للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الرَّوْضَةِ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَاءِ وَسَقَى بِهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْ هَذَا النَّهْرِ مُنِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لَهَا شُرْبًا لَمْ يَكُنْ قُلْت كَلَامُ الرَّوْضَةِ إنَّمَا هُوَ كَمَا تَرَى فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ وَيَسْقِي بِهِ أَرْضًا لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا لَمْ يُرِدْ سَقْيَ أَرْضِ شَرِيكِهِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ سَقْيَ أَرْضِ نَفْسِهِ الَّتِي ثَبَتَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ لَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِسَقْيِ أَرْضِ شَرِيكِهِ أَوْ جَارِهِ إنْ فُرِضَ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَوِّتَ عَلَيْهِ حَقَّهُ مَعَ عُذْرِهِ بِخِلَافِ مَا فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ سَقْيِ أَرْضِهِ الَّتِي لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ فَإِذَا أَرَادَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ الَّذِي لَهَا وَيَصْرِفَهُ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مُنِعَ مِنْهُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ مِنْ أَنَّ مَحِلَّ الْمَنْعِ مَا إذَا سَاقَ الْمَاءَ إلَى الْأَرْضِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ ابْتِدَاءً

أَمَّا لَوْ سَاقَهُ إلَى أَرْضِهِ الْمُسْتَحِقَّةِ لِلشُّرْبِ ثُمَّ نَقَلَهُ مِنْهَا إلَى أُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي مَبْحَثِ قِسْمَةِ الْمَاءِ، وَيَسُوقُ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ فِي سَاقِيَتِهِ إلَى أَرْضِهِ وَلَهُ أَنْ يُدِيرَ رَحًى بِمَا صَارَ لَهُ اهـ. فَدَلَّ كَلَامُهُمَا عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُدِيرَ بِهِ الرَّحَى وَلَوْ فِي أَرْضٍ أُخْرَى لَهُ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ فَلَأَنْ يَجُوزَ لَهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ الْأُخْرَى الَّتِي يُدِيرُ الرَّحَى فِيهَا هُنَا مُنْفَرِدَةٌ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْإِدَارَةِ فِيهَا بِخِلَافِ سَقْيِ أَرْضِ الشَّرِيكِ أَوْ الْجَارِ مِنْ نَصِيبِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ لِتَوَقُّفِ سَقْيِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْت: قَيَّدَ الْمَحَامِلِيُّ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِمَا إذَا كَانَ يُدِيرُهَا فِي أَرْضِهِ الَّتِي لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ مِنْهُ قُلْت كَلَامُهُمَا لَا يَقْتَضِي هَذَا التَّقْيِيدَ فَيَحْتَمِلُ اعْتِمَادَ إطْلَاقِهِمَا وَيَحْتَمِلُ الْأَخْذَ بِقَضِيَّةِ التَّقْيِيدِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي مَا قُلْنَاهُ لِمَا عَلِمْته مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا مِنْ أَنَّ هَذَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرَهُ فِيهَا هَلْ هُوَ فِي النَّهْرِ الْمُبَاحِ أَوْ الْمَمْلُوكِ؟ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ فِي الْمَمْلُوكِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيُّ، وَإِنْ كَانَ الشُّرْبُ فِي نَهْرٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ فَأَرَادَ أَنْ يُنْقَلَ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إذَا لَمْ يُضَيِّقْ الْمَاءَ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَسْبَقُ وَتَنْظِيرُ الْأَذْرَعِيِّ فِيهِ فِي قُوَّتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يَضِيقُ الْآن وَيَضِيقُ فِيمَا بَعْدُ فَيَثْبُتُ لَهُ عَلَى طُولِ الْأَمَدِ شُرْبٌ فِيهِ لَا أَصْلَ لَهُ يُرَدُّ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي النَّهْرِ الْمُبَاحِ: وَلَوْ أَرَادَ رَجُلٌ إحْيَاءَ مَوَاتٍ وَسَقْيَهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى السَّابِقِينَ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا أَرْضَهُمْ بِمَرَافِقِهَا وَالْمَاءُ مِنْ أَعْظَمِ مَرَافِقِهَا وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ وَسَلَكَ فِي تَوَسُّطِهِ طَرِيقَةً أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْمَنْعِ مَحِلُّهُ إذَا قُلْنَا إنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْمَاءَ وَمَا فِي غَيْرِهَا كَالْكَافِي وَجَرَى عَلَيْهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ الْمَنْعِ فِي صُورَةِ الرَّوْضَةِ مَحِلُّهُ مَا إذَا كَانَ الْمَاءُ مَمْلُوكًا لَهُمْ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ إفْرَازِهِ مَا شَاءَ

وَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ أُجْبِرُوا عَلَيْهِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ ضَعِيفَةٌ؛ لِأَنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ يَرُدُّهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مَحِلَّ الْمَنْعِ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي أَرْضٍ يُجْعَلُ لَهَا رَسْمُ شُرْبٍ وَهُوَ أَعْلَى السَّاقِيَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ حَقِّ التَّقْدِيمِ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي أَسْفَلِهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهَا أَرْضٌ لَهَا حَقُّ شُرْبٍ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ لَا يُعَطِّلُ عَلَى غَيْرِهِ حَقًّا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا حَقٌّ عِنْدَ تَقَادُمِ الْعَهْدِ لَمْ يَكُنْ اسْتِدْلَالًا بِظَاهِرِ الْحَالِ عِنْدَ انْطِوَاءِ مَعْرِفَةِ أَصْلِ ذَلِكَ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فَبَحْثُ ابْنِ الرِّفْعَةِ ضَعِيفٌ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ: لَوْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الْحَفْرِ اشْتَرَكُوا فِي الْمِلْكِ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمْ ثُمَّ لَهُمْ قِسْمَةُ الْمَاءِ بِنَصْبِ خَشَبَةٍ مُسْتَوِيَةِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ فِي عُرْضِ النَّهْرِ وَيُفْتَحُ فِيهَا ثُقَبٌ مُتَسَاوِيَة أَوْ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ هَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْبَارِ إذْ لَا يَسْتَوِي النَّصِيبُ مِنْ الْمَاءِ إلَّا بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَقُومُ الْبِنَاءُ بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ مَقَامَ الْخَشَبَةِ أَمْ لَا؟ .

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ تَنَازَعَ الشُّرَكَاءُ فِي قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ هَلْ يُجْعَلُ عَلَى قَدْرِ الْأَرَضِينِ أَمْ لَا؟ وَصَحَّحَ الْأَوَّلُ هَلْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قَوَاسِمُ لِلْمَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ فَهَلْ تَدُلُّ عَلَى الْيَدِ أَمْ لَا؟ فَلَوْ وَجَدْنَا الثُّقَبَ مُتَسَاوِيَةً مَعَ تَفَاوُتِ الْأَرْضِينَ أَوْ بِالْعَكْسِ وَذَلِكَ هُوَ مَعَ جَهْلِنَا بِمِلْكِ النَّهْرِ فِي الْأَصْلِ، وَلَكِنْ وَجَدْنَا عَمَلَ أَهْلِهِ الْآنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>