للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا بِحَيْثُ لَوْ سَعَى إلَيْهِ لَفَاتَهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَيَتَيَمَّمُ، الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ فَيَزِيدُ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ، وَلَا يَخْرُجُ الْوَقْتُ قَبْلَ وُصُولِهِ فَيَتَيَمَّمُ أَيْضًا هَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ، وَأَمَّا الْمُقِيمُ فَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِالْقَضَاءِ لَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ سَعَى إلَى الْمَاءِ) انْتَهَتْ مُلَخَّصَةً.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِمْ: لَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ بِقُرْبِهِ مَا صُورَتُهَا؟ وَهَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قَدِيمَةً، وَالْغَالِبُ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهَا أَوْ لَا؟ وَيَكُونُ خَفَاؤُهَا يَجْعَلُهَا كَالْعَدَمِ أَوْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْحَائِلِ وَالْمَانِعِ كَالسَّبُعِ وَخَوْفِ الْوُقُوعِ لَوْ اسْتَقَى رَاكِبُ السَّفِينَةِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: صَوَّرَهَا فِي الشَّامِلِ بِأَنْ تَكُونَ بِبِسَاطٍ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا عَلَامَةَ عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمَةِ وَالْحَادِثَةِ، وَمَا الْغَالِبُ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهَا وَغَيْرِهَا لِأَنَّ مَلْحَظَ عَدَمِ الْإِعَادَةِ عَدَمُ تَقْصِيرِهِ، وَإِذَا كَانَتْ خَفِيَّةً كَمَا ذَكَرَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَقْصِيرٌ أَلْبَتَّةَ، فَتَكُونُ حِينَئِذٍ كَالْمَعْدُومَةِ كَرَحْلِ الْمَضْلُولِ فِي رِحَالٍ وَقَدْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْغَالِبَ وُجُودُهَا بِالطَّلَبِ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَقْصِيرٍ فِي الطَّلَبِ فَوَجَبَتْ الْإِعَادَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَفَعَ بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ - عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا تَيَمَّمَ وَكَانَ الْمَاءُ بِحَدِّ الْقُرْبِ مِنْهُ وَلَوْ سَعَى إلَيْهِ خَرَجَ الْوَقْتُ تَيَمَّمَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّيَمُّمُ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَمْ لَا فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي رَاكِبِ السَّفِينَةِ لَوْ خَافَ الْغَرَقَ لَوْ اسْتَقَى مِنْ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَذَكَرُوا أَنَّهُ مَتَى تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَمَا الْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ؟ أَهُوَ مَوْضِعُ الْغَوْثِ وَمَا حَوْلَهُ مِمَّا هُوَ بَعْدَ الْمَاءِ لَوْ قُدِّرَ وُجُودُهُ تَحْتَ حَوْزَتِهِ بِحَيْثُ يَسْهُلُ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ أَمْ هُوَ مُقَدَّرٌ بِحَدِّ الْقُرْبِ فَمَا دُونِهِ؟ فَإِنْ قُدِّرَ بِحَدِّ الْقُرْبِ وَقَدَّرْنَا وُجُودَهُ، وَكَانَ لَوْ سَعَى إلَيْهِ مِنْ مَحَلِّ الْقُرْبِ خَرَجَ الْوَقْتُ، هَلْ يُقَالُ الْقَضَاءُ حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا حَقِيقَةً أَمْ لَا يَجِبُ أَوْ يَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا؟

(فَأَجَابَ) - أَعَادَ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ عُلُومِهِ - بِأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْ بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَوَّلَ السُّؤَالِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ لَا فَمِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ قَوْلُهُمْ: وَمَنْ زُوحِمَ عَلَى بِئْرٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا إلَّا وَاحِدٌ، وَقَدْ تَنَاوَبَهَا جَمْعٌ وَعَلِمَ خُرُوجَ الْوَقْتِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ قَبْلَ انْتِهَاءِ النَّوْبَةِ إلَيْهِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ فِي الْحَالِ، وَجِنْسُ عُذْرِهِ غَيْرُ نَادِرٍ، وَإِنَّمَا لَمْ تُؤَثِّرْ الْقُدْرَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ وَعَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِيهِ مَعَ غَلَبَةِ ظَنِّ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ، وَكَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَوْ اشْتَغَلَ بِغَسْلِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَجِبُ انْتِظَارُهُ؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ هُنَا لَيْسَتْ فِي قَبْضَتِهِ، وَالثَّوْبَ ثَمَّ فِي قَبْضَتِهِ فَيَنْتَظِرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَتَوَضَّأُ أَوْ يَغْتَرِفُهُ مِنْ بِئْرٍ وَلَا مُزَاحِمَ لَهُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ، وَلَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ.

وَقَوْلُهُمْ: لَوْ ضَلَّ رَحْلُهُ فِي رِحَالٍ، وَفِيهِ الْمَاءُ وَأَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ أَوْ أُدْرِجَ الْمَاءُ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِبِئْرٍ خَفِيَّةٍ هُنَاكَ أَوْ ضَلَّ عَنْ الْقَافِلَةِ أَوْ الْمَاءِ أَوْ غُصِبَ رَحْلُهُ، وَفِيهِ الْمَاءُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ لِمَا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَسِيَ الْمَاءَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ الَّذِي يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ مِنْهُ أَوْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ لِوُجُودِ الْمَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَنِسْبَتُهُ فِي إهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى تَقْصِيرٍ.

وَقَوْلُهُمْ: يَحْرُمُ الطُّهْرُ بِالْمُسَبَّلِ وَالْمُودَعِ وَالْمَرْهُونِ وَالْمَغْصُوبِ، بَلْ يَجِبُ التَّيَمُّمُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَيَمَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>