للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَخْذُ الْبَدَلِ لَيْسَ عَقْدًا فَانْدَفَعَ قَوْلُهُ: إنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ فِي الرِّبَا ثَانِيهمَا كَوْنُهُ فَرَّقَ بَيْن اغْتِفَارِ الْجَهْلِ بِالْمِقْدَارِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِيمَةِ دُونَ أَخْذِ الْمِثْلِ وَهُوَ يُشْبِهُ التَّحَكُّمَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُحْتَاطُ لِإِلْزَامِ الْمِثْلِ كَذَلِكَ يُحْتَاطُ لِإِلْزَامِ الْقِيمَةِ فَكَيْفَ يُقَالُ حِينَئِذٍ بِوُجُوبِهَا عَلَى سَبِيلِ التَّخْمِينِ؟ عَلَى أَنَّهُ لَا تَخْمِينَ وَلَا تَعَذُّرَ فِي مَعْرِفَةِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْمِقْدَارِ خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يَقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا إذَا بَيَّنَ قَدْرَ مَا غُصِبَ مِنْهُ، ثُمَّ إنْ وَافَقَهُ الْغَاصِبُ عَلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ أُلْزِمَ بِإِعْطَائِهِ مِثْلَهُ، وَإِنْ ادَّعَى قَدْرًا أَنْقَصَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَلَزِمَ دَفْعُ مِثْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالثَّانِي أَنَّهُ قَدْ غَصَبَهُ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ الْحَاقَّةِ إلَيْهِ، وَيَكُونُ لَهُ قِيمَةٌ خَطِيرَةٌ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِحَاجَةِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ إلَى السَّقْيِ، فَإِذَا رَامَ رَدَّ مِثْلِهِ فِي حَالَةِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَافِهَةً أَوْ لَا قِيمَةَ لَهُ، كَمَا لَوْ رَدَّهُ فِي الشِّتَاءِ وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ فِي تَحْصِيلِهِ مِثْلَهُ فِي مَوْضِعِهِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ إضْرَارٌ بِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّ قَنَاتَهُ وَنَحْوَهَا مَلْآنَةٌ بِمَائِهِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْغَصْبِ مِنْ الدُّولَابِ لَا تَسَعُ لِغَيْرِهِ، فَلَوْ أَمَرَ بِرَدِّ ذَلِكَ إلَى مَوْضِعِهِ لَأَضَرَّ بِالْمَالِكِ وَالْمِلْكِ، فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ مِثْلِهِ هُنَاكَ لَوْ تَصَوَّرَ مَعْرِفَةَ مِقْدَارِهِ؟ وَإِذَا كَانَ كَمَا وَصَفْنَا فَلَيْسَ لِكَلَامِهِ مَأْخَذٌ صَحِيحٌ أَوْ مَأْخَذٌ اهـ. الْمَقْصُودُ مِنْهُ نَظَرٌ أَيْضًا لِمَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّ مِثْلِ الْمَاءِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ لَهَا وَقْعٌ دُونَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ أَوْ لَهُ قِيمَةٌ تَافِهَةٌ كَهِيَ عَلَى الشَّطِّ أَوْ أَعْلَى مِنْهَا بِقَلِيلٍ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَلَفِهِ إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ

