للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ لَا تَكُونَ مُحْتَرَمَةً كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وِزَانٍ مُحْصَنٍ وَإِنْ خُشِيَ إتْلَافُ مَالٍ فَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا فَهُوَ مُحْتَرَمٌ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ مُحْتَرَمٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَالَ الْحَرْبِيِّ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاق الْمُرْتَدِّ بِهِ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ كَنَفْسِ الْحَرْبِيِّ وَمَالِهِ فَأُتِيَ بِالْكَافِ الدَّالَّةِ غَالِبًا عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِي مَدْخُولِهَا وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقَ بِأَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ وَأَيْضًا مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ لَا يَمْلِك شَيْئًا مِنْهُ بِخِلَافِ مَالِ الْحَرْبِيِّ وَأَيْضًا فَالْحَرْبِيُّ إذَا مَاتَ عَلَى حِرَابَتِهِ انْتَقَلَ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مَعْصُومٍ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ عَلَى حَالَتِهِ انْتَقَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُمْ حَقٌّ مُتَأَكِّدٌ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ مَالِ الْحَرْبِيِّ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ خَلَطَ الْمَغْصُوبَ وَصَارَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ مَلَكَهُ سَوَاءً أَكَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَسَوَاءً أَكَانَ مَا خَلَطَهُ بِهِ لَهُ أَوْ لِمَالِكٍ آخَرَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد مَذْهَبًا وَلَا يُكَلَّفُ الْمَالِكُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُخْتَلِطِ بِجِنْسِهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ بَعْضِ الْمُخْتَلَطِ بِالْأَجْوَدِ أَوْ الْمِثْلِ لَا الْأَرْدَإِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْغَاصِبَ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بِنَفْسِ الْخَلْطِ سَوَاءٌ أَعْطَى الْمَالِكُ الْبَدَلَ أَوْ لَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ أَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ بِالْخَلْطِ إلَى ذِمَّتِهِ لَكِنْ لَوْ قِيلَ إنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَرُّف قَبْلَ رَدِّ الْبَدَلِ وَأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ لَمْ يَبْعُدْ قِيَاسًا عَلَى الْوَرَثَةِ حَيْثُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ التَّصَرُّفُ فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ إذَا كَانَ مَدِينًا مَعَ أَنَّهَا مِلْكُهُمْ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ مُورَثِهِمْ وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ رِعَايَةً لِصَاحِبِ الدَّيْنِ وَلَا يُقَالُ إنَّ التَّرِكَةَ مَرْهُونَةٌ بِالدَّيْنِ شَرْعًا بِخِلَافِ هَذَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَالْعَيْنُ الْمُخْتَلِفَةُ بِمَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ مِنْهَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً بِحَقِّ الْمَالِكِ كَذَلِكَ رِعَايَةً لَحَقِّهِ.

(وَسُئِلَ) هَلْ تَجِبُ إرَاقَةُ الْخَمْرِ الْغَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَإِنْ قَصَدَ صَاحِبُهَا التَّخَلُّل وَمَا هِيَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَوْجَهُ أَنَّهَا الَّتِي عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ وَحِينَئِذٍ فَتَجِبُ إرَاقَتُهَا فَوْرًا وَلَا يُجَابُ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَى التَّخَلُّلِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ قَبْل تَخَمُّرهَا اتِّخَاذَهَا لِلْخَلِيَّةِ لَمْ تَجِبْ إرَاقَتُهَا؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ النِّيَّةَ الْأُولَى بِالنِّيَّةِ الثَّانِيَة.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَضَمِنَ آخِذٌ مِنْ غَاصِبٍ لَا بِنِكَاحٍ وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي بَاب الْغَصْب لَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ فَفَاتَتْ مَنَافِعُهَا تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ فَغُرْمهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَإِذَا مَاتَتْ عِنْدَهُ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا رَجَعَ بِهَا. اهـ.

وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ فَتَأَمَّلُوا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِأَيِّ شَيْءٍ أَثَابَكُمْ اللَّهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا تَنَافِي بَيْنَ عِبَارَةِ الْإِرْشَادِ.

وَعِبَارَةِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ هُمَا مُتَّحِدَتَانِ مَفَادُهُمَا وَاحِدٌ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُ الْإِرْشَادِ عَقِبَ لَا بِنِكَاحٍ وَرَجَعَ إلَخْ إذْ مَعْنَى لَا بِنِكَاحٍ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ الْغَاصِبِ جَاهِلًا فَتَلْفِت عِنْدَهُ لَا يُطَالَبُ بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ نَعَمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهَا كَمَا لَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا كَمَا قَالُوهُ. اهـ.

وَفِيهِ شَيْءٌ بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ فَلَوْ غَرَّمَهَا لَهُ الْمَالِكُ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا أَفَادَ قَوْلُ الْإِرْشَادِ وَرَجَعَ إلَخْ وَكَذَا مَنَافِعُهَا الْفَائِتَةُ فِي يَد الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ لَا يَضْمَنُهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ زَوْجَةٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَإِذَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ إيَّاهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْإِرْشَادِ وَرَجَعَ إلَخْ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَرَّمَهُ مَهْرَ وَطْئِهِ أَوْ أُجْرَةَ الْمَنَافِعِ الَّتِي اسْتَخْدَمَهَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ الْمَهْرَ وَلِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يُسَلِّطْهُ بِالتَّزْوِيجِ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ فَظَهَرَ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ أَنْ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ بِوَجْهٍ وَأَنَّ تَوَهُّمَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا إنَّمَا نَشَأَتْ عَنْ الْغَفْلَةِ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا بِنِكَاحٍ وَعَنْ قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَرَجَعَ إلَخْ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ غَصَبَ عَبْدًا يَعْرِفُ صَنْعَةً فَنَسِيَهَا وَقُلْنَا يَغْرَمُ قِيمَةَ هَذَا الْوَصْفِ مِنْ الْمُصَدَّقِ فِي النِّسْيَانِ لَوْ تَذَكَّرَ فَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ مُتَذَكِّرٌ فَلَا عَلَيْهِ غُرْم وَالْمَالِك أَنَّهُ مُتَعَلِّمٌ فَالْغُرْمُ مِنْ الْمُصَدَّقِ مِنْهُمَا هَذَا عَلَى قَوْلِ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَالتَّعْلِيمِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْغَاصِبَ هُنَا هُوَ الْمُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْمَالِك يَدَّعِي عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>