للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَدُّهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، فَمَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ هَلْ يَغْرَمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ مَنْفَعَةَ أَرْضِ صَاحِبِهِ مُدَّةَ التَّعْطِيلِ إلَى أَنْ يُكْمِلَ الْإِصْلَاحَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كَمَا فِي هَدْمِ السَّقْفِ الْمُسْتَحَقِّ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ بِجَامِعِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمَا أَوْ لَا إذْ لَا تَعَدِّي مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَهَلْ رَدَّ الْحَاجِزَ مَنْ أَخْرَبَ السَّيْلُ مِلْكَهُ الْمُجَاوِرَ لِلْعَاجِزِ أَوْ عَلَيْهِمَا أَوْ عِمَارَةُ الْحَاجِزِ تَابِعَةٌ لِمِلْكِهِ فَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ فِيهِ لَهُمَا فَالْعِمَارَةُ عَلَيْهِمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ؟ أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ.

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ صَاحِبَ الْأَعْلَى الَّذِي أَخْرَبَهُ السَّيْلُ إذَا أَرَادَ إصْلَاحَهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَهُ كَمَا كَانَ فَإِذَا أَصْلَحَهُ وَبَقِيَ مُنْخَفِضًا لَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ كَأَنْ يَطِمَّهُ حَتَّى يَرْتَفِعَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَإِنْ تَعَذَّرَ وَقَفَ حَتَّى يَصْطَلِحَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إصْلَاحُ مِلْكِهِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ سَقْيُ مِلْكِ الْأَسْفَلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُجْبَرُ شَرِيكٌ عَلَى إعَادَةِ الْجِدَارِ أَوْ الْبَيْتِ الْمُشْتَرَكِ إذَا انْهَدَمَ وَلَوْ بِفِعْلِهِ كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى زَرْعِ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ يَتَضَرَّرُ أَيْضًا بِتَكْلِيفِهِ الْعِمَارَةَ، نَعَمْ يُجْبَرُ فِي الْأَرْضِ عَلَى إجَارَتِهَا وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي النَّهْرِ وَالْقَنَاةِ وَالْبِئْرِ الْمُشْتَرَكَةِ وَاِتِّخَاذِ سُتْرَةٍ بَيْنَ سَطْحَيْهِمَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَا يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى سَقْيِ النَّبَاتِ مِنْ شَجَرٍ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ الْحَوْزِيِّ يُجْبَرُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا ضَعِيفٌ وَصَرَّحُوا أَيْضًا بِنَظِيرِ مَسْأَلَتِنَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عُلُوُّ الدَّارِ لِوَاحِدٍ وَسُفْلُهَا لِآخَرَ وَانْهَدَمَتْ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ إجْبَارُ الثَّانِي عَلَى إعَادَةِ السُّفْلِ وَلَا لِلثَّانِي إجْبَارُ الْأَوَّلِ عَلَى مُعَاوَنَتِهِ فِي إعَادَتِهِ انْتَهَى، فَإِنْ قُلْتَ صَرَّحُوا هُنَاكَ أَيْضًا بِأَنَّ لِلشَّرِيكِ إعَادَةَ الْمُشْتَرَكِ بِآلَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ بِخِلَافِهِ بِآلَةِ شَرِيكِهِ أَوْ بِالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبِأَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ بِنَاءَ الْأَسْفَلِ بِمَا لَهُ، وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنَّ لِلْأَسْفَلِ إصْلَاحُ الْعُلْيَا إذَا تَوَقَّفَ وُصُولُهُ لِحَقِّهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قِيَاسُ الصُّورَةِ الْأُولَى ذَلِكَ، وَقَدْ يُومِئُ إلَيْهِ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ فَإِنْ قِيلَ: أَسَاسُ الْجِدَارِ بَيْنَهُمَا فَكَيْفَ جَوَّزْتُمْ لَهُ بِنَاءَهُ بِآلَتِهِ وَأَنْ يَنْفَرِدَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ قُلْنَا: لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَمْلِ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ الْإِعَادَةُ اهـ.