وَهَذَا هُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَمَا مَرَّ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَ التَّلَفِ وَالرَّدِّ فَلَا نَظَرَ إلَى تَفَاوُتِ الْقِيمَتَيْنِ، بَلْ يَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ فَقَوْلُهُ فَإِذَا رَامَ رَدَّ مِثْلِهِ فِي حَالَةِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ إلَخْ لَا يَصْلُحُ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُمْ قَائِلُونَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِرَدِّ الْقِيمَةِ لَا الْمِثْلِ، كَمَا لَوْ غَصَبَ جَمْدًا فِي الصَّيْفِ ثُمَّ رَامَ رَدَّ مِثْلِهِ فِي الشِّتَاءِ، وَقَوْلُهُ وَأَيْضًا فَقَدْ يَكُونُ إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّ مَحِلَّ رَدِّ الْمِثْلِ هُنَا حَيْثُ طَالَبَهُ بِهِ الْمَالِكُ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِرَدِّهِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَنْ غَصَبَ تُرَابًا وَأَتْلَفَهُ وَأَرَادَ رَدَّ مِثْلِهِ مِنْ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ بِرَدِّهِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا مَرَّ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي لَمْ يَغْلِ مِثْلِيٌّ إلَّا فِي الْحَالَةِ السَّابِقَةِ، وَمَا نَقَلَهُ السَّائِلُ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا إلَخْ فَهُوَ لَا يُوَافِقُ قَوَاعِدَ مَذْهَبِنَا إلَّا إنْ فُرِضَ أَنَّهُ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ تَعْيِيبٌ بِأَخْذِ الْمَاءِ مِنْهَا فَيَجِبُ حِينَئِذٍ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَقَوْلُ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَمَا حَقِيقَةُ الْجَعْلِ إلَخْ جَوَابُهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ هَذَا الْجَوَابِ، وَتَفْسِيرُهُ الْجَعْلَ وَالسَّوْقَ بِمَا ذُكِرَ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْفُقَهَاءِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْوَاحِدَةُ بَعْضُهَا مُرْتَفِعٌ وَبَعْضُهَا مُنْخَفِضٌ وَلَوْ سُقِيَا مَعًا لَزَادَ الْمَاءُ فِي الْمُنْخَفِضَةِ عَلَى الْحَدِّ الْمُسْتَحَقِّ مَثَلًا أَفْرَدَ كُلَّ بَعْضٍ بِالسَّقْيِ مَثَلًا وَطَرِيقُهُ أَنْ يَسْقِيَ الْمُنْخَفِضَ ثُمَّ يَسُدُّهُ ثُمَّ يَسْقِيَ الْمُرْتَفِعَ مَثَلًا فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ لِاثْنَيْنِ وَتَضَرَّرَ الَّذِي يَتَأَخَّرُ سَقْيُهُ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ قِسْمَةُ الْمَاءِ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ شَرِيكٌ عَلَى شَرِيك أَمْ لَا؟ فَإِنْ قِيلَ يُفْرَدُ الْمُرْتَفِعُ بِحَاجِزٍ فَالْحَاجِزُ الَّذِي يَرُدُّ الْمَاءَ

هَلْ هُوَ عَلَيْهِمَا مَعًا أَوْ عَلَى أَيِّهِمَا؟ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ الْوَاحِدَةُ مُنْقَسِمَةً بَيْنَ جَمَاعَةٍ قِطَعًا مُتَفَرِّقَةً وَوَجَدْنَا عَلَيْهَا حَاجِزًا يَرُدُّ الْمَاءَ فَهَلْ الْمِلْكُ فِيهِ لِمَنْ يَلِي مِلْكَهُ مِنْهُمْ كَالْجِدَارِ الْمُتَّصِلِ بِمِلْكِهِ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِمَا حَصَلَ عَلَيْهِ مِنْ نَبَاتٍ وَحَشِيشٍ وَنَحْوِهِمَا أَمْ هُوَ لِلْجَمِيعِ بِانْتِفَاعِهِمْ بِرَدِّ الْمَاءِ إلَى أَمْلَاكِهِمْ وَحَبْسِهِ عَنْ الْخُرُوجِ عَنْهَا فَيَكُونُ حَرِيمًا لِهَذِهِ الْأَرْضِ؟ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ مُطَّرِدَةٌ فِي جِهَةِ السَّائِلِ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا بِيعَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ وَأَمْثَالِهَا أَنَّهُ يَحُطُّ هَذَا الْحَاجِزَ مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ بِعِوَضٍ وَكَذَا يَحُطُّونَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ بِسَبَبِ وُجُودِ شَجَرٍ فِيهَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ مَصَبِّ مَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَضْعُفُ بِسَبَبِهِ الْإِنْبَاتُ هَكَذَا اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِذَلِكَ فِي جِهَتِنَا.

فَهَلْ هَذِهِ الْعَادَةُ مُتَّبَعَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ إلَخْ أَخَذَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ كَانَتْ أَرْض الْأَعْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>