بَعْضُهَا مُرْتَفِعًا وَبَعْضُهَا مُنْخَفِضًا وَلَوْ سُقِيَا مَعًا لَزَادَ الْمَاءُ فِي الْمُنْخَفِضَةِ عَلَى الْحَدِّ الْمُسْتَحَقِّ أَفْرَدَ كُلَّ بَعْضٍ بِالسَّقْيِ بِمَا هُوَ طَرِيقُهُ قُلْتُ: طَرِيقُهُ أَنْ يَسْقِيَ الْمُنْخَفِضَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يَسُدَّهُ ثُمَّ يَسْقِيَ الْمُرْتَفِعَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ اهـ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا مَحِلُّهَا إنْ أَمْكَنَتْ وَإِلَّا حُبِسَ فِيهَا مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا لَوْ اعْتَدَلَتْ لَبَلَغَ الْكَعْبَيْنِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَعِبَارَتِهِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِ وَاحِدٍ أَرْضٌ بَعْضُهَا مُسْتَغَلٌّ وَبَعْضُهَا عَالٍ إنْ حُبِسَ الْمَاءُ فِيهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْعَالِي زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ فِي الْمُسْتَفَلِ، وَإِنْ حُبِسَ فِي الْمُسْتَفِلِ قَدْرُ الْكَعْبَيْنِ لَمْ يَبْلُغْ الْعَالِي فَلَا يُعْمَلُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ وَلَكِنْ نَحْبِسُ فِيهَا مِنْ الْمَاءِ بِقَدْرِ مَا لَوْ اعْتَدَلَتْ لَبَلَغَ الْكَعْبَيْنِ قُلْت: وَهَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ سَقَى الْمُسْتَفِلَةَ أَوَّلًا حَتَّى يَصِلَ إلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يَسُدُّ عَلَيْهَا وَيُرْسِلُهُ إلَى الْعَالِيَة، أَمَّا إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ تَعَيَّنَ فِعْلُهُ اهـ. وَعِبَارَةُ جَمْعٍ مِنْ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَكَأَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ سَقَى الْعَالِيَةَ أَوَّلًا حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يَسُدُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ وَيُرْسِلُهُ إلَى السَّافِلَةِ، فَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَعَيُّنُهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ، بَلْ حَيْثُ أَمْكَنَ سَقَى الْمُسْتَفِلَةَ أَوَّلًا أَوْ الْعَالِيَةَ أَوَّلًا كَمَا ذُكِرَ تَعَيَّنَ، وَقَوْلُ السَّائِلِ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ لِاثْنَيْنِ إلَخْ جَوَابُهُ أَنَّ أَرْضَيْهِمَا إنْ كَانَتَا تُسْقَيَانِ مِنْ مَاءٍ مُبَاحٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ أَرْضَاهُمَا مُتَحَاذِيَتَانِ أَوْ أَرَادَا شَقَّ النَّهْرِ مِنْ مَوْضِعَيْنِ مُتَحَاذِيَيْنِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَهَلْ يُقْرَعُ أَوْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُقَدِّمُ الْإِمَامُ مَنْ يَرَاهُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْعَبَّادِيُّ قُلْت: أَصَحُّهَا يُقْرَعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا أُحْيِيَا دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْكَلَامُ عِنْدَ ضِيقِ الْمَاءِ وَإِلَّا سَقَى كُلٌّ مِنْهُمْ مَتَى شَاءَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ أَرْضَاهُمَا تُسْقَى مِنْ مَاءٍ مَمْلُوكٍ لَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ هُنَا الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ سَقْيُهُمَا مَعًا وَلَا بِنَصْبِ خَشَبَةٍ مُسْتَوِيَةِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ فِي عُرْضِ النَّهْرِ وَيُفْتَحُ فِيهَا ثُقَبٌ مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا وَلَمْ يَرْضَيَا بِقِسْمَتِهِ بِالْمُهَايَأَةِ كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُ بِقِطْعَةٍ مِنْ أَوَّلِ الْأَرَاضِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي إذْ قُسِمَ أَمْكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ بِمَا يُصِيبُهُ مِنْ الْمَاءِ أُجِيبَ طَالِبُ الْقِسْمَةِ حِينَئِذٍ وَأَجْبَرَ صَاحِبَهُ عَلَيْهَا كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِسْمَتَهَا قِسْمَةُ إجْبَارٍ إذْ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْأَنْصِبَاءُ مُتَفَاوِتَةً إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهَا وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَجُوزُ فِي الرِّبَوِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ مَثَلًا وَمِنْ ثَمَّ جَازَتْ الْقِسْمَةُ فِيهَا بِالْمُهَايَأَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ بِقَوْلِهِمْ: وَإِنْ اقْتَسَمُوا الْمَاءَ بِالْمُهَايَأَةِ جَازَ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَاءُ قَلِيلًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا كَذَلِكَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ، وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ أَيْ: الْمَاءُ الْمَمْلُوكُ فَكَيْفَ يَنْقَدِحُ الْقَوْلُ بِالْقِسْمَةِ مُهَايَأَةً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ هَذَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ؟ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازُ حَقٍّ فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ وَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي كَلَامِهِمْ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ اهـ. وَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِمْ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَغْنَوْا بِذِكْرِهِمْ مَا يُصَرَّحُ بِحُكْمِهِ فِي الْقِسْمَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْته وَقَوْلُ السَّائِلِ: فَإِنْ قِيلَ يَنْفَرِدُ الْمُرْتَفِعُ إلَخْ جَوَابُهُ أَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْفَرِدَ الْمُرْتَفِعُ بِحَاجِزٍ كَمَا فِي الطَّرِيقِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَمْ يُحْتَجْ إلَى حَاجِزٍ وَحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِحَاجِزٍ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا
لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْعَائِدَةَ مِنْهُ لَا تَخْتَصُّ بِأَحَدِهِمَا، بَلْ هِيَ عَائِدَةٌ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى اسْتِيفَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَقَّهُ وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ سَقْيِ أَرْضِ أَحَدِهِمَا بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الْمَاءِ مَنَعَ النَّظَرَ إلَى هَذَا الْإِمْكَانِ وَصَيَّرَ أَرْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يُمْكِنُ سَقْيُهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْمُشْتَرَكِ إلَّا بِهَذَا الْحَاجِزِ فَاتَّضَحَ عَوْدُ مَنْفَعَتِهِ عَلَيْهِمَا، وَقَوْلُهُ فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ إلَخْ جَوَابُهُ أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَنَّ الْحَاجِزَ الْمَذْكُورَ وَمَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِجَمِيعِ أَرْبَابِ الْأَرَاضِي الَّتِي تَنْتَفِعُ بِهِ بِرَدِّ الْمَاءِ عَنْهَا فَقَدْ قَالُوا وَتَبِعَهُمْ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ تَنَازَعَ الشُّرَكَاءُ فِي النَّهْرِ فِي قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ جُعِلَ عَلَى قَدْرِ الْأَرَضِينَ عَلَى الْأَصَحِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute