للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَاءُ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ ثَمَّ مَعَ بَيَانِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَإِذَا فُرِضَ أَنَّهُ أَصْلَحَهُ عَادَ حَقُّ الْأَوَّلِ بِحَالِهِ وَصَارَ مُقَدَّمًا عَلَى مَنْ بَعْدَهُ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ فِي الْفَائِدَةِ الْمَذْكُورَةِ آخِرَ الْجَوَابِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَلَدٍ أَنَّ الْأَوَّلَ يَسُدُّ الْمَاءَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ بِتُرَابٍ مَعْلُومٍ أَوْ حَجَرٍ مَعْدُودٍ أَوْ بِخَشَبٍ أَوْ سَعَفِ نَخْلٍ هَلْ هَذِهِ الْعَادَةُ لَازِمَةٌ مُتَّبَعَةٌ مَعَ عَدَمِ انْضِبَاطِهَا، وَإِنْ اطَّرَدَتْ أَمْ لَا؟ مَعَ أَنَّهُ لَا خَفَاءَ أَنَّ التُّرَابَ يَسُدُّ جَمِيعَ الْمَاءِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَى الْأَسْفَلِ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ بَعْدَهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا خَفَاءَ أَنَّ الْحَقَّ لِلْأَوَّلِ فَيَسُدُّ إلَى تَمَامِ حَاجَتِهِ عَمَّنْ بَعْدَهُ بِمَا شَاءَ مِنْ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ، نَعَمْ إنْ اُعْتِيدَ السَّدُّ بِشَيْءٍ يَنْزِلُ مِنْ خِلَالِهِ شَيْءٌ إلَى شَيْءٍ إلَى أَرْضِ مَنْ بَعْدَهُ وَكَانَ فِي ذَلِكَ نَفْعٌ لَهَا بِمَا يَصِلُهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْقَلِيلِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهَا الْمَاءُ الْكَثِيرُ وَاطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَسُدَّ بِذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّدُّ بِمَا يَمْنَعُ أَكْثَرَ مِمَّا اُعْتِيدَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسُدَّ بِمَا يَمْنَعُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) فِي أَرْضَيْنِ مُسْتَوِيَتَيْنِ أَوْ عُلْيَا وَسُفْلَى بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ هَلْ الْيَدُ فِيهِ لِمَالِكَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْعُلْيَا؟ وَكَلَامُهُمْ فِي الْمِيَاه يَقْتَضِي الْأَوَّلَ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَجَرٌ كَنَخِيلٍ هَلْ يَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الشَّجَرِ دُونَهُمَا أَوْ بِبَعْضٍ مِنْهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ مَبْسُوطًا أَوَاخِرَ الْجَوَابِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْيَدَ فِي الْحَاجِزِ الْمَذْكُورِ لِمُلَّاكِ الْأَرْضَيْنِ وَأَنَّ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ لَهُمْ أَيْضًا وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمْ، نَعَمْ إنْ كَانَ شَجَرٌ لِغَيْرِهِمْ فَالْيَدُ فِيهِ لِمَالِك الشَّجَرِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الشَّجَرِ عَلَى مِلْكِ مُغْرِسِهِ لِمَالِكِهِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ انْتِفَاعِ الْأَرَاضِي بِهِ مِنْ حَيْثُ حَبْسُهُ لِلْمَاءِ حَتَّى يَعُمَّهَا وَيَسْقِيهَا عَلَى مِلْكِ مَالِكَيْهَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ مُتَّصِلٌ بِهِ وَثَابِتٌ، وَالثَّانِي مُجَرَّدُ انْتِفَاعٍ وَهُوَ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ.

وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِمَالِكِهِ فَإِنْ قُلْت يُحْتَمَلُ أَنَّ النَّخْلَ كَانَ لَهُمْ وَبَاعُوهُ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَلْعِ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ اسْتِحْقَاقُهُ مَنْفَعَةَ الْمُغْرَسِ مَا بَقِيَ الشَّجَرُ فِيهِ قُلْت لَا نَظَرَ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّ الْأَرْضَ لِصَاحِبِ النَّخْلِ، وَإِنَّمَا سَاقِيَاهُ عَلَى تِلْكَ الْأَرَاضِي وَيَكُونُ مَالِكُهَا أَذِنَ لَهُمْ فِي جَعْلِهَا حَاجِزًا لِمِيَاهِهِمْ فَلَمَّا تَعَارَضَ الِاحْتِمَالَانِ قَدَّمْنَا الْأَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَهُوَ النَّخْلُ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُمْ وَإِلَّا قُدِّمَ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِمِلْكِهِ، وَلِأَصْحَابِ الْأَرْضِ تَحْلِيفُ صَاحِبِ النَّخْلِ أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الْحَاجِزُ هُوَ مَغَارِسُ النَّخْلِ، أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ الْمَغَارِسِ فَيَكُونُ هُوَ لِمُلَّاكِ الْأَرْضِ وَتَكُونُ هِيَ لِمَالِك الشَّجَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) لَوْ ادَّعَى جَمَاعَةٌ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الشُّرْبَ مِنْ أَرْضِهِ لِأَرْضِهِمْ أَوْ شَجَرِهِمْ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِمْ فَحَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إفْرَادُ نَصِيبِ الْحَالِفِ بِالسَّقْيِ فَمَا حُكْمُ ذَلِكَ؟ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَوْا اسْتِحْقَاقَ الشُّرْبِ مِنْ نَهْرِهِ لِأَرْضِهِمْ وَاقْتَضَى الْحَالُ تَحْلِيفَ بَعْضِهِمْ وَنُكُولَ بَعْضٍ فَهَلْ يُفَوَّتُ حَقُّ الْحَالِفِ حَذَرًا مِنْ اسْتِحْقَاقِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ بِيَمِينِ غَيْرِهِ أَوْ يُرْسَلُ لِلْحَالِفِ بِمِقْدَارِ نَصِيبِهِ مِنْ الشُّرْبِ فَقَطْ؟ .

وَإِنْ أَدَّى إلَى أَنْ يَسْقِيَ بِذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُرْسَلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ وَفِي فَتَاوَى الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ جِهَةِ السَّائِلِ كَلَامٌ ظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُدَّعِينَ لِاسْتِحْقَاقِ الشُّرْبِ إمَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضُهُمْ وَاحِدَةً وَهُمْ مُشْتَرِكُونَ فِيهَا عَلَى الْإِشَاعَةِ، أَوْ مُتَعَدِّدَةً مُتَمَايِزٌ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَتَعَذَّرَ سَقْيُ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ظَاهِرٌ بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى كُلٍّ فَمَنْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ جَاحِدِ اسْتِحْقَاقِ الشُّرْبِ مِنْ أَرْضِهِ أَوْ نَهْرِهِ اسْتَحَقَّ نَصِيبَ شُرْبِ أَرْضِهِ مِنْ أَرْضِ النَّاكِلِ أَوْ نَهْرِهِ ثُمَّ إنْ قُسِمَتْ الْمُشْتَرَكَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَأَمْكَنَ سَقْيُ نَصِيبِهِ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يُقَسَّمْ أَوْ فُرِضَ عَلَى بُعْدِ عَدَمِ سَقْيِ أَرْضِهِ أَوْ شَجَرِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ، بَلْ إذَا طَلَبَهُ أَرْسَلَ لَهُ بِقَدْرِهِ وَلَا نَظَرَ لِعَوْدِ نَفْعِهِ عَلَى غَيْرِهِ إذَا رَضِيَ هُوَ بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْت

<<  <  ج: ص:  >  >>