وَكَذَا يُقَالُ فِي مَسْأَلَتِنَا لَهُ حَقُّ الْإِجْرَاءِ فِي الْعُلْيَا فَإِذَا امْتَنَعَ صَاحِبُهَا مِنْ إصْلَاحِهَا كَانَ لِلْأَسْفَلِ إصْلَاحُهَا حَتَّى يَصِلَ إلَى حَقِّهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَمَسْأَلَةِ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ بِأَنَّ الشَّرِيكَ مَالِكٌ لِلْبَعْضِ وَلَهُ حَقُّ الْحَمْلِ عَلَى الْمُنْهَدِمِ فَسَاغَتْ لَهُ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ الْأَسْفَلِ هُنَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَعْنِي قَوْلَهُمْ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ بِنَاءُ الْأَسْفَلِ بِمَا لَهُ فَقِيَاسُهَا أَنَّ لِلْأَسْفَلِ هُنَا الْإِصْلَاحَ أَيْضًا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْ صَاحِبِ الْعُلُوِّ هُنَا وَالسُّفْلِ ثَمَّ لَيْسَ مَالِكًا لِشَيْءٍ مِمَّا بَنَى فِيهِ فَكَمَا سَامَحُوا لِلْأَعْلَى فِي ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ مِلْكِهِ لِلْعَرْصَةِ الْمَبْنِيِّ فِيهَا وَلَا لِشَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يَصِلَ لِحَقِّهِ وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى مَا بَنَاهُ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يُسَامَحَ هُنَا لِذِي السُّفْلَى فِي إصْلَاحِ الْعُلْيَا حَتَّى يَجْرِيَ مِنْهَا إلَى أَرْضِهِ، وَإِذَا انْخَفَضَتْ السُّفْلَى وَلَمْ يَسْتَقِرَّ الْمَاءُ فِي الْعُلْيَا إلَّا بَعْدَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَلْزَمْ مَالِكُ السُّفْلَى ذَلِكَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، نَعَمْ إنْ أَرَادَ إصْلَاحَهَا أَلْزَمَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَمْرُ يَصْطَلِحَا.

وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلْيَا إصْلَاحَ السُّفْلَى الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ سَقْيُ أَرْضِهِ لِيَصِل إلَى حَقِّهِ، وَإِذَا انْخَفَضَ الْحَاجِزُ الَّذِي يَرُدُّ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ مُخْتَصًّا بِأَرْضِ أَحَدِهِمَا فَإِصْلَاحُهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ فَعَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَرْضَيْهِمَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى إصْلَاحِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ أَحَدُهُمَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ إذَا هَدَمَهُ أَحَدُهُمَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ إعَادَتِهِ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَشْبِيهِ السَّائِلِ لَهُ بِالسَّقْفِ الَّذِي ذَكَرَهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُ الْأَسْفَلِ الْإِجْرَاءَ فِي مِلْكِ الْأَعْلَى بِعَقْدِ بَيْعٍ وَأَخْرَبَ الْأَعْلَى مَحِلَّ الْإِجْرَاءِ غَرِمَ لِلْأَسْفَلِ قِيمَةَ حَقِّ الْإِجْرَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لِلْفُرْقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِمَا فَعَلَهُ حَتَّى إذَا أُعِيدَ مَحِلُّ الْإِجْرَاءِ أُعِيدَ الْإِجْرَاءُ وَرَدَّ الْقِيمَةَ لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ غُرْمِ الْقِيمَةِ مَبْنِيٌّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَلَى أَنَّ مَنْ هَدَمَ جِدَارَ الْغَيْرِ يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ لَا إعَادَةُ الْجِدَارِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْهَادِمُ هُوَ الْمَالِكَ أَوْ غَيْرَهُ خِلَافًا لِمَا صَوَّبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>