للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمْ لَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ كَمَا أَفْهَمَهُ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ وَيَقَعُ اسْتِيفَاءُ الْمَاءِ تَبَعًا وَلَا وَجْهَ لِلْإِفْتَاءِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَقَدْ صَرَّحُوا فِي اسْتِئْجَارِ الْقَنَاةِ بِمَا ذُكِرَ وَبِأَنَّ الْإِجَارَةَ قَدْ يُسْتَحَقُّ بِهَا عَيْنٌ تَبَعًا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ حَاقَّةٍ تَلْحَقُ تِلْكَ الْعَيْنَ بِالْمَنْفَعَةِ

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يُعَلِّمُ وَلَدَهُ الْقُرْآنَ جَمِيعَهُ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَعَلَّمَهُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ حِزْبًا وَعَلَّمَهُ الْخَطَّ حَتَّى أَحْكَمَهُ إحْكَامًا تَامًّا فَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ الْخَطَّ يُقَابِلُهُ رُبُعُ الْأُجْرَةِ فَعَلَيْهِ يَجِبُ هُنَا رُبُعُ الْأُجْرَةِ وَثُلُثُهَا وَعُشْرُهَا وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَمَا أَدْرِي مَا مُسْتَنَدُ الْمُوجِبِينَ لِرُبُعِ الْأُجْرَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْخَطِّ بَلْ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْخَطِّ حَيْثُ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ فَإِنْ نُصَّ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَتْ الْأُجْرَةُ مُوَزَّعَةً عَلَى ذَلِكَ وَوَجَبَ مَا يُقَابِلُهُ.

(وَسُئِلَ) بِمَا صُورَتُهُ لَوْ قَالَ إنْسَانٌ أَلْزَمْت ذِمَّتَك الْحَجَّ عَنِّي لِتَفْعَلَهُ بِنَفْسِك صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَلْزَمْت ذِمَّتَك خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ لِتَفْعَلَهُ بِنَفْسِك فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فَمَا الْفَرْقُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عُسْرٌ وَلَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ فَرَّ إلَى تَضْعِيفِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَإِنْ اسْتَوَوْا كُلُّهُمْ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُحْسِنُ الْحَجَّ بَلْ رُبَّمَا يُقَدَّمُ الْعَارِفُ بِأَعْمَالِ الْحَجِّ عَلَى الْأَعْرَفِ مِنْهُ لِمَزِيدِ زُهْدٍ أَوْ وَرَعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ سَبَبٌ فِي الْإِجَابَةِ وَالْقَبُولِ، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهَا بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ بَعْدَ اسْتِوَائِهِمْ فِي خِيَاطَةِ الثَّوْبِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الذَّوَاتِ وَالسَّرَائِرِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهَذَا فَرْقٌ وَاضِحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ.

(وَسُئِلَ) فَسَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَبْرِهِ بِمَا صُورَتُهُ فِي الْإِحْيَاءِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى كَلِمَةٍ يَقُولُهَا طَبِيبٌ عَلَى دَوَاءٍ يَنْفَرِدُ بِمَعْرِفَتِهِ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي التَّلَفُّظِ وَعَمَلُهُ بِهِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ مِمَّا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَرَفَ الصَّقِيلُ الْمَاهِرُ إزَالَةَ اعْوِجَاجِ السَّيْفِ وَالْمِرْآةِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَهُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ يُتْعَبُ فِي تَعْلِيمِهَا لِتُكْتَسَبَ وَيُخَفِّفُ عَنْ نَفْسِهِ كَثْرَةَ التَّعَبِ اهـ.

فَهَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ الْمُعْتَمَدُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ لَا يَصِحُّ وَهَلْ الْفَصْدُ وَنَحْوُهُ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِلْفَصْدِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ عَمَلٌ لَا يُتْعِبُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاسْأَلْ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِئْجَارِ الْبَيَّاعِ عَلَى كَلِمَةٍ لَا تُتْعِبُ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ السَّابِقِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ عِلَّةَ الْبُطْلَانِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَعَدَمِ انْتِقَالِ الْعِلْمِ لِلْغَيْرِ وَعَدَمِ التَّعَبِ فِي تَعَلُّمِهَا لِتُكْتَسَبَ وَيُخَفِّفُ عَنْ النَّفْسِ كَثْرَةُ التَّعَبِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَلِمَةِ الْبَيَّاعِ وَكَلِمَةِ الطَّبِيبِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الْمَقُولَ لَهُ تِلْكَ الْكَلِمَةُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ عِلْمُهَا وَأَيْضًا فَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ عِلْمِ الطِّبِّ أَنْ يَتْعَبَ فِي تَحْصِيلِهِ لِيُخَفِّفَ عَنْ النَّفْسِ كَثْرَةَ التَّعَبِ بَلْ لِتَتَحَلَّى النَّفْسُ بِكَمَالِ الْعُلُومِ أَوْ بَعْضِهَا بِخِلَافِ كَلِمَةِ الْمَاهِرِ فَإِنَّ عِلْمَهَا يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ عَرَّفَهُ إيَّاهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَذْكُرُهَا إلَّا لِمَنْ شَارَكَهُ فِي صَنْعَتِهِ لَكِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الدَّقِيقَةُ وَأَيْضًا فَمِنْ شَأْنِهَا وَنَحْوِهَا التَّعَبُ فِي تَحْصِيلِهِ لِلتَّخْفِيفِ الْمَذْكُورِ وَبِتَأَمُّلِ ذَلِكَ يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَصْدِ وَكَلِمَةِ الْبَيَّاعِ وَنَحْوِهَا مِنْ الرَّدِّ عَلَى مَنْ غَلِطَ فِيهَا لَا يُقَالُ تَعَلُّمُ الْقُرْآنِ يُتْعَبُ فِي تَحْصِيلِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ مِثْلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا يُتْعَبُ فِي تَحْصِيلِهَا أَوْ يُتْعَبُ لَا لِلتَّخْفِيفِ الْمَذْكُورِ بَلْ لِمَا مَرَّ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ لِقَلْعِ سِنِّهِ الْوَجِعَةِ فَبَرِئَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ هَلْ هُوَ سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ سِنٌّ أُخْرَى وَجِعَةٌ مِثْلُهَا أَوْ لَا أَوْ خَاصٌّ بِالثَّانِي وَعَلَى الْأَوَّلِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَجَوَازِ إبْدَالِ الرَّضِيعِ بِمِثْلِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ بِأَنَّ الرَّضِيعَ مُشَاهَدٌ يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ فَجَازَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ بِخِلَافِ السِّنِّ فَإِنَّهُ وَإِنْ فَرَضَ مُسَاوَاتِهَا لِسِنٍّ أُخْرَى لَكِنَّهُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ مِنْهُمَا، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِمَا الْمَسْتُورِ بِاللِّثَةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ مُسَاوَاتُهُمَا فِيهِ فَلَمْ يَجُزْ الْإِبْدَالُ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ.

(وَسُئِلَ) بِمَا صُورَتُهُ لَوْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>