزَهُ وَوَجَدَهُ بِأَكْثَرَ ضَمِنَهَا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ وَقْتَ الْمُحَاكَمَةِ وَالتَّأْدِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ ضَمِنَهَا بِقِيمَتِهَا أَكْثَرَ مَا كَانَتْ مِنْ حِينَ الْغَصْبِ إلَى حِينَ التَّلَفِ مَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَكْثَرُ الْقِيمَةِ مَا بَيْنَ الْغَصْب وَالتَّلَف دُون ثَمَن الْمِثْلِ فَلَهُ قَبُولُهُ بَيِّنُوا لَنَا صُورَةَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ فِي الْقِيمَة فِي الْمُدَّة وَأَوْضِحُوا ذَلِكَ مُفَصَّلًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَيْنًا مِثْلِيَّةً وَأَتْلَفَهَا يَلْزَمهُ مِثْلُهَا فَإِنْ فَقَدَهُ أَوْ وَجَدَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ أَقْصَى قِيمَة مِنْ وَقْتِ الْغَصْب إلَى وَقْتِ فَقْدِ الْمِثْلِ فَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْغَصْبِ يُسَاوِي مِائَةً وَوَقْتَ الْفَقْدِ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَفِيمَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ يُسَاوِي أَلْفًا لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا الْمُتَقَوِّمُ فَيُضْمَن بِأَقْصَى قِيمَةٍ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ شَغَلَ بُقْعَةً مِنْ الْمَسْجِدِ بِمَتَاعٍ لَهُ فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَقَلَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَة الْبُقْعَة مَا لَمْ يَغْلِقْ بَاب الْمَسْجِدِ وَإِلَّا لَزِمَهُ أُجْرَةُ جَمِيعِهِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ وَتُصْرَفُ الْأُجْرَة فِي مُصَالَح الْمَسْجِد وَظَاهِرُ حُرْمَةِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُضَيِّق عَلَى الْمُصَلِّينَ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا صُورَتُهُ قَالُوا لَوْ غَصَبَ خَشَبَةً وَأَدْرَجَهَا فِي سَفِينَةٍ لَمْ تُقْلَعْ مِنْهَا فِي اللُّجَّةِ إنْ خَشِيَ تَلَفَ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مُحْتَرَمٍ مَا الْمُرَادُ بِالْمُحْتَرَمِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُرَاد بِالْمُحْتَرَمِ فِي غَيْر هَذَا الْبَاب مَا حَرُمَ قَتْلُهُ أَوْ إتْلَافُهُ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاق هَذَا الْبَابِ بِغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ خَشِيَ إتْلَافَ نَفْسٍ اشْتَرَطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>