للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُقُوعُهُ فِي الْمَرَضِ فَصَدَّقْنَا الْمُتَّهَبِ لِذَلِكَ إذْ لَا قَرِينَةَ وَلَا أَصْلَ يَدُلَّانِ عَلَى خِلَافِ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي فَالْقَرِينَةُ تُصَدِّقُ الْوَارِثَ وَهِيَ وُقُوعُ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ وَكَوْنُ الْعَيْنِ مَعْرُوفَةً بِأَنَّهَا لَهُ إلَى حَالَةِ مَرَضِهِ وَحِينَئِذٍ فَتَنْزِيلُ الْإِقْرَارِ عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ وَيَكْفِي فِي تَحَقُّقِ سَبْقِهِ كَوْنُهُ قَبْلَ وَقْتِ الْإِقْرَارِ بِلَحْظَةٍ فَنُزِّلَ عَلَيْهَا لِلِاعْتِضَادِ بِهَاتَيْنِ الْقَرِينَتَيْنِ الظَّاهِرَتَيْنِ فِي ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِهَذَا الَّذِي قَرَّرْته يَنْدَفِعُ اعْتِمَادُ الْبُلْقِينِيُّ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِخِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَنْدَفِعُ أَيْضًا قَوْلُ الْقَمُولِيِّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي تَنْزِيلُ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ النَّوَوِيِّ عَلَى الْمَرَضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ كَلَامَ النَّوَوِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَقَدْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْمَرَضِ عَلَى بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ. اهـ.

وَبِمَا تَقَرَّرَ اتَّجَهَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّتِي هِيَ صُورَةُ السُّؤَالِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ مَا يُوَافِقُهُ فَقَالَ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ أَيْ فِي صِحَّةِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ بِالْعَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا تَحَقَّقَ مِلْكُهُ لِلْعَيْنِ إلَى حَالَةِ مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهَا مُطْلَقًا وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ هُوَ عَنْ هِبَةٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ عَنْ مُعَاوَضَةٍ لَا مُحَابَاةَ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُعَاوَضَةِ وَهِيَ نَظِيرُ الْأَبِ يُقِرُّ لِوَلَدِهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ يُفَسِّرُهُ بِالْهِبَةِ لِيَرْجِعَ فَيُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ.

وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ شَيْخُهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهَا فَقَالَ فِيهَا شَخْصٌ أَقَرَّ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَعْيَانٍ هَلْ يَحْتَاجُ لِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ أَجَابَ إذَا ظَهَرَ مَا يَقْتَضِي صُدُورَ انْتِقَالِ ذَلِكَ عَنْهُ فِي الصِّحَّةِ لِمَنْ ذَكَرَ أَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ بِعِوَضٍ لَا مُحَابَاةَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِهِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ كَانَ مَالِكَهُ إلَى حَالَةِ الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ وَقَالَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ إنَّهُ انْتَقَلَ عَنْهُ فِي الْمَرَضِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ كَانَ بِعِوَضٍ لَا مُحَابَاةَ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِيَمِينِهِ وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةٍ. اهـ.

وَفِي الْأَشْرَافِ لِلْهَرَوِيِّ لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مَثَلًا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ إلَى أَنْ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ قَالَ السُّبْكِيّ: وَهَذَا فِي بَيِّنَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْرَارِ وَبَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَدِّمُ بَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ تَعْتَمِدُ الظَّاهِرَ. اهـ.

وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ مَحَلَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَتَنْزِيلِهِ عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ إلَى أَنْ أَقَرَّ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْرَارِ وَبَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ وَنُزِّلَ عَلَى حَالَةِ الْمَرَضِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) بِمَا لَفْظُهُ ذَكَرُوا فِيمَا لَوْ قَالَ بِعْنِي مَا تَدَّعِيه أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا فَهَلْ أَجَرَنِي كَذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ هُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَضَمُّنِهِ الْإِقْرَارَ بِالْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ شَرْطُ مُلْحَقِ النَّسَبِ بِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا حَائِزًا لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَأَنْ أُقِرَّ بِعَمٍّ وَهُوَ حَائِزٌ تَرِكَةَ أَبِيهِ الْحَائِزِ تَرِكَةَ جَدِّهِ الْمُلْحَقِ بِهِ فَإِنْ كَانَ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ جَدِّهِ فَلَا إلْحَاقَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُقِرِّ وَارِثًا حَائِزًا لِمِيرَاثِ الْمُلْحَقِ بِهِ لَوْ قُدِّرَ مَوْتُهُ حِينَ الْإِلْحَاقِ وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمًا وَكَافِرًا مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَتَرَكَ ابْنًا مُسْلِمًا وَأَسْلَمَ عَمُّهُ الْكَافِرُ فَحَقَّ الْإِلْحَاقُ بِالْجَدِّ لِابْنِ ابْنِهِ الْمُسْلِمِ لَا لِابْنِهِ الَّذِي أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قِيلَ لَكَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَقَدْ يُجَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ حَقَّ الْإِلْحَاقِ ثَبَتَ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ عَلَى انْفِرَادِهِ، ثُمَّ انْتَقَلَ بِمَوْتِهِ لِابْنِهِ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ لِلْمُورَثِ يَثْبُتُ لِوَارِثِهِ فَطُرُوِّ إسْلَامِ الِابْنِ لَا يَرْفَعُ مَا ثَبَتَ لِابْنِ الْمُسْلِمِ مِنْ حَقِّ الْإِلْحَاقِ فَاخْتَصَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهِ عَمُّهُ لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ وَهُوَ الْكُفْرُ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ كَمَا يُعْلَمُ لِمَنْ تَأَمَّلَ مَا ذَكَرْته.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَقَرَّ لِوَلَدِهِ بِدُورٍ بِمَكْتُوبٍ لَكِنَّ صِيغَةَ لَفْظِ الْمَكْتُوبِ وَأَقَرَّ الْمُشْهَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>